أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد أكثر من 11 عاماً من الأزمة السورية، لا يزال البلد يعاني من عدم الاستقرار الداخلي وأزمات اقتصادية واجتماعية متراكمة إلى جانب أوضاع معيشية صعبة، مع عزلة سياسية حاولت الحكومة الخروج منها عبر بوابات عديدة كروسيا وإيران.
ولعل التحول الأكبر في الموقف العربي تجاه التطبيع مع الحكومة السورية كان بدايات عام 2017، عندما خسرت المعارضة المسلحة معركة حلب وخلال 2018 عندما خسرت معارك ريف دمشق ومحافظة درعا وتسليمها أسلحتها للقوات الحكومية والقبول بالخروج إلى الشمال السوري.
لتبدأ عمليات التقارب العربي مع إعادة الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق، نهاية 2018، على مستوى القائمين بالأعمال، بينما فشلت تونس والجزائر في إعادة عضوية سوريا للجامعة العربية، وفي تشرين الأول / أكتوبر عام 2020، أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء، بالإضافة لإعادة فتح معبر نصيب الحدودي بين سوريا والاردن وزيارة وزير الدفاع السوري الى العاصمة الأردنية،
ووفقا لتقارير إعلامية، أعادت السعودية، في أيار / مايو من العام الماضي، فتح قنوات اتصال مباشرة مع سوريا، بزيارة رئيس جهاز المخابرات السعودي، الفريق خالد الحميدان، لدمشق ولقائه بشار الأسد، ورئيس مكتب الأمن الوطني، اللواء علي مملوك.
كل ذلك أظهر مرحلة جديدة من علاقات الدول العربية مع الحكومة السورية والتي اتسمت بالانقطاع منذ عام 2011 ولكن هناك العديد من التقارير الاعلامية قالت إن عملية التقارب هذه تأخذ طابع التفاوض أكثر من كونها “تطبيع” وان زيارات بعض المسؤولين العرب الى دمشق كانت عبارة عن جلسات حوار بين الجانبين للعمل على “تغيير سلوك” الحكومة السورية، الأمر الذي سيحدد طبيعة العلاقة خلال الفترة القادمة فإما مزيد من الانفتاح أو مقاطعة جديدة.
وخلال حوار خاص مع عضو مؤسس في التجمع الوطني السوري في الجنوب، ياسين محمد البلخي، طرحت شبكة “أوغاريت بوست” العديد من التساؤلات حول الأخبار التي تتحدث عن جلسات حوار مع الحكومة السورية من قبل دول عربية لدفعها إلى “تغيير سلوكها”، وهل تقارب بعض الدول العربية مع الحكومة السورية يأخذ طابع التفاوض لإيجاد حل للأزمة اكثر منه “تطبيع”.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع السيد ياسين محمد البلخي:
هل تقارب بعض الدول العربية مع الحكومة السورية يأخذ طابع التفاوض لإيجاد حل للأزمة اكثر منه “تطبيع”؟
التقارب الذي يحصل مع “النظام” السوري من قبل بعض الدول العربية يأخذ طابع التفاوض من أجل تهدئة الأوضاع في سوريا وإيجاد أرضية للحل السلمي لأن التطبيع مع “النظام” السوري من قبل هذه الدول لم يأخذ شكلا حقيقيا إلى الأن علما أن هناك بعض الدول لها علاقة مستمرة لم تنقطع مع “النظام” طوال السنوات الماضية التي تمت بها مقاطعة “النظام” وتعليق عضوية سورية لدى الجامعة العربية، كما أن هذه الدول اليوم تتحرك لإبعاد “النظام” السوري عن الانصياع لإيران قدر الإمكان، لتقوض إيران هذه المساعي بإقامة بعض المؤتمرات الإقتصادية والقيام باعلانها، على اعتبار أن لإيران الدور الأكبر بإدارة الحكم في سوريا.
ما رأيك بالأخبار التي تتحدث عن جلسات حوار مع الحكومة السورية من قبل دول عربية اعادة علاقاتها مؤخرا، لدفعها إلى “تغيير سلوكها”؟
هذا الأمر يأتي لدفع النظام السوري لتغيير سلوكه القائم على الحسم العسكري مستعينا بإمكانيات إيران ومليشياتها على الأرض السورية وذلك لتحقيق إيران مكاسبها السياسية عبر تدخلها بالأزمة السورية، وهذا الذي جعل الدول الإقليمية تتدخل للحفاظ على مصالحها أيضا وإستغلال القضية السورية لصالحها والتي أدت بدورها إلى حدوث الفوضى الكبيرة وخسارة الشعب السوري التواق للحرية لأنه أصبح الطرف الأضعف بتشابك كل هذه المصالح.
لماذا سمحت الولايات المتحدة لبعض الدول العربية بإعادة علاقاتها مع الحكومة السورية، هل ذلك لإعادة تأهيلها أم هناك سبب آخر؟
لقد وجه هذا السؤال لأحد المسؤولين في الولايات المتحدة الأمريكية عن الملف السوري، وأكد أن سياسة الإدارة الأمريكية لاتزال ثابتة ولم تتغير تجاه النظام السوري، وأن الولايات المتحدة تتفهم حاجة بعض الدول الإقتصادية والأمنية ولكن بما لا يتعارض وسياسة الولايات المتحدة تجاه الملف السوري.. وأن لا يتم استغلال هذه الاحتياجات لإعادة تأهيل النظام السوري من جديد والتأكيد على دعم كل الجهود لمحاسبته على ما إرتكب من جرائم ولكن بالطرق السلمية وإنهاء القتال في سوريا وتحييد المدنيين السوريين الذين دفعوا فاتورة الدم أكثر وبالقول يكفي دفع دم للمدنيين.
كيف تنظر الى مستقبل العلاقات بين الحكومة السورية من جهة والدول العربية والجامعة العربية من جهة أخرى؟
كلنا نعلم أن الجامعة العربية مجرد كلمة بدون أي فعل يذكر، كما ندرك أن هناك دول عربية يهمها عدم سقوط النظام في سوريا وهذه الدول أخذت موقف المتفرج علنا وكانت قلبا وقالبا مع النظام السوري وأن هناك دول أخرى وقفت بكل إمكاناتها مع الشعب السوري في قضيته ولكن الفوضى التي سعى لها النظام جعلت هذه الدول تغير من سياستها بعد التدهور الذي حصل، إلى جانب التدخل الروسي والدول الإقليمية كإيران وتركيا بقوة بالقضية السورية لإضعاف الدور العربي المنقسم أصلا.. ولكن لا مستقبل لهذا النظام وهذه الدول العربية لأن انصياع النظام للإملاءات الإيرانية المستفز للدور العربي هذا يؤجل الصراع ولا ينهيه.