أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – اتهمت قوات سوريا الديمقراطية، أطراف إقليمية وداخلية بعينها، بمساندة عناصر تنظيم داعش الإرهابي وخلاياه النائمة في هجومهم العنيف على أكبر سجن يضم 5 آلاف من أخطر القيادات والعناصر لداعش في الحسكة، وتؤكد القوات العسكرية أن بعض المهاجمين الذين ألقي القبض عليهم أكدوا ضلوع “تركيا” في هذا الهجوم وأنهم تلقوا التدريبات في ولاية غازي عنتاب التركية ومناطق سورية تقع تحت سيطرة القوات التركية “كرأس العين وتل أبيض”.
التحالف الدولي بدوره، أكد أن ما جرى في الحسكة، خطير للغاية، وقال أن هجوم الحسكة ليست مشكلة لهذه المدينة فقط، بل أنها مشكلة العالم. خاصة وأن هذا الهجوم وبهذا الحجم الكبير، جاء بعد نحو 3 سنوات من الإعلان عن هزيمة التنظيم الإرهابي جغرافياً في شمال شرق سوريا، وهو ما اعتبرته اوساط سياسية “ضربة” للتحالف وحربه ضد الإرهاب.
وفيما يخص الاتهام الذي وجهته قسد لكل من تركيا والحكومة السورية بدعم هجمات داعش على سجن الصناعة في الحسكة، اعتبر محللون سياسيون أن تركيا “ضالعة بشكل مباشر في هذا الهجوم”، ورأوا أن اتهام القامشلي لدمشق هو “اتهام سياسي”، ولفتوا أن مواقف دمشق الأخيرة حول ما حصل في الحسكة يضعها في “خانة الشريك لداعش” خاصة مع اعتبار أن ما جرى هو “استهداف للمدنيين”.
شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، تواصلت مع الكاتب والباحث السياسي السوري حسين عمر، حول اتهامات قسد لتركيا والحكومة السورية بدعم هجوم داعش على سجن الصناعة، وماذا يمكن للتحالف أن يفعل في حال إثبات أن لتركيا دور في هذا الهجوم، وما الذي يمكن للمجتمع الدولي فعله بعد هذا التطور الخطير في الحسكة.
وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته “أوغاريت بوست” مع الكاتب والباحث السياسي حسين عمر:
– هل تعتقدون فعلاً أن تركيا وروسيا والحكومة السورية ضالعون في دعم داعش بالهجوم على سجن الصناعة بالحسكة؟
تركيا بالتأكيد ضالعة وهناك أدلة موضوعية وقرائن عملية بخصوص دعمها للمجموعات الإرهابية التي تتواجد في المناطق المحتلة من سوريا من قبلها، إن كان في إدلب أو عفرين وحتى رأس العين، وهناك قرائن ملموسة مثل الفيديوهات وتحركات عناصر داعش في المناطق المحتلة؛ وكما تعلمون لا يمر فترة ألا ويقوم طيران التحالف بقتل شخصيات إرهابية معروفة بين صفوف مرتزقة تركيا السوريين.
وحتى آخر عملية لداعش تحدث بعض من الذين اعتقلتهم قوات سوريا الديمقراطية بأنهم جاؤوا من المناطق المحتلة كرأس العين وتل ابيض تحديداً، وهذا يؤكد على أن للنظام التركي اليد الطولة في تحريك المجموعات الإرهابية ومنها داعش في سوريا والعراق، وهذا يعني بأنها ضالعة تماماً في دعم داعش.
أما بخصوص روسيا ودمشق، اعتقد بان الاتهام مبني على الخصومة السياسية بين الإدارة الذاتية ودمشق من جهة ومن جهة ثانية لا يخفي على أحد بأن ما جرى أعطى النظام السوري المبرر لتوزيع الاتهامات السياسية أيضاً، وكذا حال روسيا الذين وقفا على الحياد لا بل تم قتل بعض عناصر المجموعة الإرهابية على أطراف المنطقة التابعة لسيطرة قوات النظام ولهذا شك الكثير من المراقبين بأن قوات النظام المتواجدة هناك مرتاحة لما تقوم به تلك العناصر من عمل إجرامي والدليل هو إنهم لم يتحركوا أو يطوقوا على الأقل المنطقة التي تحت سيطرتهم لمنع العناصر الإجرامية من الالتجاء إليها، وتصريح محافظ الحسكة أعطى انطباع لدى الناس بأنهم يساعدون داعش بشكل مباشر أو غير مباشر لكن يبقى اتهام دمشق سياسي بالدرجة الأولى بعكس الاتهام المقرون بالدلائل الموجه لتركيا .
– التحالف أعلن عن البدء بالتحقيق حول ما جرى في الحسكة، كيف سيتعامل إذا ما ثبت تورط تركيا كونها عضو في هذا التحالف؟
اعتقد جازماً بأن أمريكا تعلم ولديها الألاف من الإثباتات بأن تركيا تدعم الإرهاب في المنطقة، وتساند وتمول داعش على وجه الخصوص وتوجهه لضرب المناطق الكردية في سوريا لان تركيا ترفض رفضاً باتاً وعلى لسان رئيسها والعديد من مسؤوليها بأن يكون هناك حقوق مشروعة للشعب الكردي في سوريا، وهي تعتبر ذلك خطراً على أمنها القومي كما تتدعي ولهذا فهي تدعم كل من يقاتل الكرد أو يناهض القضية الكردية أو يقف ضد الإدارة الذاتية، مثل المجلس الوطني الكردي المنتمي للائتلاف التركوسوري .
أمريكا تعلم كل ما ذكرناه ولكن مصالحها كما تفعل روسيا هي مع تركيا؛ مصالح جيوسياسية واقتصادية، وتعتبر ذلك أهم من قضية دعم تركيا لداعش ولهذا التحقيقات الأولية جرت وأكدت على الدعم التركي ولكن أمريكا لن توجه الاتهام لتركيا ولن تحاول الضغط علناً عليها أيضاً لهذا ستبقى تركيا داعمة لأعداء الشعب السوري الى حين إيجاد حل مناسب للمقتلة السورية.
– هل تعتقدون أن هجوم سجن الصناعة هو بمثابة الإعلان من قبل داعش عن عودته إلى سوريا، أم أن ما جرى مجرد مرحلة مارقة؟
لم ينتهي داعش من سوريا حتى يعود، تم القضاء على دولة داعش، لكن القاعدة الجماهيرية لداعش ما زالت غزيرة في كل أنحاء سوريا هو ميراث أكثر من ألف عام ولن ينتهي ألا بقيام إصلاح المفاهيم الدينية الموجودة داخل المجتمع والذي تتحمل الأنظمة المتعاقبة في سوريا وزر ترسيخها حتى هذه اللحظة.
داعش حركة أيديولوجية دينية مذهبية عنقية متعششة في البنية الثقافية والاجتماعية والسياسية حتى للإنسان الشرقي المسلم السني .هذه حقيقة يجب عدم أغفالها.
خطورة داعش ستبقى إلى عقود طويلة والتشتت الحالي يساعده في أن يكون بارزاً وعلنياً ونشطاً، وعندما يوجد الحل السياسي وتستقر الأوضاع وتعمل مؤسسات الدولة وتتمتع الأقاليم بالحرية ويحتكم الجميع لدستور عصري علماني لا ذكر للدين أو المذهب أو الطائفية أو القومية فيه حينها ستختفي خطورة داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية، وستفقد قواعدها الشعبية سنة بعد أخرى، لأن الحرية والابتعاد عن التعصب إن كان الديني أو القومي يخلق بيئة مناهضة للأفكار المتطرفة.
– ماذا يمكن للمجتمع الدولي تقديمه لحل هذه المعضلة، وهل نتوقع المزيد من الدعم لقسد خلال المرحلة المقبلة ؟
لا اعتقد بأن شيء سيتغير، إذ حكومة العراق ترفض استقبال مواطنيها الإرهابيين فما بالكم من أوروبا وغيرها من الدول التي لم تعرف كيف تتخلص من المتطرفين، ولهذا من المستبعد أن يكون هناك أية حلول في الفترة القريبة القادمة، واعتقد بأن الحل مرتبط بالحل الشامل في سوريا.
حوار: ربى نجار