أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بشكل سريع وملفت، تتوالى الأخبار والمعلومات حول إعادة تطبيع العلاقات بين الحكومتين السورية والتركية، بعد قطيعة سياسية دامت لأكثر من 10 سنوات وعداء كاد أن يطيح بالنظام الحاكم في سوريا، بعد دعم أنقرة اللامحدود لفصائل المعارضة وفتحها حدودها لدخول عشرات الآلاف من “المهاجرين” الذين انضموا للمعارضة لقتال الحكومة السورية.
“كرمال عيون بوتين” .. لقاء مرتقب بين الأسد وأردوغان
وبين ليلة وضحاها، وبعد قمتي سوتشي وطهران، كل شيء تبدل بين أنقرة ودمشق، فأعداء الأمس قد يصبحون أصدقاء اليوم، وسط استمرار اللقاءات بين مسؤولي الطرفين للترتيب للقاء القمة بين الرئيسين السوري بشار الأسد و التركي رجب طيب أردوغان.
وحول ذلك كشفت وكالة “تسنيم” الإيرانية عن جهود روسية تبذل لأجل عقد لقاء بين أردوغان والأسد، خلال اجتماع مرتقب لقادة منظمة شنغهاي للتعاون أواسط الشهر المقبل في مدينة سمرقند بأوزبكستان.
وبحسب ما نشرته “تسنيم” إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا كلّاً من أردوغان والأسد إلى المشاركة في هذه القمة، لافتة إلى احتمال لقاء بين الطرفين على هامش القمة، وأشارت إلى أن رئيس “حزب الوطن” التركي دوغو برينجك بصدد إجراء زيارة قريبة إلى دمشق على رأس وفد سياسي ودبلوماسي، يلتقي فيها الأسد.
وأضافت أن عدداً من الوزراء السابقين والدبلوماسيين المخضرمين الأتراك سيرافقون برينجك في هذه الزيارة، مشيرة إلى أن الزيارة ستتم عبر طائرة خاصة، وهي أول رحلة طيران مباشرة من تركيا إلى دمشق منذ 2011، ولفتت الوكالة الإيرانية إنه في حال كانت زيارة الوفد التركي ايجابية والتقرير المرفوع بشأنها وتقييم كل من دمشق وأنقرة لها إيجابيين، فسيكون هناك احتمال لعقد لقاء بين زعيمي البلدين.
أنقرة تغازل دمشق لإرضاء موسكو
وتقول أوساط سياسية سورية أن الرئيس التركي مجبور في خذه المرحلة إعادة التطبيع مع الرئيس السوري، مشيرين إلى أن إعادة العلاقات “لإرضاء الرئيس الروسي” وأنه سيكون تطبيع ظاهري إلى حين الانتهاء من المشاكل التي تعاني منها أنقرة، ومن المحتمل بعدها أن تنقلب تركيا على هذه العلاقات، وعادة ما تكون السياسة التركية كذلك، بحسب ما يرون.
وتشدد تلك الأوساط على أن الرئيس الروسي كافأ نظيره التركي بامتيازات اقتصادية وسياسية كثيرة، في مجالي الطاقة والتجارة خاصة مع لعب دور الوساطة في النزاع الأوكراني، وأن تكون تركيا معبراً للغاز الروسي إلى أوروبا، ولكن هذه الامتيازات لها ثمن بالمقابل.
حيث أن الرئيس الروسي أراد تطبيع كامل العلاقات مع دمشق والعودة لما قبل 2011، مع عمل تركيا ومساندتها لتعزيز سلطة النظام الحاكم في سوريا عبر تسليم المناطق التي تسيطر عليها للدولة، وتفكيك المعارضة المسلحة والسياسية، وتعزيز النفوذ الروسي على حساب الأمريكي في شرق وشمال شرق البلاد.
لكل طرف شروط وأهداف من عودة العلاقات
كما لكل طرف شروطه الخاصة لعودة العلاقات، وعلى ما يبدو فإن الطرفان لن يرفضا شروط بعضهما البعض، كون التقارب في هذه المرحلة ضرورة ولمصلحة الطرفين، حيث أن دمشق ترى في تقاربها مع أنقرة، السيطرة على منطقة خفض التصعيد ومناطق “درع الفرات و غصن الزيتون و نبع السلام” وحل الفصائل المسلحة، إضافة إلى ضغط أنقرة على “الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية” لإجبارها على العودة للأسد وتقديم تنازلات سياسية وعسكرية واقتصادية وغيرها.
كما أن أنقرة ترى في التقارب مع دمشق، الخلاص من اللاجئين السوريين، الذين باتوا يشكلون عبئاً على الرئيس التركي، حسب رؤيته، وقد يتسببون بخسارته للانتخابات الرئاسية القادمة، فلذلك يسعى أردوغان لإرضاء المجتمع التركي الذي لم يعد يتحمل بقاء السوريين في بلادهم، وذلك للحصول على المزيد من الأصوات والبقاء في السلطة، إضافة لذلك كله، تأمين ما تسميه أنقرة “بأمنها القومي” من المناطق الشمالية السورية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، وإبعاد هذه القوات لمسافة 30 كيلومتراً عن الحدود.
وتؤكد اوساط سياسية أن تركيا وسوريا مجبرتان على الرضوخ للمطالب الروسية في هذه المرحلة، مشيرين إلى أن لا الأسد يحب أردوغان ولا أردوغان يحب الأسد، ولكن تقارب الطرفين ولقاءهما المنتظر هو لإرضاء بوتين فقط، الذي يعتبر حليفاً للأسد في حربه ضد المعارضة وعودة سيطرته على كامل البلاد، وحليفاً لأردوغان لتعزيز حظوظه في الفوز بالانتخابات القادمة ومساندته على إعادة تركيا لمركزها في المنطقة.
إعداد: علي إبراهيم