أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تُلقي الأزمة الأوكرانية الأخيرة بين روسيا من جهة والدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى بظلالها على السياسة الدولية بشكل عام ومن بينها تركيا التي تتشارك مع روسيا بقضايا وملفات عديدة بمناطق مختلفة حول العالم من خلال تفاهمات واتفاقيات في سوريا وليبيا مثلاً، ولكن الهجوم الروسي على أوكرانيا قد يظهر الكثير من الخلافات المستقبلية بين موسكو وأنقرة جراء الموقف التركي المتوافق مع حلف شمال الأطلسي “الناتو” المعارض بدوره للهجوم الروسي على أوكرانيا، حيث جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، منذ أيام، رفض بلاده اعتراف روسيا رسميًا باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك عن أوكرانيا، عارضًا الوساطة بين كييف وموسكو لحل الأزمة دبلوماسيًا من خلال الحوار، إلى جانب اعتبار الهجوم الروسي مخالفاً للقوانين والتشريعات الدولية.
وخلال حوار خاص مع المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات حول مصير الاتفاقيات الروسية – التركية العسكرية منها والسياسية في سوريا مع عدم توافق البلدين بأوكرانيا، وهل تركيا أمام خيارات صعبة واختبارا حقيقياً للسياسة الخارجية هناك.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الأستاذ حازم الغبرا:
– هل تعتقد أن تصريحات الرئيس التركي بعدم شرعية التدخل الروسي في أوكرانيا هي بداية توتر العلاقات بين موسكو وأنقرة؟
تصريحات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حول شرعية الهجوم الروسي على أوكرانيا تأتي بشكل واضح ضمن موقع تركيا ضمن حلف الناتو وقربه من الاتحاد الأوروبي والدول الغربية أكثر من قربه بكثير من روسيا، فموقف أردوغان كان متوقعاً وواضحاً وناجحاَ، حيث لا يمكن أن يكون هناك حياد في هذه المرحلة ويجب أن لا ننسى أن انضمام تركيا إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” جاء سريعاً لأنها كانت مهددة أنذاك بالاتحاد السوفييتي عبر اجتياح روسي ولذلك هناك مقاربة بين ما يحدث في أوكرانيا اليوم وما حدث سابقا مع تركيا… فهناك عقلانية في التصرف التركي مع الأزمة الأوكرانية الحالية عندما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيره التركي بضرورة إغلاق مضيق البوسفور أمام السفن الحربية الروسية كان الرد التركي بالرفض لأن ذلك غير متوافق مع الأعراف والقوانين الدولية.. ولذلك فإن تركيا تدعم الموقف الأوكراني ولكن بطريقة عقلانية.
– ماذا سيكون مصير الاتفاقيات الروسية – التركية العسكرية منها والسياسية في سوريا مع عدم توافق البلدين بأوكرانيا؟
أعتقد ان موضوع الاتفاقيات الروسية – التركية والذي أفضل أن أطلق عليها بالتفاهمات أو “خفض التصعيد”.. الملف السوري قد يتجه في اتجاهين مختلفين بعد الأزمة الأوكرانية فإذا نجحت أوكرانيا بالدفاع عن نفسها واستطاعت الدول الغربية الضغط على روسيا وبالتالي فشل الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا وانسحاب القوات الروسية منهزمة قد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري كبير في سوريا حيث ستعمل روسيا إلى فرض قوتها بمكان أخر غير أوكرانيا أو تراجع فرض القوة الروسية على عدة مناطق حول العالم.. الأمر الذي سيفرضه أيضاً رد الفعل الشعبي الداخلي ما سيدفع “بوتين” إلى التهدئة في الوقت الحالي وهو سيؤدي لا نفراجة في سوريا.. كما أعتقد أن الخطوة التالية للطرف الغربي والولايات المتحدة والناتو ما بعد أوكرانيا تتمثل في الضغط على روسيا لحل عدة قضايا تسببت بها موسكو حول العالم بينها الأزمة السورية.
– هل تركيا أمام خيارات صعبة واختبارا حقيقياً للسياسة الخارجية فيما يتعلق بالأزمة الأوكرانية؟
لا أعتقد أن الخيار التركي صعب بل هو واضح.. ليس هناك دولة في العالم تدعم روسيا بشكل مباشر حتى الصين لاتقدم دعمها لموسكو بشكل واضح وصريح وبالتالي فإن روسيا تتلقى دعم من قبل دول صغيرة تدور في فلكها كبيلاروسيا وسوريا والشيشان، كما أن الأوضاع الحالية في أوكرانيا يحتم على تركيا اتخاذ موقف معين إلى جانب حلف الناتو والغرب.. لذلك لا أتوقع ان الخيار التركي صعب وكذلك فهو ليس بالجديد أو وليد اللحظة فأنقرة تورد الأسلحة منذ سنوات إلى أوكرانيا وتتبع السياسة التي اختارها الناتو بدعم أوكرانيا.
– كيف تنظر إلى مقدرة تركيا تحقيق التوازن بين مصالحها مع روسيا وتنفيذ مهامها كعضو في “الناتو” الداعم لأوكرانيا؟
ليس هناك الكثير من دول العالم لديها مصالح مع روسيا باستثناء الدول “المارقة” كسوريا وإيران.. وهو ما نطلق عليه بالحليف السام حيث لا يمكن التعامل معه دون حدوث أضرار لذلك اعتقد ان ليس هناك اهتمام للعمل مع روسيا.. ولكن القنوات الدبلوماسية الغربية تتحدث أن لكل حادثة مثل هذا النوع هناك عقبات ومشاكل وبنفس الوقت تفرز فرص أيضا في التعامل مع روسيا جديدة تحت قيادة بوتين أو رئيس جديد باعتبارها دولة ليست بالصغيرة وسوق مورد جيد من الناحية الاقتصادية، ولذلك فعلى تركيا وبقية الدول التحضير للتعامل مع روسيا مختلفة اذ استطاعت أوكرانيا صد الهجوم وإفشاله وأظهرت العقوبات الغربية قدرتها على إضعاف روسيا وبالتالي سيكون هناك اختلاف كبير وتغيير جذري بالعديد من الملفات حول العالم كسوريا وإيران.. واعتقد ان لتركيا دور كبير في هذا التغيير إن حدث بالفعل.
حاوره: يعقوب سليمان