أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خلال اليوم الأول من انتخابات مجالس الإدارة المحلية، التي جرت في مناطق سيطرة الحكومة السورية فقط، صعدت القوات التركية بشكل عنيف من هجماتها على مناطق متفرقة من شمال شرق البلاد، وذلك عبر البر والجو، حيث شنت مقاتلات تركية غارات جوية طالت مواقع عسكرية لقوات الحكومة أسفرت عن سقوط قتلى بريف عين العرب/كوباني.
الشريط الحدودي يشتعل من جديد
واستفاق أهالي المناطق الحدودية السورية مع تركيا على أصوات مدافع وصواريخ وطيران القوات التركية، حيث طال القصف مناطق في القامشلي وعامودا و الدرباسية وتل تمر و عين العرب/كوباني، وأبو راسين وعين عيسى وقرى ريف حلب الشمالي، إضافة لشن طائرات حربية تركية للمرة الثانية خلال أقل من شهرين قصفاً على قرية قره موغ وأسفرت عن سقوط قتلى في صفوف قوات الحكومة السورية.
ويأتي هذا التصعيد في ظل عودة الحديث عن إعادة تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق، وأن الأجواء بين الطرفين باتت مناسبة لخلق التفاهم، وأن المحادثات تشهد تقدماً كبيراً، إضافة للكشف عن اجتماعات عقدت بين مدير الاستخبارات السورية علي مملوك وهاكان فيدان رئيس الاستخبارات التركية في موسكو ودمشق، لتسريع عملية التطبيع والتمهيد للقاء بين وزيري خارجية الحكومتين.
كيف يمكن قراءة التصعيد التركي ؟
البعض اعتبر أن التصعيد العسكري التركي أمر “متفق عليه” بين أنقرة ودمشق، وذلك للضغط على “الإدارة الذاتية” و “قوات سوريا الديمقراطية” لتقديم تنازلات لدمشق وبالتالي عودة المناطق الحدودية لسيطرة “الدولة”، بينما قال آخرون أن هذا التصعيد وخاصة استهداف نقاط عسكرية للقوات الحكومية هي رسالة تركية بأن “تواجد قوات دمشق في هذه المناطق لن يوقف هجماتها أو في حال اختارت أنقرة المغامرة مجدداً في الأراضي السورية.. فإذا كانت دمشق تريد الحفاظ على حياة جنودها عليها أن تسحبهم”.
رأي ثالث رأى أن هذا التصعيد العسكري التركي هو “مقابل تصعيد عسكري لقوات الحكومة السورية وروسيا على منطقة خفض التصعيد”، التي شهدت بدورها أيضاً قصفاً عنيفاً خلال الساعات الـ 24 الماضية عبر المدافع والصواريخ والطائرات، حيث عادت الطائرات الحربية الروسية مجدداً وقصفت الأطراف الغربية لمدينة إدلب.
عشرات القتلى بتصعيد روسي على مواقع “لتحرير الشام”
وقال المركز الروسي في سوريا “حميميم” في تعليق له على الغارات الجوية الأخيرة في إدلب، أنها قتلت العشرات من مسلحي “جبهة النصرة”.
وصرح نائب رئيس مركز المصالحة الروسي أوليغ إيغوروف، أن القوات الجوية الروسية قصفت معقل تنظيم “جبهة النصرة” بمحافظة إدلب، حيث تم القضاء على 45 مسلحا، بينهم قادة ميدانيون.
ووفقا لبيان المركز: “في 17 سبتمبر (أيلول)، شنت القوات الجوية الروسية غارة جوية على قاعدة تنظيم جبهة النصرة الإرهابي في محيط قرية الشيخ يوسف بمحافظة إدلب، أسفرت عن القضاء على 45 مسلحا من بينهم القائدان الميدانيان، بلال سعيد وأبو دجانة الديري، كما تم تدمير عدد من مخازن أسلحة”.
وهي المرة الثانية التي تعلن روسيا فيها عن استهداف مراكز عسكرية لفصائل المعارضة السورية وخاصة “تحرير الشام” حيث سبق وأن أعلنت “الدفاع الروسية” مقتل أكثر من 100 عنصر من “تحرير الشام” بضربات جوية على منطقة حسفرجة بريف إدلب.
“الهجمات التركية تهدف لتهجير المدنيين قسراً”
وبالعودة إلى ملف التصعيد في الشمال الشرقي من سوريا، اعتبرت قوى الأمن الداخلي أن عمليات الاستهداف الأخيرة للقوات التركية هدفها ترهيب المواطنين وتهجيرهم من منازلهم، وجاء في بيان صدر عن “الأسايش”، أن تركيا تسعى “لضرب أمن واستقرار المنطقة من خلال العشرات من القذائف” التي سقطت على مناطق مدنية وآهلة بالسكان أسفرت عن فقدان مدنيين لحياتهم وإصابة آخرين.
ولم تصدر أي ردة فعل بعد من قبل الحكومة السورية جراء هذا التصعيد العسكري التركي الجديد، بينما تقول أوساط سياسية أنه لا ينتظر من دمشق أي ردة فعل قوية، مشيرين إلى أن مواقف دمشق حيال الهجمات التركية على المواطنين السوريين في الشمال الشرقي لطالما كانت “خجولة” ولا ترقى للمستوى المطلوب”.
لماذا ترغب روسيا بمصالحة أنقرة ودمشق ؟
وترغب روسيا بعودة العلاقات مجدداً بين الحكومتين السورية والتركية، وذلك للدفع بالحل السياسي الذي سيكون على مقياس مصالحهم، وليس كما نصت عليه المقررات الدولية بشأن الملف السوري.
وتعمل موسكو جاهدة لتذليل العقبات أمام هذا التطبيع ومحاولة إرضاء الطرفين والتنازل أو تنفيذ شروط بعضهما البعض، والهدف من هذا الدفع الروسي، بحسب ما تراه أوساط سياسية هو “للتركيز بشكل أكبر على الملف الأوكراني” إضافة “لعدم ملئ أي فراغ روسي محتمل في سوريا من قبل الإيرانيين ووكلائها، كون ذلك سيجعل من سوريا عرضة للغارات الإسرائيلية والأمريكية”.
إعداد: علي إبراهيم