أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – وفي الوقت الذي تم الحديث فيه عن “وثيقة مسربة للتطبيع العربي مع دمشق”، كشفت صحيفة “الشرق الأوسط” مساء الجمعة، عن “ملحق سري للوثيقة التطبيع العربي” مع سوريا ويتضمن خروج القوات الأجنبية من البلاد، بما فيها الأمريكية والروسية والإيرانية، وسط الحديث عن صعوبة حصول ذلك.
الحد من النفوذ الإيراني .. الاعتراف بالمصالح الشرعية لروسيا
وبعد الكشف عن وثيقة سميت “باللاورقة” من قبل الصحيفة ذاتها، عادت “الشرق الأوسط” للحديث مجدداً عن “ملحق سري لوثيقة التطبيع العربي” مع سوريا، وأشارت إلى أن الهدف النهائي من هذه الوثيقة “خروج كافة القوات الأجنبية والمسلحين من البلاد الذين دخلوا في 2011″، بما في ذلك قوات “التحالف”، وذلك بعد سلسلة خطوات مقاربة “خطوة مقابل خطوة” تشمل بداية “الحد من النفوذ الإيراني والاعتراف بالمصالح الشرعية الروسية”.
وسبق أن كشفت تقارير إعلامية أن “الوثيقة” تم إعدادها من قبل الملك الأردني وتم التباحث حولها مع الرئيسين الأمريكي والروسي قبل أشهر، وضمت الوثيقة “تغيير سياسات النظام في سوريا” وهذا التغيير سيكون متدرجاً، بعد الفشل في إسقاط النظام الحاكم في سوريا.
وتحدث وزير الخارجية الأردني عن الوثيقة وقال في حديث لشبكة “سي إن إن” أن الأردن يتحدث مع الأسد بعد عدم وجود أي استراتيجية لحل الصراع في سوريا، مشدداً على أن المجتمع الدولي لم يفعل أي شيء لسوريا خلال 11 عاماً من الحرب، وتبعاتها من وجود 1.3 مليون لاجئ سوري و تدفق المخدرات إلى الأردن.
هل يمكن للعرب التطبيع مع دمشق دون موافقة أمريكية ؟
وسبق أن أعربت الولايات المتحدة في وقت سابق من يوم الجمعة، عن قلق واشنطن من الإشارات التي تبعثها الزيارات الرسمية لسوريا، وأكد وزير الخارجية انتوني بلينكن، أن واشنطن لا تدعم التطبيع مع الحكومة السورية.
لكن محللين سياسيين اعتبروا أن الزيارات واللقاءات وتطبيع العلاقات بين الدول العربية ومنها الإمارات والأردن مع الحكومة السورية لم تكن لتحصل لولا الموافقة الأمريكية، ويمكن أن يكون ذلك مرتبط “بالتفاهمات” مع روسيا حيال الحل السياسي في سوريا.
خروج القوات الأجنبية .. هل من الممكن حدوث ذلك ؟
إما فيما يخص خروج القوات الأجنبية من سوريا، فمن المعلوم أن سوريا الآن ساحة لتواجد جيوش دول عدة، وهنا نتحدث عن روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة والحلفاء في التحالف الدولي ضد داعش، وكل هؤلاء لهم مصالح وغايات بتواجدهم في سوريا.
وإذا بدأنا الحديث عن روسيا، فإن موسكو لم تكن لتحلم بالوصول إلى “المياه الدافئة” (البحر الأبيض المتوسط) والتي تعتبر سوريا بوابتها، واليوم لديها قاعدتان عسكريتان كبيرتان في الساحل السوري، حميميم و ميناء طرطوس، وهي اليوم تسيطر على جزء كبير من ثروات ومقدرات الشعب السوري التي تعتبر من مصادر الدخل القومي للبلاد، وقد اتفقت مع الحكومة على اتخاذها لعشرات السنين، وبالتالي فإن الانسحاب الروسي ليس صعباً فقط بل مستبعد تماماً، كون سوريا من ركائز الأمن القومي الروسي.
أما إيران، فإنها تحلم بتمديد نفوذها لكامل الجغرافيا السورية، والحصول على المقابل التي جاءت من أجله إلى البلاد وحاربت المعارضة طيلة هذه السنوات، وأن يكون لها موطأ قدم بالقرب من إسرائيل، وتطبيق “مشروع الهلال الشيعي” الذي يربط طهران ببيروت عبر دمشق.
بينما تركيا، وبعد عشر سنوات من الحرب، فهي تسيطر على 7 مدن سورية بالفعل، وتقوم بتغيير التركيبة السكانية إضافة إلى العملة و الهوية والقيود المدنية، وتعيين ولاة أتراك على كل مدينة و إلحاقها بالولايات التركية، وذلك في إطار ما تسعى إليه تركيا لتحقيقه في 2023 “الميثاق الملي”، واحتمال تكرار سيناريو “لواء اسكندرون” وسلخ تلك المناطق عن سوريا، عبر “استفتاء شعبي” وهذا ما حذرت منه العشرات من التقارير.
الولايات المتحدة والتحالف، لعل هذين الطرفين هما الوحيدان اللذان يرتبط وجودهما بأمر معين في سوريا، على الأقل كما يصرحون، وتتعلق بالحرب ضد داعش و تأمين الاستقرار الدائم في شمال شرق سوريا، وتطبيق الحل السياسي وفق المقررات الأممية ذات الصلة لحل الأزمة.
ويبدو بحسب متابعين و محللين سياسيين، إن إنهاء التواجد الأجنبي في سوريا معقد وصعب للغاية، حيث أن انسحاب أي طرف من سوريا يعني الهزيمة و ترك المجال للأطراف الأخرى لملء الفراغ، وهذا مستبعد أن يحصل، مشيرين إلى أن أحد الأهداف الرئيسية “لوثيقة التطبيع العربي مع سوريا” من الصعب أن يتحقق.
هل من الممكن تطبيق باقي بنود وأهداف هذه الوثيقة ؟
إما فيما يخص باقي الأهداف والبنود، فمن الممكن أن تنجح لو تم التوافق عليها روسياً وأمريكياً، وبالطبع بتقديم الحكومة السورية لتنازلات، فالتطبيع معه، بحسب المحللين السياسيين، لن يكون مجانياً، وقد تصل الطلبات العربية للرضوخ للمقرات الدولية و الحد من النفوذ الإيراني، وبالتالي سياسية “التطبيع” خطوة بخطوة. وكل خطوة تعتمد على نجاح المقابل من الخطوة التي تسبقها.
وتتضمن “الوثيقة”، محاربة الإرهاب و إعادة اللاجئين السوريين، ووقف إطلاق النار على المستوى الوطني، والالتزام بالمقررات الدولية، وضمان وصول المساعدات لجميع السوريين. والمقابل سيكون المساندة في إعادة الإعمار و رفع العقوبات الغربية تدريجياً، وانسحاب القوات الأجنبية والتطبيع مرة أخرى.
إعداد: ربى نجار