أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – عاد الحديث مجدداً عن تطبيع العلاقات بين الحكومتين السورية والتركية للواجهة، بعد فترة من غياب التصريحات من مسؤولي البلدين، تزامن ذلك مع حديث عن عقد لقاءات بين رئيسي الاستخبارات السوري والتركي في موسكو ودمشق، للتباحث حول تسريع عودة العلاقات، وسط أجواء وصفت “بالايجابية” وأنه “بات مناسباً للتفاهم”.
مع اجتماعات استخباراتية..”طرد الائتلاف” و “عودة العنف للشمال”
ومع الاجتماعات التي عقدت بين علي مملوك و هاكان فيدان، استعرت جبهات القتال في منطقة “خفض التصعيد” شمال غرب سوريا، وصعدت القوات التركية من هجماتها على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في الشمال الشرقي، كما وردت معلومات نقلتها وكالة “سبوتنيك” الروسية، أن السلطات التركية طلبت من أعضاء من “الائتلاف السوري” مغادرة الأراضي التركية، وذلك كبادرة حسن نية لعودة العلاقات مع دمشق.
وبعد أن بقيت مخرجات اجتماع مملوك بفيدان مبهمة لأيام عدة، كشفت صحيفة “صباح” التركية عن بعض مخرجات هذا اللقاء، وقالت في تقرير لها، أن اللقاء ركز على محاولة وضع خارطة طريق للعودة الآمنة للسوريين.
مطالب الطرفين
ووفقاً للصحيفة، فإن “المسؤولين الاستخباراتيين الأتراك قدموا قضايا تضمن العودة الآمنة لجميع طالبي اللجوء، وإعادة العقارات لأصحابها، وتهيئة ظروف العمل والتوظيف، وضمان عدم إصدار أحكام بحقهم”، مع إلغاء القانون رقم 10 لعام 2018، والقاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر في المناطق التي دمرتها الحرب، وينص على سحب ملكية العقار من المواطن خارج البلاد الذي لا يقدم إثباتات الملكية خلال 30 يوماً.
بينما المطالب السورية، بحسب “صباح” التركية، تركزت على انسحاب كامل للجيش التركي من الأراضي السورية، وأشارت الصحيفة أن أنقرة رفضت ذلك ولكنها قالت أنها ملتزمة بوحدة الأراضي السورية، لكن يمكن تقييم هذه المطالب لاحقاً بشرط استكمال العملية الدستورية وإجراء انتخابات جديدة وتجديد اتفاقية أضنة، التي ستسمح لأنقرة بالتوغل داخل الأراضي السورية لمسافات أكبر مع إزالة صفة “الاحتلال” عن تواجدها في الأراضي السورية.
واعتبرت الصحيفة أنه لن يكون هناك اجتماع بين الرئيسين السوري بشار الأسد ونظيره التركي رجب طيب أردوغان على المدى المنظور.
“تقسيم سوريا”.. هل هدد أردوغان الأسد ؟
وكان الرئيس التركي أبدى رغبته بلقاء الأسد، وذلك بحسب تقرير نشرته صحيفة “حرييت” التركية، وذلك في حال كان (الأسد) موجوداً في قمة باكستان، وأشار أردوغان خلال اجتماع “لحزبه” إلى أن “الأسد خاض حرباً مع المتمردين للحفاظ على سلطته.. كان يرى أن (بوسعه) حماية المناطق التي يسيطر عليها.. لكنه لم يستطع حماية مناطق واسعة”، وأضاف “سوريا ستقسم بسبب سلوكه، سأقول ذلك في وجهه”.
كلام الرئيس التركي اعتبرته أوساط سياسية، رسالة مباشرة لنظيره السوري، أنه في حال فشل عودة العلاقات بما يرضي أنقرة فإن الثمن سيكون “تقسيم سوريا”، أي اقتطاع الأراضي التي تسيطر عليها القوات التركية في شمال البلاد، وأنه حتى مع وجود روسيا وإيران فإن ذلك لن يمنع من “التقسيم”، مشيرين إلى أن أردوغان يريد أن يكون هناك نظاماً يتشارك فيه الحكومة الحالية وشخصيات المعارضة التي يدعمها.
ويسعى أردوغان إلى حل كل المشاكل المتعلقة بسوريا من “لاجئين ودعم للمعارضة والمنطقة الآمنة والعمليات العسكرية” قبيل الانتخابات الرئاسية المقبلة في حزيران/يونيو المقبل، والتي يرى الرئيس التركي في حل هذه القضايا العالقة، امكانية احتفاظه بكرسي السلطة، في ظل وجود معارضة شرسة هذه المرة، والحديث عن امكانية اطاحتهم بحكمه بعد انهيار شعبية الأخير نتيجة التدخلات العسكرية في سوريا وليبيا وغيرها من النزاعات المسلحة، وهو ما أثر سلباً على الأوضاع ومن جميع النواحي في تركيا.
موسكو لا تريد أن يملئ الإيرانيون مكانها
ويقول محللون سياسيون أتراك، أن هذا التقارب مع دمشق يأتي بالدرجة الأولى بدفع روسي، حيث أن موسكو تريد حلاً سياسياً بين الحكومة والمعارضة في سوريا، كي تتفرغ لملف الحرب في أوكرانيا، مشرين إلى أن موسكو لا تريد أن تملء القوات الإيرانية أي فراغ يمكن أن تحدثه روسيا، يكون عرضة للاستهداف الإسرائيلي والأمريكي، لذلك تريد من أنقرة ودمشق التقارب لحل الأزمة السورية وفق مصالحهم.
وخلال 11 عاماً الماضية، دعمت تركيا المعارضة السورية (السياسية والمسلحة) في وجه الحكومة بهدف إسقاطها، كما كان للمعارضة المسلحة دوراً في الحروب التركية خارج الأراضي السورية، كَـ ليبيا وأرمينيا وأوكرانيا.
وبعد أدارك أنقرة استحالة إسقاط النظام الحاكم في دمشق وسط دعم روسي إيراني، بات لزاماً عليها إعادة التعامل معه، لحل ملفات “الأمن القومي التركي والقضية الكردية وقيام الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا” مع الملفات الأخرى العالقة بين الطرفين.
إعداد: رشا إسماعيل