أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تأزمت العلاقات بشكل كبير بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، خاصة بعد الحرب الأوكرانية، حيث وصلت لأدنى مستوياتها على الإطلاق.. تأزيم العلاقات هذا أثر سلباً على الملف السوري أيضاً، حيث تتواجد القوتان في مناطق “الإدارة الذاتية” في شمال شرق سوريا، وهي المنطقة الوحيدة في العالم التي تشهد تواجداً للجيشين بالقرب من بعضهما البعض.
من حوادث عابرة لقصف مواقع عسكرية
وخلال السنوات السابقة من عمر الأزمة والصراع في سوريا، وقعت حوادث بين الجيشين الأمريكي والروسي في شمال محافظة الحسكة، أحياناً كانت تتطور إلى العراك بالأيدي فقط، دون أن تتحول هذه الحوادث لمواجهات عسكرية بين الطرفين، كما يوجد “خط ساخن” بين القوتين في تلك المناطق للتنسيق في تحركاتهما وتجنب التصادم العسكري بين عناصرهما قدر الإمكان.
وفي تطور خطير وسابقة لم تحدث منذ اندلاع الأزمة السورية، كشفت تقارير صحيفة أمريكية، أن سلاح الجو الروسي هاجم أهدافاً بالقرب من معبر التنف وسط سوريا والذي يقع بالقرب من الحدود العراقية الأردنية.
“خطوة استفزازية”.. سلاح الجو الروسي يقصف منطقة بالقرب من قاعدة التنف
وفي منطقة التنف قاعدة عسكرية للتحالف الدولي ضد داعش، تضم حوالي 200 جندي أمريكي وغيره من جنود من جنسيات مختلفة، وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، نقلا عن مسؤولين عسكريين أميركيين، بأنهم يحذرون من خطر صدام مباشر بين القوات الأميركية والروسية في سوريا، وسط اتهامات لموسكو بالقيام بـ”خطوات استفزازية”.
وقال مسؤول عسكري أميركي للصحيفة، إن روسيا شنت غارة على مواقع في منطقة التنف يوم الأربعاء الماضي، حيث يدرب عسكريون أميركيون مقاتلين محليين، وبحسب المسؤول، أبلغت روسيا العسكريين الأميركيين بالغارة مسبقاً عبر قناة الاتصال التي تم إطلاقها منذ سنوات، ونفذت الغارة رداً على هجمات ضد قوات الحكومة السورية.
وقناة الاتصال هذه هي عبارة عن خط ساخن الذي يعمل بين الجيشين في سوريا وتم إنشاؤه قبل سنوات ويهدف إلى منع الاحتكاك بين الجيشين.
الأمريكيون قلقون ويحذرون من تصعيد أكبر
وأشارت “وول ستريت جورنال” إلى أن المسؤولين أعربوا عن قلقهم إزاء الغارة التي قالوا إنها لم تستهدف القوات الأميركية بشكل مباشر، لكنها “تتحدى” مهمة القوات الأميركية في سوريا والمتمثلة بقتال تنظيم داعش الإرهابي، ونفى المسؤولون وجود أي قوات أميركية بالقرب من مكان الغارة، مشيرين إلى أنها لم تسفر عن أي خسائر في صفوف الأميركيين، لكنهم اعتبروا ذلك “تصعيدا ملموسا للاستفزاز”.
وبحسب ما نقلت “وول ستريت جورنال” فإن روسيا نشرت مقاتلتين من نوع “سو 34” في المنطقة التي قامت القوات الأميركية فيها بعملية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي شمال شرقي سوريا، وسحبتهما بعد توجه مقاتلات “إف 16” أميركية إلى المنطقة.
كما كشفت الصحيفة نقلاً عن المسؤولين الأمريكيين، قولهم إنه كانت هناك أيضاً “حوادث” أخرى خلال الأسبوعين الأخيرين، دون الكشف عن أي تفاصيل بشأنها.
بدوره علق قائد القيادة المركزية للقوات الأميركية (سينتكوم)، الجنرال إيريك كوريلا، أن واشنطن تسعى لتجنب أي خطأ في الحسابات أو خطوات من شأنها أن تؤدي إلى نزاع غير ضروري “وهذا يبقى هدفنا”، ولكنه حذر من التصعيد الروسي الأخير واصفاً إياها “بتصرفات استفزازية وتصعيدية”.
وإلى ساعة إعداد هذا التقرير لم يكشف بعد عن القوات التي استهدفتها روسيا والتي وصفتها “بالإرهابية”، وسط ترجيحات بأن تكون “قوات مغاوير الثورة” المدعومة من التحالف الدولي، وتتواجد في قاعدة التنف، وقالت روسيا أن غاراتها الجوية جاءت بعد “إساءة هذه العناصر الإرهابية للجيش السوري وشكلت خطراً على أنشطة الجيش الروسي في سوريا”.
تصعيد هو الأول منذ بدء الصراع في سوريا
ويعتبر هذا التصعيد العسكري هو الأعنف والأول من نوعه بين الجيش الأمريكي والروسي في سوريا، وينذر بحسب محللين سياسيين ومتابعين بمزيد من التوتر والتصعيد العسكري واحتمال تطور الأمور إلى “مواجهة عسكرية شاملة” في سوريا، كون القوتين العظمتين تتواجدان في مساحة جغرافية صغيرة والتصادم بينهما أمر حتمي حتى مع وجود قناة اتصال لتفادي لتنسيق التحركات.
ويقول الجيش الأمريكي أن له مايقارب الـ1000 جندي في شمال شرق سوريا، وذلك في إطار مهمة التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، وكانت أعداد القوات الأمريكية أكبر من ذلك قبل قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من الشمال قبيل إطلاق تركيا لعمليتها العسكرية المسماة “بنبع السلام” في تشرين الأول/أكتوبر 2019.
إعداد: علي إبراهيم