أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – لا شك في أن أحد أهداف تركيا في إعادة تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، هو عدم القضاء على المعارضة للرئيس السوري بشار الأسد، ليس ذلك فحسب، بل إشراك هذه المعارضة سواءً السياسية والعسكرية في أي حكومة مستقبلية توافقية بين الطرفين، وهو ما أكدته العديد من التقارير بأن الوفد التركي الذي كان يعتزم زيارة دمشق سيناقش إعطاء بعض الحقائب الوزارية لشخصيات معارضة تتفق عليهم أنقرة ودمشق، وليس بالضرورة أن تكون وزارات ذات أهمية أو قيمة.
أنقرة تستعجل الحفاظ على المعارضة السورية قبل التطبيع مع دمشق
وتعلم أنقرة أنه في حال عدم موافقة دمشق على هذا المطلب، فإن المعارضة السورية ستنتهي ولن تكون هناك لا معارضة سياسية ولا معارضة عسكرية للأسد، لذلك تسعى جاهدة لإجراء تفاهمات بين الحكومة والمعارضة “الموالية لتركيا” مع مساعيها لإعادة العلاقات مع دمشق، قبل أي قرار روسي بشن هجوم على الجيب الأخير لهذه المعارضة تنهيها من الوجود على الساحة السياسية والدولية.
وحول مساعي أنقرة لعقد تفاهمات بين الحكومة و “المعارضة”، نقلت صحيفة “القدس العربي” عن “مسؤول سوري معارض” (لم تذكر أسمه)، أن تركيا قدمت مقترحاً لعقد “مفاوضات سياسية بين المعارضة والنظام السوري في العاصمة التركية أنقرة”.
وبحسب “القدس العربي” فإن المسؤول والقيادي في المعارضة السورية قال أن تركيا اقترحت عقد لقاءات على نطاق ضيق، دون أن يُفصح أكثر عن رد المعارضة على المقترح التركي.
المباحثات التركية السورية تنتقل إلى “الجانب السياسي”
ويشير المقترح، من وجهة نظر المصدر، إلى احتمالية انتقال المباحثات التي تجري بين تركيا والحكومة السورية من الجانب الأمني، إلى السياسي، حيث ركزت اللقاءات الأمنية السابقة بين أنقرة ودمشق على ملفات التنسيق الأمني وملفات أخرى حول النقل البحري والجوي واللاجئين السوريين والحدود.
وكانت تقارير إعلامية كشفت عن لقاءات متعددة بين رئيسي الاستخبارات السورية علي مملوك والتركية هاكان فيدان في موسكو ودمشق، للتباحث حول إعادة العلاقات و التمهيد لعقد لقاءات على مستويات أعلى، بعدها أعلنت موسكو استعدادها لتنظيم لقاء يجمع بين وزيري خارجية الحكومتين فيصل المقداد و مولود تشاويش أوغلو.
دمشق تصر على الانسحاب.. واحتمال لقاء المقداد وتشاويش أوغلو بنيويورك
وكانت صحيفة “الوطن” السورية شبه الرسمية، نقلت عن “مصادر دبلوماسية غربية في أنقرة” أن المفاوضات الأمنية بين دمشق وأنقرة انتهت حول ملف التقارب، وأكدت الصحيفة أن “المفاوضات ستنتقل إلى الشق السياسي في موعد ليس ببعيد”. وهذه الأنباء تدعم حديث “المسؤول المعارض” التي تحدث “للقدس العربي”.
وأشارت “الوطن” إلى أن الحوار على الصعيد الدبلوماسي مع دمشق سيبدأ الشهر المقبل، على أن يتوج بلقاء بين المقداد وتشاويش أوغلو، يليه جدول انسحاب واضح من الجانب التركي من الأراضي السورية، في حال تم إحراز تقدم في عدد من الملفات قبل نهاية العام الجاري كحد أقصى.
وهناك احتمال كبير بحسب محللين سياسيين، أن يتم عقد لقاء “بروتوكولي” بين وزيري خارجية دمشق وأنقرة على هامش اجتماعات الجمعية العامة في دورتها الـ77 في نيويورك.
وكانت الحكومة السورية رفضت مقترحاً من قبل الجانب التركي باستضافة اسطنبول لمحادثات “اللجنة الدستورية السورية” بدلاً من جنيف السويسرية، حيث أن الرفض السوري دفع بالجانب الروسي إلى تقديم مقترح استضافة ثلاث جولات من المباحثات على أراضيها وفي إيران وفي تركيا تباعاً، وهو ما رفضته أنقرة.
لماذا فضل أردوغان التقارب مع الأسد ؟
وبدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحديث بشكل علني عن التقارب مع سوريا، بعد اللقاء الذي جمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في قمة سوتشي الأخيرة، حيث أشار أردوغان إلى أن بوتين نصحه في لو أراد حل المشاكل العالقة والمخاوف التركية من الشمال السوري، على أنقرة التطبيع مع دمشق.
كما أن ما أجبر الرئيس التركي أكثر على التطبيع، رفض روسيا وأمريكا وإيران والمجتمع الدولي شن أنقرة لأي عملية عسكرية جديدة في الأراضي السورية لإنشاء ما تصفها تركيا “بالمنطقة الآمنة” والتي تقول أنها “لإعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا”، بينما كان الرفض الدولي بسبب ما يمكن أن تخلقه هذه العمليات العسكرية من عمليات نزوح للسكان الأصليين من تلك المناطق وتأثير أي نزاع جديد على الحرب ضد الإرهاب.
ويسعى الرئيس التركي لإنهاء كافة الملفات العالقة التي حولت تركيا من دولة “صفر مشاكل” إلى “100 بالمئة مشاكل” قبل الانتخابات الرئاسية القادمة في حزيران/يونيو 2023، حيث يواجه معارضة شرسة هذه المرة، وسط تراجع كبير في شعبية التحالف الحاكم، وخسارته أمام هذه المعارضة في انتخابات البلديات، والتي تكشف نصف شكل النظام القادم في تركيا.
إعداد: ربى نجار