أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لا شك في أن أحد أهداف تركيا بعودة العلاقات مع الحكومة السورية، هو محاربة قوات سوريا الديمقراطية، وذلك بعد أن أدرك الرئيس التركي أن الرفض الدولي وخاصة الأمريكي والروسي والإيراني حتى؛ لن يتغير إزاء العملية العسكرية في شمال سوريا، التي كان يمني النفس فيها لتشكيل ما تسميها أنقرة “منطقة آمنة” بعمق 30 كلومتراً تقول أنقرة أنها ستكون لإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا.
وفاجأ الرئيس التركي ومسؤولي حكومته، بموقف جديد حيال الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أكثر من 10 أعوام من العداء والقطيعة السياسية، وسط توالي التصريحات التي وصفتها أوساط سياسية “بالمغازلة” من المسؤولين الأتراك للرئيس السوري، وتأكيدهم أن العلاقات بين الدول ومهما طال العداء لا بد أن تعود.
أردوغان: نسعى لإقامة حزام سلام وتعاون مع جيراننا الأقربين
وفي أحدث تصريحات له، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده تهدف إلى “إقامة حزام سلام وتعاون” في محيطها بدءا من “الجيران الأقربين”، وذلك في إشارة واضحة لسوريا والعراق.
وتشن القوات التركية حملات عسكرية في شمال إقليم كردستان العراق ضد “حزب العمال الكردستاني” منذ أشهر، حيث الصراع المسلح المستمر بين الطرفين منذ عقود، كذلك صعدت القوات التركية من قصفها على مناطق واسعة من شمال سوريا، وذلك بهدف “طرد القوات الكردية” و قوات سوريا الديمقراطية التي يعتبرها الرئيس التركي متحالفة مع “العمال الكردستاني”.
حديث أردوغان جاء خلال حفل تخريج طلاب ضباط وصف ضباط من أكاديمية الدرك وخفر السواحل، وأضاف “لا نكن العداء لأي بلد بل إننا نريد إقامة أفضل العلاقات مع كافة البلدان”، وأشار إلى أن بلاده “وسعت نطاق عملياتها العسكرية من سوريا حتى العراق” وإنها توجه “أشد الضربات” لحزب العمال الكردستاني، “في المناطق التي يشعر فيها بالأمان”. حسب تعبيره.
انفتاح سياسي بعد أزمات عاصفة.. والقامشلي تؤكد “العلاقات بين أنقرة ودمشق تعود لـ2017”
وخلال العام الجاري بدأت تركيا بالانفتاح السياسي على الكثير من البلدان العربية التي كانت بينها وبين أنقرة خلافات شديدة، وعلى رأسها الإمارات والسعودية، وترغب تركيا بعودة العلاقات مع مصر التي انقطعت بعد إسقاط حكم الإخوان المسلمين، إضافة لإسرائيل، والآن سوريا، حيث عانت تركيا كثيراً من “سياسة المشاكل والعلاقات السيئة” بالدول المجاورة الأمر الذي أثر على الاقتصاد والمستوى المعيشي للأتراك.
العلاقات مع سوريا لها تفرعات كثيرة، إلا أن الأهم هو “الشق العسكري”، حيث تسعى تركيا لإقامة حلف مع دمشق وموسكو وإيران تكون بندقيته فصائل المعارضة المسلحة ضد قوات سوريا الديمقراطية، بينما تعتبر الإدارة الذاتية ومسؤولوها أن العلاقات بين دمشق وأنقرة بدأت فعلياً في 2017، وذلك عند البدء بمسار آستانا، بين حلفاء دمشق وتركيا.
القامشلي هدف تركيا “احتلال المزيد من الأراضي السورية”
وتعقيباً على امكانية التقارب بين دمشق وتركيا، علقت أحزاب سياسية “كردية عربية سريانية” (تشكل نواة الإدارة الذاتية) في شمال سوريا على هذا التقارب في بيان موحد، وقالت أن على الحكومة السورية الابتعاد عن أي مصالحة مع تركيا لأن ذلك “لا يحقق آمال الشعب السوري”.
وأشار بيان صدر عن تلك الأحزاب والقوى السياسية، إلى أن التدخل التركي في الأزمة السورية حال دون تحقيق آمال السوريين مع استخدامها “لبعض المجموعات الإرهابية لتحقيق مصالحها”، ولفت البيان أن على حكومة دمشق الاستدارة وعدم الاتفاق مع تركيا كون هدفها “احتلال المزيد من الأراضي السورية”، وسلط البيان الضوء على الرفض الشعبي وبكل المناطق حتى مناطق سيطرة المعارضة لهذا التقارب.
مسد: التقارب بين أنقرة ودمشق سيعمق الأزمة السورية
بدورها وفي تغريدة على تويتر، قالت “رئيسة الهيئة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية” إلهام أحمد، أن “التطبيع بين دمشق وأنقرة لن يجلب السلام وسيعمق الأزمة”، وأشارت إلى أن تركيا “لم تدعم الثورة السورية بل حرفتها عن مسارها”، ولفتت إلى أن هدف تركيا من هذا التقارب “خدمة الأجندات التوسعية القائمة على الاستعمار والنهب والتغيير الديمغرافي”، ورأت أن تركيا “استثمرت باللاجئين السوريين”.
روسيا تسعى لعقد قمة بين الأسد وأردوغان
وتقف روسيا وراء هذا التقارب بين دمشق وأنقرة، بحسب ما كشفه الرئيس التركي بعد قمة سوتشي، كما أن هناك احتمال لعقد لقاء قمة بين الرئيسين السوري بشار الأسد والتركي رجب طيب أردوغان فخلال قمة شنغهاي منتصف أيلول/سبتمبر المقبل.
ووضع الطرفان شروطاً على بعضهما لتطبيع العلاقات، منها محاربة قسد من الشروط التركية وإبعادها عن الحدود، ومن شروط دمشق حل فصائل المعارضة المسلحة من “تحرير الشام لحراس الدين للجيش الوطني” وقتال كل من يرفض تسليم السلاح وتسليم مناطقهم، فماذا سيكون مصير الشمال السوري في ضوء هذه الأحداث المتسارعة والمفاجئة، وماذا سيكون موقف الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة من عودة العلاقات بين تركيا والحكومة السورية، هذه الأسئلة كلها ستكون برسم الأيام للإجابة عليها.
إعداد: ربى نجار