دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

إياد المجالي: العلاقات الأمريكية التركية في عهد بايدن ستتوتر كثيراً.. وسياسات أردوغان كانت عائقاً أمام العلاقات بين البلدين

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يشدد محللون سياسيون أن شكل العلاقات الأمريكية التركية ستكون مختلفة تماماً للنهج الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع وصول بايدن للبيت الأبيض، مشيرين إلى موقف أمريكي أوروبي موحد للوقوف بصرامة أمام المشاريع التركية لإعادة “أمجاد الامبراطورية العثمانية” والتمدد في دول المنطقة ومنها سوريا.

ولفتت تلك الأوساط إلى أن الرئيس التركي سلك مسارات سياسية متطرفة وجريئة  تناقض المصالح الأمريكية وتسعى لتحجيم دور واشنطن في المنطقة، ما يؤكد أن إدارة بايدن ستقف مع الكونغرس المعادي للسياسة التركية بوجه مساعي الرئيس التركي في التدخل بدول الجوار التركي.

تساؤلات عدة طرحتها شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، على الباحث السياسي والخبير في العلاقات الدولي الدكتور إياد المجالي، حول شكل العلاقات بين أنقرة وواشنطن في عهد بايدن، والدور الأمريكي في الوقوف بوجه السياسات التركية في المنطقة، والاستغلال الروسي لهذه الخلافات.

وفيما يلي النص الكامل لحوار “أوغاريت بوست” مع الخبير في العلاقات الدولية الدكتور إياد المجالي:

 

قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، كيف ستكون العلاقات الأمريكية التركية ؟

شكل العلاقات التركية مع الإدارة الأمريكية الجديدة، تبدو المؤشرات الموضوعية لتوجهات الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس جو بايدن تتجه نحو تكتيك جديد ومختلف عن مسارات الرئيس دونالد ترامب التعامل والتعاطي مع مختلف القضايا في المنطقة والملفات الداخلية على مستوى الولايات المتحدة الأمريكية.

تركيا إحدى أهم القوى الإقليمية التي تخضع لاهتمام الإدارة الأمريكية، واعتقد أن المشهد السياسي يشي بتحول عميق بطريقة تعاطي التيار الديمقراطي الأمريكي الجديد عقب وصوله لإدارة البيت الأبيض، فالمشهد مع كافة الأطراف الدوليين والإقليميين وعلى رأسهم الجانب التركي واضح أنه هناك مشهد جديد للرئيس جو بايدن، خاصة وأن له مواقف متشددة من التيار السياسي الحاكم في أنقرة، وسبق واتهمه بالمستبد، وهذا الشكل من التغيير يعد تحدياً كبيراً أمام الطرفين، خصوصاً أمام المصالح المشتركة والقائمة بينهما و أيضاً تحدياً لتوجهات وطموحات الطرفين في مختلف القضايا الإقليمية. هذا يشي بشكل واضح بأن المتغيرات القادمة تتجه نحو أزمات مركبة في شكل العلاقة الأمريكية التركية وداخل حلف الناتو، رغم تصريحات تركيا رسمية مؤكدة لرغبة النظام السياسي في أنقرة على التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة.

بدأت التوترات تظهر بين إدارة الرئيس ترامب مع تركيا، هل تتوقعون فتح واشنطن لدفتر الحسابات التركية وعقابها على سياساتها الخارجية ؟

اعتقد أن المشهد كما سبق وتحدثت مقبل على تحول عميق ويمكن أن يفتح المجال أمام الإدارة الأمريكية في واشنطن إلى إعادة قراءة حساباتها المستقبلية مع الأتراك، وعقابها على سياساتها الخارجية، خاصة وأن الرئيس أردوغان دفع منذ توليه السلطة السياسية في تركيا، باتخاذ مسارات سياسية متطرفة و جريئة على الصعيد الداخلي والخارجي وحاول من خلالها من أن يقلل من دور الولايات المتحدة في تأثيرها على هذه السياسيات، وشدد في خطابه المعلن للرأي العام أن الولايات المتحدة تدعم أعداء تركيا وتحديداً حزب العمال الكردستاني و جماعة فتح الله غولن، وتبرر أنقرة في هذا الخطاب على الدوام أن حربها على الإرهاب يواجه تحديات كبيرة، أخطرها محاولات الولايات المتحدة الأمريكية في إضعاف قدرة أنقرة في اتخاذ خطوات تتخذها لحل أزمات المنطقة و أن الولايات المتحدة الأمريكية تعطل المبادرات التركية لمعالجة مختلف القضايا والملفات الشائكة في المنطقة أبرزها تقاطع العلاقة مع الأكراد في سوريا و قضية الخلاف الرئيسية مع فتح الله غولن والمقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، إذا كل أولويات أردوغان السياسية كانت عائق وتحدي عميق أمام علاقات متوازنة مع الأمريكان والاتحاد الأوروبي، خاصة و أن مسارات أردوغان في تفعيل مصالح وأهداف حزب العدالة والتنمية دفعت بالخلافات والتقاطع مع جميع أطراف المجتمع الدولي لمزيد من التوتر والتأزيم.

في أعقاب فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن كان هذا التغيير يفضي إلى تحول عميق في تعاطي الإدارة الأمريكية مع مختلف نقاط التقاطع والتوافق الأمريكية التركية. تركيا باتت في المشهد أكثر وضوحاً و مكشوفة أمام مجلس الكونغرس الأمريكي الذي  يكن لها العداء الشديد؛ مجموعة من هؤلاء الذين يتخذوا من تركيا عدواً مباشراً ومشككين أيضاً في ممارساتها وأهدافها السياسية في المنطقة. إذا قد تشهد العلاقات التركية الأمريكية تدهوراً كبيراً و سيعرضها لأوضاع سياسية واقتصادية هي أشبه بالأزمات المركبة التي ستفرضها ضغوط الإدارة الأمريكية الجديدة المتوقعة بعد كشف الحساب بالمجمل على سياسات الأمريكية.

السياسة التركية في سوريا وليبيا وإقليم آرتساخ/كاراباخ لم تعجب أوروبا وأمريكا، هل تتوقعون استراتيجية رادعة لانقرة بوصول بايدن لسدة الحكم ؟

مع تزايد بؤر التصعيد التي تشهدها سوريا وليبيا وشمال العراق وأرمينيا، يفضل التدخل التركي وممارسات نظامه الحاكم بأحلامه لمزيد من التمدد والتوسع وإعادة أمجاد الامبراطورية العثمانية في المنطقة، فهي نقاط ذات أهمية استراتيجية لقوة كبرى، نفس الأهداف التي يتحرك باتجاهها أردوغان في المنطقة هي نقاط ذات رؤى سياسية مهمة في استراتيجية الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتشكل أهداف استراتيجية لها وتصطدم هذه المساعي التركية بشكل مباشر مع رغبات واستراتيجيات دول موجودة في المنطقة ولها أطماع ومصالح فيها.

مبررات تدخل الأتراك في هذه المناطق يأتي في سياق التوتر والتصعيد على كافة المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية، لأنها بشكل أو بآخر تعرقل مشاريع هذه القوى في المنطقة، خاصة في تدخل أنقرة بشكل مباشر في أغلب التناقضات العربية والإقليمية في المنطقة وحوض المتوسط  تحديداً، هذا يدفع باتجاه تنامي تيار سياسي أوروبي أمريكي لاتخاذ شكل جديد من العلاقات التركية مع هذه القوى يشي بفتور وتوقف التبرير لإرادة أردوغان وممارساته وتبني الأمريكان والأوروبيين مع بعضهم سياسة رادعة لتحجيم أطماع الأتراك فيها.

هل يمكن لروسيا أن تستغل توتر العلاقات بين تركيا والدول الغربية وتقوم بالمزيد من التقارب مع أنقرة ؟

لا شك أن تصاعد نسق التعاون المشترك التركي الروسي تحديداً منذ 2016، يمثل مشهد جديد رغم أن هذه العلاقات اتسمت بالتعقيد والتناقض في العديد من المصالح بين الطرفين، ما شهدته من توتر في أعقاب زمنية متعددة كان لها متغيراتها ومبرراتها ومسوغاتها، هذه الملفات القائمة اعتقد أنها جاءت متأثرة بأزمات سياسية واقتصادية ومسارات استراتيجية لأطراف دولية عديدة في المنطقة وبملفات تشترك فيها مصالح الروس والأتراك، واعتقد حتى أنها تحدد مصير هذه الملفات مستقبلاً.

الروس في شكل العلاقة التركية الأمريكية المتوترة تحاول أن تضبط إيقاعها وتحدد مصالحها المشتركة ضمن مؤشرات تخدم أهداف الروس رغم أن المشهد يعكس هواجس أمنية روسية حول الملف السوري وحوض شرق المتوسط، وتحاول أن تعرقل كل مشاريع أردوغان في التمدد في ليبيا وأرمينيا وشمال شرق سوريا، هذا المتغير اعتقد أنه يحدد شكل العلاقة الروسية التركية و تستثمر ويوظف عملية وحالة التوتر التركية الأمريكية على مختلف القضايا القائمة.

حوار: ربى نجار