دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

روسيا تضغط على تركيا لتنفيذ “اتفاق موسكو 2020”.. فهل ستصمد خطوط التماس في الشمال خلال 2022 ؟

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – منذ بداية العام الجديد 2022، زادت روسيا من قصفها الجوي على منطقة “خفض التصعيد” شمال غرب سوريا، وذلك مع نهاية المهلة الروسية لأنقرة حول تطبيق بنود اتفاق موسكو 2020، وتدل الغارات الروسية المستمرة منذ الدخول للعام الجديد “لضغوطات” تمارس على تركيا لتطبيق التزاماتها.

نهاية مهلة روسيا .. وأنقرة لم تنفذ أي شيء بعد

ومنذ أكثر من سنتين، اتفقت روسيا وتركيا على وقف إطلاق النار في منطقة “خفض التصعيد”، بعد معارك عنيفة جرت بين قوات الحكومة السورية و فصائل المعارضة، خسرت الأخيرة مناطق عدة لصالح الحكومة، ومنذ ذاك الحين تضغط روسيا على تركيا لتطبيق ما تم الاتفاق عليه في إدلب.

وفي آذار/مارس من عام 2020، توصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان لاتفاق حول وقف إطلاق النار في إدلب، وجاء الاتفاق بوصفه “ملحقاً لاتفاق سوتشي 2018″، والذي نص بعد اجتماعات دامت 6 ساعات، على ثلاث نقاط رئيسية :

– وقف إطلاق النار ابتداءً من منتصف الليلة ذاتها الذي عقد الاجتماع بين بوتين وأردوغان.

– إنشاء “ممر آمن” على طول الطريق الدولية حلب – اللاذقية المعروف باسم M-4، بعمق 6 كيلومترات شمال الطريق ومثلها جنوبه.

– بدء تسيير دوريات مشتركة روسية – تركية على الاتستراد الدولي ابتداءً من بلدة الترنبة بريف إدلب وصولًا إلى بلدة عين حور بريف اللاذقية. توقفت هذه الدوريات بعد الاعتداءات المتكررة من قبل جهات مجهولة.

موسكو تذكر أنقرة بالتزاماتها عبر غارات جوية .. وتنديد دولي

وبعد انقضاء سنتين تقريباً على هذا الاتفاق، بدأت روسيا بتصعيد عسكري عبر طائراتها الحربية على منشآت ومرافق حيوية وعامة في إدلب، وذلك بعد أن غابت المقاتلات الحربية الروسية عن أجواء المنطقة منذ تشرين الأول/أكتوبر من عام 2021.

واعتبرت أوساط سياسية أن روسيا ترسل رسائل “تذكيرية” إلى تركيا عبر هذه الغارات الجوية، وتفيد بأن المهلة المحددة انتهت، ويجب على تركيا تطبيق ما تم الاتفاق عليه في موسكو 2020، وإلا فإن الخيار سيكون عسكرياً.

واستهدفت الغارات الروسية محطة المياه التي تغذي مدينة إدلب، حيث خرجت عن الخدمة، إضافة لاستهداف منشأة أخرى قيل أنها “لتربية الدواجن”، وأسفرت هذه الغارات الروسية عن سقوط قتلى وإصابات.

ودانت الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، التصعيد العسكري الروسي الجديد على منطقة “خفض التصعيد”، ودعت لعدم استهداف البنى التحتية والمرافق العامة، وجددت تمسكها بالقرارات الدولية والأممية لحل الأزمة السورية.

لماذا عززت تركيا من تواجدها العسكري في إدلب طيلة السنتين الماضيتين ؟

تركيا ومنذ اليوم الأول لاتفاق موسكو، بدأت بتعزيز نقاطها وقواعدها العسكرية في منطقة “خفض التصعيد”، مع إرسال التعزيزات العسكرية التي ضمت أسلحة نوعية من بينها منصات صواريخ وأجهزة تشويش وعربات ثقيلة والآلاف من الجنود، وذلك في مشهد يمكن اعتباره أن “تركيا تستعد لجولة جديدة من المعارك في إدلب”، كونها تدرك تماماً أنه لا يمكن أن تسمح لسيطرة روسية على الطرق الدولية وفصل شمال إدلب عن جنوبها.

ولا تملك تركيا أي ضمانات لعدم توسع روسيا أكثر في إدلب بعد السيطرة على الطرق الدولية وإبعاد الفصائل عنها، حيث لا وجود للثقة بين الطرفين، مما يعني مستقبلاً (بحسب الرؤية التركية) وضع مدينة إدلب تحت الخطر الروسي، وامكانية إلزام تركيا بتقديم تنازلات في ملفات ومناطق أخرى لصالح موسكو.

“موسكو تدرك أن أنقرة لن تنفذ التزاماتها”

وخلال الفترة ذاتها من تعزيز تركيا لمواقعها العسكرية في إدلب، عملت روسيا والحكومة السورية لتعزيز تواجدها العسكري بالقرب من خطوط التماس مع فصائل المعارضة، حيث جلبت المعدات العسكرية والجنود، ويمكن اعتبار ذلك أن موسكو مدركة تماماً أن أنقرة لن تفي بالتزاماتها حول اتفاق وقف إطلاق النار في آذار/مارس 2020 في موسكو.

تصعيد تركي في مناطق أخرى لصرف النظر الروسي عن إدلب

وتحاول تركيا إشعال جبهات أخرى في الشمال الشرقي من سوريا، تعتبر ضمن مناطق النفوذ الروسي، ابتداءً من ناحية تل تمر وصولاً إلى عين عيسى و منبج بأرياف الحسكة و الرقة وحلب، حيث تتعرض تلك المناطق منذ أشهر لقصف تركي متواصل مع هجمات برية فشلت في تغيير السيطرة العسكرية، وتسعى تركيا من خلال هذا التصعيد “صرف نظر موسكو عن أي عملية عسكرية جديدة في إدلب”.

وأوقف “تحالف روسي إيراني” مع “رفض أمريكي” قبل شهرين، عملية عسكرية تركية كانت وشيكة على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية كانت ستطال مدينة تل رفعت وكوباني وعين عيسى وتل تمر، ما أدى بالأتراك للإعلان عن تعليقها، وأكدت الأطراف الرافضة عن عدم السماح لتركيا مجدداً بشن أي عملية عسكرية في سوريا، حيث يمكن للمزيد من هذه العمليات أن تضع تركيا في موقف أقوى في المفاوضات، وتكسب تنازلات سياسية وعسكرية من موسكو وطهران.

ويشكك متابعون للشأن السوري، أن تصمد خطوط التماس المرسومة حالياً في الشمال خلال عام 2022، ما يعني أن هذه المناطق ستشهد تصعيداً عسكرياً قد يغير مناطق السيطرة العسكرية وترسم خطوطاً جديدة للتماس بين الاطراف المتصارعة على الأراضي السورية.

إعداد: ربى نجار