أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في الوقت الذي لا تزال أوساط سياسية تستبعد أي مغامرة تركية في سوريا بدون ضوء أخضر روسي أمريكي، يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يحاول الضغط على ضامنيّ وقف إطلاق النار في الشمال، للحصول على مكتسبات أو تنازلات في ملفات أخرى لا ترتبط بالملف السوري.
الهدف “تل رفعت ومنبج”.. ما موقف روسيا وإيران ؟
وهذه المرة حدد الرئيس التركي وبشكل علني ولأول مرة عن أهداف العملية العسكرية التي قال أنه ينوي شنها في شمال سوريا، حيث أنها ستشمل ناحية تل رفعت ومدينة منبج شمال حلب. وهي مناطق تقع تحت النفوذ الروسي المنهمك أصلاً بالحرب في أوكرانيا، حيث تستغل تركيا ذلك لعلها تحصل على مكاسب في الملف السوري أو ملفات أخرى في ظل الانشغال الروسي.
المنطقتين اللتان يريدهما أردوغان، ليس فقط على الروس الموافقة عليهما لتتوغل أنقرة فيهما، بل أن تركيا أيضاً تحتاج لموافقة طهران على أي عملية عسكرية وخاصة على ناحية تل رفعت، التي تحاذي بلدتي النبل والزهراء واللتان تتمركز فيهما القوات الإيرانية والطائفة الشيعية.
وترى أوساط خبيرة أنه بسيطرة تركيا على هذه الناحية تكون (النبل والزهراء) تحت الخطر ونيران القوات التركية والفصائل الموالية لها، ولعل ذلك سيجعل تلك البلدتان تدخلان في البازارات الدولية، وهذا ليس بوارد موافقة إيران وروسيا عليه.
كما أن منبج تحظى أيضاً بأهمية كبيرة لدى الروس، كون السيطرة عليها يعني قطع الطريق الدولي M-4، بين المناطق الشرقية السورية والغربية وصولاً للمناطق الساحلية، وكون المدينة تقع تحت النفوذ الروسي، فذلك يعني موافقة الروس باجتياحها، ولن يكون ذلك إلا بمقابل، ولكن بحسب ما يرى محللون سياسيون، فإن الروس ليسوا بوارد فتح جبهات جديدة على نفسهم في سوريا من خلال السماح للأتراك بشن عمليات عسكرية خاصة وإنها مشغولة في أوكرانيا.
وعلى صعيد آخر فإن أهمية منبج ووقوعها على الطريق الدولي، سبب آخر يدعو للاعتقاد أن روسيا لن توافق، كون موسكو تعمل منذ مايقارب السنتين على فتح الطرقات الدولية ومنها M-4 و M-5، ولذلك تطالب تركيا بتطبيق التزاماتها حيال منطقة “خفض التصعيد” وإبعاد الفصائل عن “الممر الآمن”.
واشنطن تجدد رفضها لأي عملية عسكرية وتحذر تركيا من العواقب
العملية العسكرية التي تنوي تركيا القيام بها في سوريا، ليس فقط تضعها في توترات مع الحليفين في مسار آستانا “روسيا وإيران”، بل مع الشركاء في التحالف الدولي وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترى أن الحرب الجديدة ستقوض الاستقرار الإقليمي ولن يستفيد منها سوى داعش.
وبعد تجديد وزارة الخارجية الأمريكية لرفضها لهذه العملية، حذرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” منها، وقالت أن هذه العملية ستكون لديها تداعيات خطيرة وذكر مسؤول في الوزارة خلال تصريحات تلفزيونية، إن “واشنطن ستواصل دعم قوات سوريا الديمقراطية وتقدر دورها في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي”.
وأضاف المسؤول الأمريكي أن “البيت الأبيض لا يستبعد فرض الكونغرس عقوبات على تركيا إذا أقدمت على عمل عسكري في الشمال السوري”، مشيراً إلى أن “إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، أبلغت تركيا بأن أي توسّع عسكري تركي سيؤدي لتداعيات خطيرة على العلاقات الثنائية ومصالح المواطنين الكرد الأبرياء”.
قسد غير راضية عن المواقف الدولية
المواقف الدولية ولضامني وقف إطلاق النار لا تعجب قوات سوريا الديمقراطية، التي ترى أنه وعلى الرغم من هذه المواقف الرافضة إلا أن التصعيد التركي مستمر وبشكل أكبر من السابق، وكشفت خلال بيان لها، يوم الأربعاء، أن القوات التركية قصفت قرى آهلة بالسكان في أرياف حلب والحسكة والرقة بأكثر من 400 قذيفة صاروخية ومدفعية مع هجوم بطائرة مسيرة انتحارية.
كما نوهت إلى أن تركيا تستغل الصمت الدولي لتنفيذ هجماتها ومواصلة “ارتكاب الجرائم”، وشددت أن تغاضي المجتمع الدولي عن تلك الاعتداءات لا يساعد أي مشروع لحفظ الأمن والاستقرار ومواصلة مكافحة الإرهاب في المنطقة.
ونفذت أنقرة أربع عمليات في شمال سوريا منذ عام 2016، ونتيجة لذلك فإنها تسيطر على المئات الكيلومترات من الأراضي وتركزت تلك العمليات على شريط باتساع 30 كيلومتراً، كما تنوي أنقرة هذه المرة تشكيل ما تسميها “بالمنطقة الآمنة” وهو مطلب تركي عمره أكثر من 10 سنوات.
إعداد: علي إبراهيم