دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

الواشنطن بوست: السوريون الفارون من اليأس يتدفقون إلى الإمارات العربية المتحدة

أثارت صفقة التطبيع بين حكومة الأسد والإمارات الغضب، لكنها وفرت أيضًا طريقًا للفرار للشباب السوري اليائس.

بعد التقارب في العلاقات بين دولة الإمارات والحكومة السورية  تلهفت مجموعة كبيرة من الشباب السوري البائس للعودة إلى المباني الشاهقة المحاطة بالأضواء والتي لا تشبه بلدهم بتاتا.

ويقول جيمي الجاجي، 30 عاما، إنه لم يتمكن من النوم في أول ليلة أتى فيها من سوريا إلى دبي، مضيفا “كنت أفكر: هل أنا هنا بالفعل؟”.

هناك موجة كبيرة من الشباب السوري هاجرت إلى دولة الإمارات خلال الأشهر السبعة الأخيرة، بعد أن خففت أبوظبي قيودها على تأشيرات السياحة السورية عقب تطبيع العلاقات مع النظام السوري.

وقطعت الإمارات وباقي دول الخليج (باستثناء عُمان)، ومعظم الدول العربية، علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق في شباط 2012، تزامناً مع تعليق جامعة الدول العربية عضوية سوريا، بعد قمع موجات الاحتجاجات الغاضبة والتظاهرات المطالبة بالديمقراطية والحرية عام 2011، ما دفع البلاد إلى حرب مدمّرة ونزاع دام، تنوعت أطرافه والجهات الداعمة له.

وفي آذار الماضي، استقبلت الإمارات الرئيس السوري بشار الأسد في زيارة مفاجئة. وكانت هذه أول زيارة للأسد إلى بلد عربي منذ اندلاع النزاع في بلاده.

بعد أكثر من 11 عاماً من انقطاع الروابط بين دمشق والعالم العربي، تمهّد الإمارات العربية المتحدة من خلال استقبالها الرئيس السوري بشار الأسد في زيارة مفاجئة، الجمعة، لعودة بلاده إلى الحُضن العربي، وفق ما يرى محللون.

هذا التقارب أثار جدلا حول فعالية تطبيع العلاقات مع حكومة وثقت بحقها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتمحورت النقاشات حول الطرق الأفضل لإنهاء الحرب السورية الطويلة وفيما لو كانت العزلة المفروضة على سوريا، إضافة إلى العقوبات الغربية، سببا أساسيا في إطالة النزاع.

وبالنسبة لملايين السوريين الذي يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، فإن هذا التقارب فتح آفاقا لإنهاء عزلتهم الطويلة بالإضافة إلى فرصة للهروب من سوريا، حيث يتضاءل التفاؤل وتقل فرص العمل والخدمات الأساسية بدءا من الكهرباء وصولا إلى المياه.

لكن السوريين الذين يبحثون عن قسط من الراحة ضاعوا في هذا الجدال المطول، وفقا لروايات شباب سوريين عن سوء الوضع المعيشي في بلادهم، حيث تدفعهم غريزة البقاء.

عمار الرجال، 23 عاما، وصل قبل أسابيع إلى الإمارات، حيث يسعى للحصول على وظيفة في هندسة الطرق، وهي فرصة كان من الممكن أن تكون مستحيلة إن لم يغادر بلاده، ويقول: “لم نتمكن من التأقلم. أعتقد أننا أضعنا سوريا”.

أما الجاجي، الذي تمكن من الحصول على فرصة عمل لدى شيف سوري شهير في دبي، يتحدث كل صباح مع أعز أصدقائه محاولا إقناعه بمغادرة بلده، وعوضا عن قول “صباح الخير”، يفتتح المكالمة بـ “خسارة أن تظل في سوريا”.

ويصف الجاجي الحياة في سوريا بالعيش في مكان مجمد والعمل بلا توقف فقط لسد رمقه من الحاجات الأساسية. تحمل الكثير رافضا مغادرة مدينة حلب، وخلال السنوات الطوال بين المعارضة والنظام تمكنت قوات الأسد من السيطرة على حلب مجددا عام 2016.

لكن ذلك لم يكن كافيا، إذا عانت الدولة خلال السنوات الأخيرة من انهيار اقتصادي.

ففي المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، اعتاد المدنيون العيش مع نقص المواد الأساسية، من ضمنها غاز الطبخ والوقود.

فعلى الرغم من كونها “سلة للخبز” على مر التاريخ، عانت سوريا من نقص في إنتاج القمح بسبب الجفاف وارتفاع الأسعار، إذ تضاعف ثمن بعض السلع الرئيسية مثل الطماطم والخيار والليمون.

بقي حسن ديوب، 27 عاما، في سوريا لإثبات وجهة نظر: أنه لا تزال هناك عقول مجتهدة وفضولية باقية في البلاد.

ديوب، الذي درس هندسة أنظمة التحكم، أنشأ ناديا للذكاء الاصطناعي، وفي عام 2018 تمت دعوته إلى تدريب في لبنان، وهي رحلة أعطته لمحة أولية عن مدى تخلف سوريا عن الركب.

وصل متأخرا بيوم عن التدريب، بعد أن كافح لجمع ألفي دولار نقدا، وهو المبلغ الذي يطلبه حرس الحدود من السوريين قبل أن يتمكنوا من مغادرة البلاد. ويقول: “عندما وصلت، شعرتُ كما لو أنني ذهبت إلى كوكب آخر ، لكن كوكب يعمل”.

عاد ديوب إلى المنزل مفعمًا بالنشاط، وأطلق مشروعا يضم تقنية الواقع المعزز بالشراكة مع جامعة سورية لمساعدة طلاب طب الأسنان على تعلم المهارات التطبيقية.

لكن الفرص التكنولوجية للمشاريع الناشئة كانت محدود في سوريا، فلم يكن لدى ديوب، كغيره من السوريين ، حساب بنكي، ولم يكن بالإمكان الاعتماد على نوعية الإنترنت.

أما المدفوعات عبر الإنترنت صعبة بسبب العقوبات، ويقول: “في سوريا، أنت تبيع التطبيقات بالطريقة نفسها التي تبيع بها زوجا من الأحذية: تعال، استلم، وادفع نقدا”.

أما الآن يعمل ديوب من 12 إلى 14 ساعة لتنمية مشروعه في حاضنة أعمال بدبي، وقال إنه يعتقد أن زيارة الأسد إلى الإمارات أعطت السوريين بصيص أمل لكنه لم يكن متأكدا مما إذا كان ينبغي أن نكون متفائلين، مضيفا: “لا إجابة، لأنه عندما يتعلق الأمر بسوريا كل ما نملكه هو التخمين”.

المصدر: صحيفة الواشنطن بوست

ترجمة: أوغاريت بوست