أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت يسيطر العنف والعمليات العسكرية والفلتان الأمني والأزمات الاقتصادية والمعيشية على سوريا بالإضافة لوباء فيروس كورونا وعودة الإرهاب، لم يكن ينقص السوريين إلا مرض الكوليرا الذي فاجئ الجميع بعد تفشيه السريع بين المدن والمحافظات بسبب “جفاف نهر الفرات” و “ري المحاصيل الزراعية بمياه ملوثة”، وسط تحذيرات أممية من خطورة الوضع وبشكل جدي.
سرعة كبيرة بتفشي المرض.. ونهر الفرات والسبب
وبين ليلة وضحاها لم يسمع السوريون إلا وأن مرض الكوليرا انتشر فيما بينهم، وأن أعداد الإصابات ترتفع لتصبح من العشرات إلى المئات والوفيات أيضاً، وهذه الأرقام هي فقط ما تعلن عنه وزارة الصحة في الحكومة السورية، بينما تتحدث الإدارة الذاتية عن آلاف الإصابات ضمن مناطقها في الشمال الشرقي، وهو ما يرجح أن الأعداد المصابة والوفيات الناجمة عن المرض أكبر من المعلن بكثير، كما حصل في وباء كورونا.
وكانت آخر إصابة مسجلة أعلنت في سوريا بمرض الكوليرا قبل 13 عامًا وتحديداً في عام 2009، بينما تحذر الأمم المتحدة وخبراء الصحة في منظمة الصحة العالمية، أن الظروف الراهنة في سوريا مواتية بشكل كبير لانتشار المرض بشكل لا يمكن السيطرة عليه، محذرين من السيناريو الأسوأ لم يأتي بعد.
مع تأكيد إصابة العشرات من الحالات على امتداد مناطق مجرى نهر الفرات داخل الأراضي السورية في أرياف حلب والحسكة ودير الزور، تقول جهات محلية وأممية بأن السبب الرئيسي للمرض هو انخفاض مستوى نهر الفرات ومياه الصرف الصحي، حيث أن تركيا قطعت الحصة القانونية لمياه النهر منذ أكثر من 3 سنوات عن البلاد، ورغم كل التحذيرات من كوارث إنسانية وأمراض وأوبئة نتيجة جفاف النهر ألا أن أنقرة لم تتراجع عن قرارها، وسط صمت دولي ومواقف خجولة لبعض المؤسسات الأممية والحكومات الغربية.
إحصائيات مختلفة.. وتحذيرات من تحول المخيمات لبؤر وبائية
وتؤكد جهات طبية سورية أنه ليس هناك في الأفق ما يشير إلى تمكّن السلطات المحلية سواءً “الحكومة السورية – الإدارة الذاتية” أو “حكومات المعارضة” من إيجاد حلول دائمة تمنع انتشار المرض، أو تطور الحالة لتصبح وباء أو جائحة تهدد حتى دول الجوار، وهو ما سبق أن حذرت منه الأمم المتحدة أن يحدث في أول إعلان لها عن انتشار المرض في سوريا.
وبحسب إحصائيات قدمتها وزارة الصحة في الحكومة السورية، يوم الثلاثاء، فأنها سجلت 594 إصابة مؤكدة بالمرض في عموم البلاد، أكبرها في حلب بواقع 389 حالة، ومن ثم دير الزور والحسكة، كما أن الوفيات بلغت 39 حالة، منها 34 حالة في حلب، وأوعزت الوزارة سبب الوفاة إلى التأخر بطلب الرعاية الصحية.
الإدارة الذاتية بدورها في آخر إحصائية قدمتها قبل أسبوع، قالت إن عدد الإصابات المؤكّدة بالكوليرا ارتفع إلى 5365 حالة في عموم المناطق، مع وفاة 17 حالة.
وحذرت منظمات محلية سورية من أن يصل المرض إلى المخيمات في الشمال، أصدرت منظمة “منسقو استجابة سوريا” بيانًا حذّرت فيه من “تسجيل حالات إضافية ضمن المخيمات المنتشرة شمالي سوريا وتحوّلها إلى بؤرة كبيرة للوباء يصعب السيطرة عليها”.
وقال مصدر مسؤول من المنظمة، بأنه “تم تسجيل 19 إصابة مؤكدة إضافة إلى 152 حالة مشتبه بها في مخيمات النازحين”، وحذر من هشاشة البنية التحتية من ناحية المياه الصالحة للشرب، ومن ناحية كمية المياه المخصصة للفرد، ومن ناحية إجراءات الأمن والسلامة للحصول على الماء”. وأضاف أن، “الصرف الصحي مكشوف ومعظمه يستخدم في ري الخضروات ما سوف يسهم في زيادة الإصابات”.
بدورها حذّرت منظمة الصحة العالمية من أن الوضع في سوريا “يتفاقم بشكل مقلق في المحافظات” التي تفشى فيها المرض، و”تتوسع الإصابات الى مناطق جديدة”.
الأمم المتحدة: سبب تفشي المرض هو نهر الفرات والمياه الملوثة
وبناء على تقييم سريع أجرته مع شركائها، رجّحت الأمم المتحدة أن يكون تفشي العدوى مرتبطاً بشكل أساسي بشرب مياه غير آمنة مصدرها نهر الفرات، وكذلك استخدام مياه ملوثة لري المحاصيل.
والكوليرا مرض ينتقل عن طريق المياه، ويسبب إسهالاً حادًّا يهدد الحياة إذا لم يخضع للعلاج، ويتعرّض الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وتقلّ أعمارهم عن 5 سنوات بشكل خاص لخطر الإصابة به.
إعداد: رشا إسماعيل