أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كان واضحاً عدم تأثير التطبيع العربي مع سوريا على الأوضاع في البلاد، سواءً الاقتصادية والسياسية والعسكرية، حيث أن العرب ربطوا التطبيع بشكل يكون له تأثير على الملف السوري من كل النواحي ببعض النقاط التي يجب على دمشق الالتزام بها.
ومن النقاط أو ما تم وصفه “بالشروط العربية”، “مكافحة تجارة المخدرات العابرة للحدود إضافة للدور الإيراني في سوريا والحل السياسي وفق المبادرة الأردنية أو ما سميت بخطوة مقابل خطوة التي تتوافق مع القرار الأممي 2254”.
هل صدق الغرب وخاب العرب ؟
كسر عزلة دمشق عربياً وإقليميأً بدأت مع كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب شمال البلاد في شباط/فبراير 2023، فيما ترجم فك العزلة هذه إلى موجة من عودة العلاقات العربية مع دمشق، تلاها استعادة الأخيرة لمقعدها في جامعة الدول العربية ولاحقاً مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية في الرياض لأول مرة منذ 2011.
حينها نددت الدول الغربية بالتطبيع العربي مع الأسد، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن عودة العرب إلى الملف السوري قد يكون مفيداً للحل السياسي فيها. وكأن واشنطن أعطت العرب فرصة لا ثانية لها بشأن معرفة نوايا دمشق الحقيقية حول الحل السياسي ومكافحة تجارة المخدرات العابرة للحدود إضافة للدور الإيراني في البلاد، وقلق دول الجوار وخاصة الأردن، من وجود مجموعات مسلحة موالية لطهران بالقرب من حدودها الشمالية.
7 أشهر من التطبيع.. ماذا تغير ؟
وبعد 7 أشهر من أولى الخطوات العربية للتطبيع مع دمشق، بدأ الحديث عن إيقاف الدول العربية أوقفت أعمال اللجنة الوزارية المسؤولة عن ملف التطبيع مع الحكومة السورية ومكافحة تجارة المخدرات العابرة للحدود، وذلك “لعدم التزام وجدية دمشق”.
وفي هذا السياق أفادت تقارير إعلامية نقلاً عن مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بابرا ليف، بأن هناك “إحباط عربي” من الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد، واعتبرت أن التطبيع الأخير بين العرب ودمشق لن يؤتي بأي تغيير على سوريا.
وأضافت خلال فعالية قمة المونيتور / سيمافور في مدينة نيويورك، إن “النظام السوري يصدّر عدم الاستقرار إلى دول العالم، ولا سيما عبر تجارة الكبتاغون”، وأضافت المسؤولة الأمريكية أنهم يسمعون من “الشركاء” العرب الكثير من الإحباط بأن الأسد لم يقدم أي شيء لهم رغم التطبيع وإعادته لجامعة الدول العربية.
“التطبيع مع الأسد لن يؤتي بأي تغيير في سوريا”
وأشارت الدبلوماسية الأميركية إلى أن الإدارة الأميركية تختلف في المقاربات مع الدول العربية بشأن الأزمة في سوريا، مشددة على أن “التطبيع مع بشار الأسد لن يؤتي بأي نوع من التغيير في سوريا”.
ودائماً ما كانت الولايات المتحدة تقول أنها تتواصل مع شركائها العرب بخصوص التطبيع مع الأسد، وفي هذا الصدد قالت المسؤولة الأمريكية “نحن في حوار منتظم مع شركائنا العرب حول جهودهم بشأن الحل في سوريا”، ودعت إلى ما وصفتها “بمحاسبة الأسد عن المختفين قسرياً في سجونه منذ عقد”.
“الملك الأردني يشكك بسيطرة الأسد على سوريا”
وسبق أن شكك الملك الأردني عبد الله في “سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على سوريا” وقال “أعتقد أن بشار لا يريد أن يحدث ذلك، ولا يريد صراعاً مع الأردن. لكن لا أعرف مدى سيطرته”، وذلك خلال حديثه ضمن الفعالية ذاتها التي تحدثت فيها مساعدة وزير الخارجية الأمريكية بابرا ليف.
وأضاف الملك الأردني أن المشكلة الكبرى التي تواجههم في سوريا هي “تجارة وتهريب المخدرات والأسلحة من سوريا إلى الأردن”.
وكان ملحوظاً في الفترة الماضية تباطؤ خطوات التطبيع بين دمشق والدول العربية، وذلك بعد ما وصف “بموجة عودة العلاقات بين سوريا والعرب”.
لماذا تريث العرب في التطبيع الكامل مع دمشق ؟
وسبق أن كشف مصدر دبلوماسي عربي، أن سبب تريث السعودية في استعادة كامل العلاقات الدبلوماسية مع دمشق يعود إلى “عدم حدوث أي تقدم في مسألة المباحثات المتعلقة بانسحاب حزب الله اللبناني من سوريا واندماجه داخل مؤسسات الدولة في لبنان، حيث كانت السعودية تحرض على إنهاء نشاط الحزب العابر للحدود والذي يضر بالمصالح السعودية في كل من اليمن وسوريا.
كما تؤكد مصادر دبلوماسية عربية أن دمشق لم توافق على القيام بأي خطوة على صعيد تحسين الوضع الإنساني في سوريا، بما في ذلك إطلاق سراح دفعات من المعتقلين، والتعاون مع المنظمات الدولية للكشف عن مصير بعض المفقودين خاصة الناشطين السياسيين، الأمر الذي صعب من إمكانية إعلان الرياض عودة العلاقات بشكل كامل مع دمشق رغم عدم استجابته للمحددات التي وضعها لقاء عمان التشاوري في أيار من العام الجاري.
“توبيخ وتعليق عمل اللجنة الخماسية العربية”
كما أن تقارير إعلامية أخرى كشفت قبل أيام عن “توبيخ” للوفد السوري المشارك في اجتماع اللجنة الخماسية العربية بشأن سوريا، حيث أن الأجواء كانت مشحونة بين وزراء خارجية الدول المشاركة، حيث أن التوبيخ جاء من قبل وزير الخارجية المصرية سامح شكري، لنظيره السوري فيصل المقداد، وذلك بعد مطالبة دمشق بورقة تحمل برنامج عمل يتوافق مع المبادرة الأردنية.
وبحسب المصادر التي تحدثت في وقتها، فأن المقداد رد على مطلب وزراء خارجية الدول العربية، بأنهم بذلك “يتنازلون للدول الغربية” ما دفع بالوزير الأردني للعب دور “الاطفائي” بمساعدة من نظيره السعودي.
إعداد: رشا إسماعيل