أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – خرجت الحكومة السورية عن صمتها إزاء “المشروع التركي” في الشمال والقاضي بإعادة توطين مليون لاجئ إلى مناطق تسيطر عليها أنقرة وفصائل المعارضة الموالية لها، بعد استهجان ورفض شعبي وسياسي سوري واسع وتحذيرات مما وصفوه بأنه “تمهيد لسلخ الأراضي السورية وتكرار سيناريو لواء اسكندرون”.
دمشق: أنقرة تسعى لتقسيم الأراضي السورية لصالح الغرب وإسرائيل
ووصفت وزارة الخارجية في الحكومة السورية، تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول “المنطقة الآمنة” في الشمال “بالرخيصة” معتبراً السياسيات التركية في الأراضي السورية “ألاعيب ضد سوريا ووحدة أراضيها”.
وجاء في بيان الخارجية السورية أن المشروع التركي في الشمال هدفه “التقسيم” ويخدم “مصلحة إسرائيل والولايات المتحدة والغرب”، وإن إنشاء مثل هذه المنطقة لا يهدف لحماية المناطق الحدودية بين البلدين، بل أن الهدف الأساسي بحسب دمشق “استعماري وإنشاء بؤر متفجرة تساعد بشكل أساسي على تنفيذ المخططات الإرهابية ضد السوريين”.
“جريمة حرب” .. وعلى العالم إيقافها
كما وصفت الخارجية السورية “المنطقة الآمنة” بأنها “تطهير عرقي ونقل للسكان وتهديد لحياتهم ومستقبلهم وتفجير دائم للأوضاع بين البلدين”، كما شدد البيان على أن ذلك يعتبر “تغييراً ديمغرافياً ويشكل جريمة حرب وضد الإنسانية”، كما وصفت دمشق المخططات التركية بأنها “خطر على المنطقة والعالم”.
وطالبت دمشق من المجتمع الدولي بعدم مساومة أردوغان على الأراضي السورية، والتي ستكون “آثارها كارثية على الأمن والسلم في المنطقة والعالم”.
دمشق وموسكو المسؤولان عما يحدث في الشمال.. والمشروع التركي يناقض القرار 2254
ويشدد محللون سياسيون على أن البيانات مهما كانت شديدة اللهجة فإنها لن توقف مساعي الدولة التركية ومشروعها في المناطق الشمالية، التي بدأت أنقرة بتطبيقه أصلاً على الأرض، مؤكدين أنه لولا صمت دمشق وحليفتها روسيا وإيران على السياسات التركية في سوريا منذ البداية والرضا الكامل بدخولها الأراضي السورية وسيطرتها على مدن رئيسية والعشرات من القرى والنواحي، لما كانت تجرأت أنقرة على تهديد وحدة سوريا وسيادتها.
كما قال سياسيون آخرون أن المشروع التركي في الشمال السوري هو مشروع يناقض القرار الأممي 2254 الخاص بحل الأزمة السورية والبند الخاص بعودة اللاجئين السوريين بشكل طوعي وآمن، محذرين من أن تطبيق مشروع “المنطقة الآمنة” في مناطق هجر منها أهلها وسيسكن بدلاً عنهم أشخاصاً آخرون سيمهد لاقتتال داخلي وحرب أهلية.
عمليات “التوطين” بدأت فعلياً بتل أبيض
وفي السياق، أكدت وكالة الأنباء الكردية “هوار” خلال تقرير لها، أن الدولة التركية وطنت فعلياً دفعة من اللاجئين السوريين الذين رحّلتهم من الأراضي التركية في حيي ” الليل والإسكان” في مدينة تل أبيض (المعروفة محلياً بكري سبي).
ونقلت “هوار” عن مصادر وصفتها “بالأهلية” بأن تركيا “بدأت ببناء مستوطنات في الجهة الغربية من المدينة بعد مصادرة أملاك المهجرين من قبل ما يسمى مجلس تل أبيض المحلي ووهبها لأسيادهم الأتراك لتنفيذ مخططهم الاستيطاني”. بحسب ما جاء في التقرير
إغراءات ووعود لمن يعود
وقالت الوكالة الكردية أن المجلس المحلي أنذر أصحاب عدة منازل بجانب برج الكهرباء القريب من دوار العلم للإخلاء تزامناً مع دخول اللاجئين السوريين، وأشارت إلى أن المجلس تراجعت عن هذا القرار بعد الاستياء الشعبي من قبل الأهالي في ذلك الحي ودعوتهم للخروج بتظاهرات تندد بدخول اللاجئين.
وكشفت المصادر أن تركيا وعدت اللاجئين السوريين العائدين بالحصول على ميزات ومنها “تقديم شقة مفروشة وبقاء وثيقة الكيملك معهم وبالسماح بزيارة تركيا 4 مرات في السنة”، مع “تكميل أبناء اللاجئين لتعليمهم بالمنهاج التركي في المستوطنات التي سيتم ترحيلهم إليها وتقديم كرت مول مفتوح دون تحديد لكل فرد وتقديم الدعم المالي لافتتاح المشاريع”.
أنقرة: عدد العائدين من السوريين بلغ نصف مليون
يشار إلى أن وزارة الخارجية التركية قد أكدت خلال يوم الجمعة، أن عدد العائدين من اللاجئين السوريين إلى بلادهم بلغ نصف مليون، وكان ذلك على لسان، لسان الوزير مولود تشاووش أوغلو.
وقال تشاويش أوغلو أن أنقرة تعمل على خطة العودة الطوعية والآمنة لمليون سوري، وأنهم بدأوا بمبادرات مع العراق والأردن ولبنان لعودة السوريين، وأشار إلى أنه في حال عدم معالجة العوامل المسببة للهجرة مثل المشاكل الأمنية والاقتصادية فإنه يجب الانتباه لعواقب الهجرة، مؤكداً ضرورة التعامل مع المسألة بنهج عالمي ومستدام.
وكانت تقارير إعلامية سابقة أكدت على وجود تواصل على المستوى الاستخباراتي بين دمشق وأنقرة وعدم انقطاعها منذ بداية الأزمة السورية، كما استبعد محللون سياسيون سوريون أن تكون دمشق على عدم الدراية بالمشروع التركي، مرجحين أنها جاءت بموافقة منها نتيجة توافقات بين الحليف الروسي وأنقرة، وسط تحذيرات بتكرار سيناريو لواء اسكندرون من جديد في الشمال.
إعداد: ربى نجار