دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

هدوء في سير عودة التطبيع بين أنقرة ودمشق.. فماذا يعني هذا التقارب بالنسبة للمعارضة السورية والإدارة الذاتية ؟

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في وقت لاتزال عمليات القصف المتبادلة مستمرة في الشمال السوري بشقيه الشرقي والغربي، هدأت التصريحات التركية حول اعادة العلاقات مع الحكومة السورية، يأتي ذلك بعد أن كان المسؤولين الأتراك يدلون بكل يوم تقريباً بتصريح حول عودة العلاقات مع دمشق، وذلك في وقت الحديث عن أن المعارضة السورية و الإدارة الذاتية هما الطرفان المتضرران من هذا التقارب ولكن بنسب متفاوتة.

رفض ضمني وعلني بدون فائدة

المعارضة السورية (سياسيين وعسكريين ومدنيين) عبروا عن رفضهم؛ منهم ضمنياً ومنهم نزل إلى الساحات رفضاً للتصريحات التركية حول عودة العلاقات مع دمشق، معتبرين أن تركيا خانت “الثورة السورية والثوار” وستقوم بتسليمهم للحكومة السورية، هذا الموقف لايزال هو القائم حتى مع تقديم تركيا لرسائل تطمينية للمعارضة بأنها لن تتركهم وستواصل دعمهم، لكن بعض الشخصيات المعارضة تعتبر أن طريقة مصالحة تركيا مع الحكومة السورية هو في الأساس “انتصار لدمشق” على المعارضين لها.

وتعتبر المعارضة السورية من أكثر الأطراف التي ستضرر نتيجة هذا التقارب، من حيث تسليم ما تبقى من مناطق سيطرتها في الشمال للحكومة السورية، حيث وقعت تركيا في اجتماعات سوتشي وطهران الماضيين، على بند “سيطرة الدولة السورية على كامل التراب السوري”، إضافة إلى أن ذلك هو أحد الشروط الرئيسية للحكومة السورية لعودة العلاقات إلى جانب تسلمها للمعابر وسحب القوات التركية لجنودها، وحل الفصائل المعارضة وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة – حراس الدين – الجيش الوطني”.

ماذا لو سيطرت دمشق على ما تبقى من مناطق المعارضة ؟

كما أن سيطرة الحكومة السورية على ما تبقى من مناطق المعارضة، يعني تكرار نموذج الجنوب؛ درعا، التي لاتزال تشهد منذ سيطرة الحكومة عليها بمساندة روسية، حالة فلتان أمني كبيرة وتزايداً في عمليات الاغتيال التي تطال قادة الفصائل والشخصيات المعارضة المؤثرة، وهو ما يمكن اعتباره “عمليات ممنهجة لتصفية المعارضين لدمشق”، وهو ما تخشاه الأوساط الشعبية والمدنية في مناطق المعارضة وتكراره بمناطقهم.

كما تسعى تركيا إلى أن توحد فصائل المعارضة مع قوات الحكومة السورية في سبيل مواجهة قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وهذا يعني أن فوهات بنادق الفصائل المعارضة ستعمل لصالح “عدوهم” (كما يعتبرون)، ويقضون على “الثورة السورية” بشكل عام في حال تمكن الحكومة السيطرة على مناطق شمال شرق البلاد، بحسب ما تراه أوساط سياسية.

محاربة قسد وإعادة اللاجئين

ولتركيا أهداف أخرى غير المساندة في محاربة قوات سوريا الديمقراطية، بعد رفض العملية العسكرية في الشمال من العالم، ومن هذه الأهداف الخلاص من العبء الذي شكلته المعارضة السياسية والعسكرية السورية على تركيا، حيث يجري الحديث الآن عن أن أنقرة طالبت رسمياً بمغادرة بعض الأسماء المحسوبة على الإخوان المسلمين، وذلك كبادرة حسن نية لإعادة العلاقات مع دمشق، وسط الحديث عن أن الوجهة ستكون قطر.

كما أن تركيا ترغب من روسيا والحكومة السورية، مساندتها في إعادة اللاجئين السوريين وتسريع هذه العملية، قبيل بدأ الانتخابات الرئاسية، وضرورة تعهد دمشق بعدم التعرض لأي من اللاجئين كيلا تسبب حرجاً لتركيا أمام المجتمع الدولي.

توجس وتقليل من التقارب بين أنقرة ودمشق

ولا شك في أن هناك توجس من قبل الإدارة الذاتية من التقارب بين دمشق وأنقرة، حيث سيكون ذلك لمواجهتها وإضعافها، وذلك عبر صفقات واتفاقيات جديدة أو تعديل اتفاقات قديمة على شاكلة “اتفاقية أضنة” والسماح للجيش التركي مثلاً بالتوغل لمسافة أكبر من 5 كيلومترات بحجة “محاربة الإرهاب” في الأراضي السورية، إضافة إلى أن تعديل هذه الاتفاقيات سيلغي صفة “الاحتلال” على تواجد القوات التركية على الأراضي السورية، ويمكن أن تضمن عدم قيام كيان كردي جديد في شمال سوريا على غرار ما حصل في شمال العراق.

وتقول الإدارة الذاتية أن التنسيق والتعاون بين أنقرة ودمشق بمحاربتها يعود لعام 2017، مع بدأ مسار آستانا، إلا أن ذلك كان بشكل سري، والذي تغير هو أن هذا التعاون والتنسيق أصبح ظاهراً، ولكن هذا لا يعني أن تلك الأطراف تريد ضربها وإسقاطها.

ماذا بشأن الولايات المتحدة ؟

ويبدو أن المساعي التركية “السورية” الروسية الإيرانية في السيطرة على المناطق الشمالية الشرقية، التي تعتبر الأغنى أو ما تسمى “بسوريا المفيدة” صعبة مع تواجد القوات الأمريكية والتحالف الدولي، حيث وقبل أيام قليلة جدد المبعوث الأمريكي الجديد للمنطقة دعم واشنطن “للحلفاء” وأن الولايات المتحدة باقية لحين تطبيق حل سياسي في سوريا، وفي حال خسارة هذه المناطق لصالح الأطراف المذكورة أعلاه، فإن واشنطن ستكون أكبر الخاسرين في الملف السوري، وستعطي الفرصة لتمدد أكبر لروسيا وإيران في سوريا والسيطرة عليها كلياً، وبالتالي فشل كل المساعي للتغير في البلاد وما يتعلق به من المقررات الأممية خاصة 2254.

إعداد: رشا إسماعيل