أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – صعدت القوات التركية بشكل كبير من هجماتها على المناطق الشمالية الشرقية السورية، وذلك بعد يومين من انتهاء “قمة طهران” التي جمعت رؤساء إيران وروسيا وتركيا للتباحث حول الملف السوري، وواجه الرئيس التركي فيها رفضاً قاطعاً من حلفاءه في مسار آستانا الروسي فلاديمير بوتين والإيراني إبراهيم رئيسي، إضافة لما وصف “بتحذير الخامنئي لأردوغان” بأن أي عمل عسكري في سوريا سيكون ضرره على تركيا أيضاً.
“تركيا الغاضبة” .. هجمات عبر المدافع والطائرات المسيرة
وخلال الساعات الماضية، شنت القوات التركية هجمات متعددة على المناطق الممتدة من منبج وتل رفعت غرباً إلى عين عيسى و عين العرب/كوباني وريف الحسكة شرقاً، مع قصف لطائرة مسيرة سيارة في قرية جنوب مدينة عامودا القريبة من الحدود بين سوريا وتركيا، وهذا النوع من الاستهداف يعتبر من المرات النادرة في هذه المناطق، كما جرى الحديث عن استهداف طائرة مسيرة للطريق الواصل بين القامشلي والحسكة M-4، دون أي تفاصيل أخرى.
محللون سياسيون اعتبروا الرفض الروسي والإيراني للعملية العسكرية التركية في شمال سوريا، أغضب أنقرة كثيراً، حيث كانت تمني النفس في أن تحصل على دعمهما وفتح المجال لها لشن عمليتها العسكرية التي تقول تركيا أنها ستستهدف منطقتي “تل رفعت ومنبج”، وهي مناطق أصبحت تنتشر فيها قوات الحكومة السورية بشكل كبير مع جلب معدات عسكرية ثقيلة ونوعية، ولفتوا إلى أن هذه المناطق هي تحت النفوذ الروسي والإيراني، ومن الطبيعي أن لا توافق موسكو وطهران أن توسع أنقرة نفوذها في سوريا على حسابهم.
موسكو وطهران تدفعان أنقرة لتهديد “مناطق النفوذ الأمريكي”
وأشارت الأوساط السياسية إلى أن طهران وموسكو دفعتا تركيا لتهديد مناطق “شرق الفرات” وهي مناطق تقع تحت النفوذ الأمريكي، حيث لم تكف هذه الدول عن مطالبة القوات الأمريكية من المغادرة، حتى الرئيس التركي قالها علناً “نريد من القوات الأمريكية المغادرة كون ذلك سياعد مهمتنا في سوريا كثيراً”.
تركيا تطلب “حفظ ماء الوجه”.. وروسيا وإيران تردان
ونقلت تقارير إعلامية عن مصادر مطلعة على “قمة طهران”، أن تركيا لم تحصل على أي ضوء أخضر روسي إيراني لشن عمليتها العسكرية، حتى بعد انتهاء القمة.
وأنه خلال اليومين الماضيين عاودت تركيا بشكل غير علني طلب الموافقة على هذه العملية “لحفظ ماء الوجه”، إلا أن موسكو وطهران اعتبرتا أن إعلانهما في البيان الختامي أنهما “يتفهمان مخاوف أنقرة الأمنية” هو بحد ذاته يحفظ ماء وجه أنقرة.
“الأمن القومي التركي يجتمع لبحث الملف السوري”
وفي السياق أكدت تقارير إعلامية بأن “المجلس الامن القومي التركي” سيعقد اجتماعاً برئاسة رجب طيب أردوغان، لمناقشة ملف العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، وسط تضارب الأنباء حول موافقة المجلس من تأجيلها كون هناك حديث عن “تصعيد عسكري بين تركيا واليونان”، تحدث عنه أيضاً سياسيون أتراك وقالوا “أن العملية في سوريا قد تؤجل كون هناك احتمال نشوب حرب بين تركيا واليونان”.
وكان وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو، قد قال أن بلاده لا تنتظر الأذن من أحد للقيام بأي عمليات عسكرية في سوريا، ونقلت وسائل إعلام تركية عن جاويش أوغلو قوله: “لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي في سوريا، حتى اليوم لم نأخذ الإذن من أحد لتنفيذ عملياتنا هناك، ولن نفعل”.
يشار إلى أن جميع العمليات العسكرية التي قامت بها القوات التركية في سوريا منذ 2018 حتى الآن كانت بموافقة أمريكية روسية، وفق ما سمي حنيها “بالمقايضات”، أي عفرين مقابل الغوطة و رأس العين وتل أبيض مقابل معرة النعمان وخان شيخون وسراقب.
إيران تجدد رفضها لأي إجراء يمس السيادة السورية
وفي موقف جديد يرفض العملية العسكرية التركية في شمال سوريا، شدّد الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، على أنَّهُ يجب أن يبسط “الجيش السوري” سيطرته على كافة الحدود السورية، وذلك خلال لقاءه بوزير الخارجية فيصل المقداد.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أنهم أكدوا خلال اجتماع رؤساء الدول الضامنة لعملية أستانا في طهران، الثلاثاء، “على ضرورة الامتناع عن أي إجراءات تمسُّ بسيادة سوريا، ما ينعكس سلباً على كل الدول المعنيّة”، وقال “أنَّ الحل لأي مشاكل، يجب أن يكون عبر الحوار واحترام السيادة السوريّة”.
فهل يفعلها الرئيس التركي ويغامر بعملية عسكرية جديدة في سوريا أعرب العالم أجمع عن معارضتهم لها لأسباب متعددة منها الإرهاب وتوسيع النفوذ الإيراني والروسي، أم أن هذه المواقف التي سبق وأن اعتبرتها قيادة قوات سوريا الديمقراطية “غير كافية” ستوقف أو تؤجل العملية العسكرية لوقت آخر، مع استمرار التصعيد العسكري على الأرض.
إعداد: علي إبراهيم