أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كشفت قناة “12” الإسرائيلية عن مفاوضات ثلاثية سرية بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران تهدف إلى تزويد الحكومة السورية بالنفط الإيراني بعيداً عن العقوبات، وذلك في إطار سعي واشنطن لإعادة طهران إلى الاتفاق النووي.
حيث اشترطت إسرائيل بحسب تقرير القناة، أن يتم نقل النفط الإيراني إلى سوريا تحت رقابة أميركية، لضمان عدم استغلال هذه العملية في تهريب السلاح إلى حزب الله اللبناني، مستخدمة نفس الطريق الذي كان يستعمل سابقاً لنقل المعدات العسكرية والأسلحة من إيران إلى الحكومة السورية.
وخلال حوار خاص مع رئيس حزب سوريا أولاً، سلمان شبيب، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات حول المفاوضات الثلاثية السرية لتزويد الحكومة السورية بالنفط الإيراني بموافقة أمريكية وإسرائيلية، وهل بات الملف السوري أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة لمقايضته مع عودة طهران إلى المفاوضات النووية.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع السيد سلمان شبيب:
كيف تنظر إلى اتفاقية تزويد الحكومة السورية بالنفط الإيراني بموافقة أمريكية و إسرائيلية؟
نحن في الحقيقة نتعامل هنا مع خبر افتراضي ليس هناك تأكيد له وفي الوقت نفسه لا نستطيع نفيه بالمطلق المصدر الوحيد له هو القناة التلفزيونية الإسرائيلية “12”، وبشكل عام مضمون الخبر يتعارض مع سياق الأحداث والمعطيات السياسية والأمنية الملتهبة السابقة والتي يمكن القول إن الصراع الإيراني – الإسرائيلي فيها وصل إلى ذروته.
وطال التوتر المنطقة كلها تقريباً وتهديدات متبادلة بالحرب وأصبح الحديث يدور بجدية عن توقيت اندلاعها ومكان انطلاق شرارتها الأولى بل يمكن القول إننا شهدنا مرحلة حرب غير معلنة بين الدولتين.. اختراقات أمنية إسرائيلية أدت إلى اغتيالات طالت عدداً من الخبراء والعلماء وكبار الضباط الإيرانيين واتهام صريح لإسرائيل بأنها وراء ذلك طبعاً بالتعاون مع جهات دولية وإقليمية وتوعد طهران بالانتقام، كما هناك معلومات بأن إيران قد نجحت بتنفيذ بعض تهديداتها ووجهت ضربات أمنية لأهداف إسرائيلية في كردستان العراق وغيرها وبأن مجموعات مخابراتية تابعة لها تنتشر في عدة دول تترصد أهداف إسرائيلية وقد تم كشف بعضها في تركيا ليدفع رئيس استخبارات الحرس الثوري الإيراني منصبه ثمناً لذلك ترضية لتركيا، يضاف إلى ذلك اعتداءات إسرائيلية متكررة على الأراضي السورية طالت حتى مطار دمشق الدولي وأخرجته عن الخدمة لفترة في تطور خطير يشير إلى المدى الذي بلغته العدوانية الإسرائيلية وكل هذه الاعتداءات تقول عنها مصادر إيرانية إنها تستهدف أسلحة وبنية أمنية إيرانية أيضاً كان هناك عدد من الهجمات الغامضة شنتها طائرات مجهولة على الحدود السورية العراقية استهدفت بشكل خاص مجموعات عراقية قريبة من إيران ومعروف أن إسرائيل وراءها لكننا رغم ذلك لانستطيع الجزم بعدم صحة خبر القناة الإسرائيلية فهناك قنوات إقليمية ودولية تعمل لتخفيف التوتر وهناك المفاوضات غير المباشرة التي تجري بين أمريكا وايران حول الاتفاق النووي وحاجة الولايات المتحدة الملحة لتوقيع الاتفاق لعدة أسباب بعضها متعلق بالحرب الكبيرة التي تجري بين روسيا والمعسكر الغربي على الأرض الأوكرانية وإمكانية قيامها بتقديم بعض الأوراق لتسريع الاتفاق.
على العموم نحن كسوريين أصبحنا أقل اهتماماً بالتفاصيل السياسية بعد أن طحنتنا الصعوبات الاقتصادية والعقوبات القاسية والحرمان من أبسط مقومات الحياة يهمنا بالتأكيد ان لا تأخذ إسرائيل أو أمريكا ثمناً لوصول بعض جرعات الحياة لنا من نفط وكهرباء وغذاء وغيره بغض النظر من سيدفع هذا الثمن لكننا ندرك وبكل أسف وألم أن لقمة السوري أصبحت مجالاً للابتزاز والمساومات وصراعات المصالح رغم أن حصول المواطن السوري على حاجياته الضرورية ومقومات عيشه وبغض النظر عن موقفه السياسي ومكان تواجده حق طبيعي له تكفله كل القوانين والشرائع الدولية وكل من يحول دون ذلك هو عدو للشعب السوري مهما كانت حججه وتبريراته، وفي حال كان خبر الاتفاق السري بين إيران وإسرائيل وأمريكا للسماح لها بتزويد سوريا بشحنات من النفط صحيحاً فهو برأينا نقطة إيجابية تسجل لصالح إيران في سجل العلاقات بين البلدين.
هل هناك تحول في العلاقة بين إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى في سوريا؟
من الصعب حالياً تلمس بوادر تحول جدي في العلاقة بين كلاً من أمريكا وإسرائيل وايران في سوريا وحول سوريا الموضوع معقد ومتشابك وهناك ساحات جانبية كثيرة وكبيرة وعلاقات ومصالح إقليمية ودولية مرتبطة به ومع ذلك كل الاحتمالات واردة في لعبة الأمم التي تجري في المنطقة والعالم وخاصة نحن نعيش تحت وطأة وتأثير حدثين بالغي الأهمية والنتائج أولهما الزلزال الأوكراني وارتداداته التي ستغير كثيراً في العلاقات والتحالفات وقواعد اللعب وقد بدأت إرهاصات ذلك بالتبلور والظهور، وثانيهما موضوع الاتفاق النووي بين أمريكا وايران وتداعياته المتوقعة والذي بالتأكيد ستلقي بظلالها على المشهد في المنطقة بشكل كبير فقد تذهب الملفات الملتهبة ومنها الملف السوري إلى التهدئة والبحث عن مخارج وحلول أو سنكون أمام المزيد من الاشتباك والتصعيد وقد نصل إلى حرب إقليمية لن يسلم طرف من نتائجها المروعة وبالتالي نحن فعلاً نعيش مرحلة مفصلية ومرحلة تحول كبرى في الإقليم والعالم والعلاقة بين أمريكا وإسرائيل من جهة وايران من الجهة الأخرى والتي تشكل سوريا احد مفاصلها الهامة قد تشهد تغيراً نأمل أن يأخذ منحى إيجابي وان تبعد سوريا عن كل أسباب التوتر والصدام.
ما يقلقنا ومنذ بداية الحرب الأوكرانية وقد عبرنا عن ذلك منذ اليوم الأول أن يتم تحويل سوريا إلى ساحة حرب إضافية، ويقلقنا أكثر أن تكون أيضاً ساحة حرب بين إيران وكل من أمريكا وإسرائيل في حال الفشل النهائي للمفاوضات الجارية حول الاتفاق النووي.
هل استطاعت طهران من خلال الإتفاقية الأخيرة إفشال العقوبات الأمريكية ضد الحكومة السورية؟
موضوع العقوبات الأمريكية الظالمة وأحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري والتي تمارس تأثير تدميري على كل جوانب ومقومات حياة السوريين وتفتك بشكل اكبر بالفئات الأضعف والأكثر فقراً بينهم هي بالتأكيد أكبر وأخطر من أن تحل بتمرير بعض ناقلات النفط إلى سوريا لأنها تؤثر بشكل فعلي على كل مقومات الحياة والإنتاج في سوريا وحتى لو نجحت إيران بتنفيذ كل مضمون وبنود.
الخط الائتماني الجديد التي أعادت تفعيله بعد حل عدد من الإشكالات القائمة، هذا كله سيكون بمثابة شريان يوصل الأقل من الضروري للسوريين وهو قد يشكل مجرد خرق صغير في جدار العقوبات الهائل والقاسي المفروض على سوريا.
طبعاً سعدنا برفع قسم من عقوبات قانون قيصر الاجرامي عن بعض المناطق السورية مثل شرق الفرات وادلب، وننتظر من كل شرفاء وأحرار العالم رفع الصوت ضدها وإدانتها والمطالبة برفعها والعمل من أجل إسقاطها عن سوريا كاملة.
هل بات الملف السوري أقل أهمية بالنسبة للولايات المتحدة لمقايضته مقابل عودة إيران إلى مفاوضات النووية؟
ماهو ظاهر ومعلن حتى اليوم أن أهمية الملف السوري بالنسبة لأمريكا لم تتراجع بل بالعكس، هناك كثير من المؤشرات على تزايد فعالية الوجود الأمريكي على الأرض و أعتقد أن الوجود الروسي الكبير في سوريا من قواعد جوية وبحرية وانتشار واسع للمستشارين وبعض القوات القتالية سيشكل عامل جذب لمزيد من الحضور الأمريكي بعد الصدام شبه المباشر في أوكرانيا وبعد وصول العلاقات الأمريكية الروسية إلى مرحلة بالغة السوء والتوتر، أيضاً عدم الوصول حتى اليوم لاتفاق نهائي حول عودة أمريكا للاتفاق النووي مع إيران وبروز تعقيدات أخرى تهدد بنسف المفاوضات يشكل عامل إضافي لتعزيز أهمية الملف السوري للولايات المتحدة.
ومما يعزز أهمية الملف السوري ويعطيه خصوصية هو ارتباطه بكل من العراق وإسرائيل وموضوع داعش ومحاربة الإرهاب، وقد يكون الملف السوري أو بعض مفاصله على الأقل احد الأوراق الهامة التي تستخدمها أمريكا بوجه روسيا وايران وحتى تركيا، ولكنني لا أعتقد أن زمن المقايضات النهائية قد حان بل من المبكر جداً الكلام عن ذلك، قد نكون اليوم بمرحلة التراجعات والتنازلات الصغيرة وبالقطعة اما جائزة الهامة والمفصلية مثل سوريا فأعتقد أن أمريكا لن تفرط فيها بسهولة وخاصة ضمن الظروف والمعطيات الحالية وقبل تبلور خطوط القوة وتوازنات المصالح على الأرض وبالاقليم كله.
حاوره: يعقوب سليمان