أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – أطلقت الحكومة السورية في الفترة الماضية عملية تسوية ومصالحات في مدينة دير الزور وريفها ومؤخرا بريف الرقة قابلتها مظاهرات شعبية منددة وعمليات هروب واسعة بالإضافة لأرقام غير صحيحة عن عدد الذين خضعوا للتسويات إلى جانب موقف وصف بالواضح والقوي من الادارة الذاتية في شمال شرق سوريا، حيث قالت عضوة هيئة الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف، إن الحكومة السورية تريد إعادة تنفيذ سياستها في درعا، وبالتالي إرغام الجميع بالوضع الراهن والقبول بالسياسات الحكومية، موجهة نداءً للسكان في شمال شرق سوريا بأن يكونوا يقظًين أمام أفعال الحكومة التي تقوم بها، واصفة “التسويات” بانها “استسلام”.
وخلال حوار خاص مع رئيس حزب سوريا المستقبل، إبراهيم القفطان، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات عن أسباب لجوء الحكومة السورية إلى إجراء التسويات في شمال وشرق سوريا، وهل ستؤثر هذه التسويات على الحوار مع الإدارة الذاتية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع السيد إبراهيم القفطان:
– ما أسباب لجوء الحكومة السورية إلى إجراء التسويات في شمال وشرق سوريا ؟
الحكومة السورية تلجأ الى التسويات في مناطق شمال شرق سوريا وذلك لعدم ايمانها بالحل الجذري للأزمة السورية، لذلك تحاول اقتحام القلعة من الداخل وخاصة مناطق شمال شرق سوريا كونها الحاضنة الرئيسية للإدارة الذاتية، حيث ان مشروع اللامركزية بدأ يغلب في الحالة السورية وتتبناه الكثير من الأطراف الاقليمية و الدولية، لذلك تلجأ الحكومة السورية إلى التسويات مع بعض الشخصيات سواء كانت مؤثرة أو لا، وهو ما يثبت أن “النظام” ما يزال غير مقتنع في حل الأزمة السورية عبر التسويات المنطقية والحوار وتغيير الذهنية المركزية الموجودة لديه، كما يحاول أيضا أن يوهم الأطراف الداعمة له من روس وإيرانيين إضافة للمجتمع الدولي بأن هناك حاضنة شعبية تؤيده في هذه المنطقة التي تسيطر عليها الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية لكن هذا الكلام غير صحيح.
– هل تعتقد أن نموذج التسويات نجح في درعا وبقية المناطق حتى يتم تطبيقه في شمال وشرق سوريا ؟
هناك فارق كبير بين درعا ومناطق شمال شرق سوريا، حيث أن هذا السؤال تعرض له قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي أيضاً.. درعا مازالت تحتفظ بنفس العقلية السابقة والايديولوجية الدينية والحراك الثوري وعودة سوريا الى المركزية إذ أنها تسعى لإسقاط النظام فقط وليس لديها مشروع جديد لكن هنا في شمال شرق سوريا تختلف الحالة فهناك قوات عسكرية وادارات عدة ديمقراطية باعتباره نموذج حي ويمكن تطبيقه في كافة المناطق السورية ضمن مشروع ديمقراطي يقبل أخوة الشعوب والتعددية وكافة المكونات ليس هناك “نفس” قومي أو ديني أو اثني أو عرقي وانما يوجد نفس وطني يسعى الى حل الأزمة السورية بالحوار فقط وليس عن طريق الكفاح المسلح.
– هل يمكن اعتبار التسويات أحد نماذج الحل في سوريا، أم أن الحكومة تحاول التهرب من الحلول الحقيقية من خلال التسويات ؟
لا يمكن ان تكون التسويات أحد نماذج الحل في سوريا وهي تهرب من الحكومة السورية لإيجاد الحلول، لان الازمة لا تتعلق بالأشخاص وانما تحولت المسألة السورية الى حالة دولية لأجل ذلك نحن نحتاج الى مشروع اللامركزية التعددية الديمقراطية ولا نريد اعادة مأساة العراق القائمة على المحاصصة الطائفية، وكما قلت سابقا ان الحكومة تسعى من خلال التسويات فقط لإقناع المجتمع الدولي ان لديها حاضنة في شمال شرق سوريا.
– لماذا ترفض الإدارة الذاتية التسويات والمصالحات، وهددت بفصل الموظفين لديها الذين يجرون تسويات مع الحكومة ؟
الادارة الذاتية لم ترفض التسويات والمصالحات وانما تسعى لإنشاء حالة عقلانية واضحة لأبناء شمال شرق سوريا، واذا كان “النظام” يريد المصالحات فعلاً لماذا لا يجلس مع المسؤولين في الادارة الذاتية ويكون هناك اتفاق لحل الأزمة السورية ولكن “النظام” يعمل على اختراق المجتمع من الداخل عبر خلق انقسامات بين العشيرة الواحدة أو المكون الواحد وهو ما يفاقم الازمة أكثر فاكثر.. لذلك فنحن نخشى ان تؤدي هذه المصالحات لدخول مخربين وخلايا إلى المنطقة يحملون ايديولوجيا يروج لها النظام السوري.
– هل ستؤثر التسويات التي تجريها الحكومة شرق سوريا على الحوار مع الإدارة الذاتية؟
بالتأكيد ستكون هذه التسويات عائق للحوار بين الادارة الذاتية والنظام السوري ولكن الادارة في شمال وشرق سوريا تسعى دائما لإجراء حوار بناء مع “النظام” عبر الوساطة الروسية أو الايرانية أو أي طرف أخر، اذ قامت الادارة الذاتية بدعوة النظام السوري سابقا الى الحوار السوري – السوري بالإضافة الى دعوات الحوار عام 2017 و 2018 بين حزب سوريا المستقبل ومجلس سوريا الديمقراطية مع النظام السوري حيث تحدثت الادارة الذاتية عن عدم وجود شروط مسبقة للحوار، ولكن النظام السوري كان دائما يقابل هذه الدعوات بالرفض وعدم القبول.. وبالتالي فنحن نسعى دائما الى ايجاد حل شامل للازمة السورية وليس حلول صغيرة كالتسويات والمصالحات.
– ما هي الحلول الأخرى لمناطق شمال وشرق سوريا طالما أن التسويات ليست حلاً ؟
الحلول التي نطرحها في شمال شرق سوريا هو ان يكون هناك انتخابات نزيهة وحكومة انتقالية ودستور جديد ومشاركة الادارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية بالحوار السوري – السوري ضمن المحافل الدولية لذلك فان البوابة الرئيسية لحل الازمة السورية هي صياغة دستور يضمن حقوق كافة مكونات الشعب السوري.. وبالتالي فان التسويات ليست حلاً بل ستعمق وتطيل من الازمة في سوريا، وهي نتاج طبيعي لنظام يعاني من العجز الاقتصادي والعقوبات وعدم قبوله من المجتمع الدولي والجامعة العربية وأيضا من المحيط الاقليمي.. فالحل بدلا من التسويات هو اعتماد النظام اللامركزي والديمقراطي في سوريا.
حاوره: يعقوب سليمان