أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت سنوات الأزمة السورية، الكثير من المبادرات و الاجتماعات واللقاءات التي يفترض أنها كانت “لحل الأزمة”.. كل تلك الاجتماعات لم تستطع تقريب وجهات النظر بين أطراف الصراع على الأرض والداعمين لهم، ولم ينتج عنها سوى استمرار معاناة السوريين، ووصول نسب من يعيش تحت خط الفقر إلى نحو 90 بالمئة.
مؤشرات على تفاهم أمريكي روسي.. ووثيقة أردنية
الأشهر الماضية حملت مؤشرات يقال أنها تدل على “وجود تنسيق أو تفاهمات” أمريكية روسية لحل الأزمة السورية، وذلك من خلال لقاءات ثنائية لمسؤولين رفيعي المستوى بين واشنطن و موسكو من جهة، و الزيارات التي قامت بها وفود سورية من “الحكومة ومجلس سوريا الديمقراطية و المعارضة” إلى روسيا والولايات المتحدة، ومنها استدعاء الرئيس السوري دون سابق إنذار إلى موسكو للقاء بوتين، وهو ما فسرته اوساط متابعة على أن هناك تحركات دولية جديدة لحل الأزمة في سوريا.
حديثاً تم الحديث عن “وثيقة أردنية” تضمن “مصالح روسيا” في رؤيتها للحل السياسي في سوريا، حيث اقترحت “وثيقة سرية” رسمية أردنية، كشفت عنها “صحيفة الشرق الأوسط، مقاربة جديدة للتعامل مع الحكومة السورية، وتدعو إلى “تغيير متدرج لسلوك النظام” في سوريا، وصولاً للانسحاب الأجنبي، تلك القوات التي دخلت إلى سوريا بعد عام 2011، مع الاعتراف “بالمصالح الشرعية” الروسية.
ويقال أن هذه الوثيقة نوقشت بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث أن “الخطوات التطبيعية” الأردنية مع الحكومة السورية التي كانت مفاجئة للكثيرين، مستوحاة من هذه الوثيقة.
“إيقاف إيران” .. وتغيير “سلوك النظام”
كما أن الوثيقة الجديدة قد تؤدي إلى وقف توسع نفوذ إيران، بالتزامن مع فتح عمان الحدود مع دمشق وتبادل زيارات رفيعة المستوى، عسكرية وأمنية واقتصادية.
وتقترح الوثيقة الأردنية، العودة والتركيز على الحل السياسي في سوريا وفق القرار 2254 الأممي ومعالجة الأزمة الإنسانية ومنعكساتها الأمنية في سوريا وجوارها، والتركيز على “محاربة الإرهاب واحتواء النفوذ المتصاعد لإيران”، على أن يكون هدف هذه المقاربة “تغيير تدريجي لسلوك النظام”، مقابل حوافز تنعكس إيجاباً على الشعب السوري وعودة اللاجئين والنازحين، حسب قول المسؤول الغربي.
وظهرت الكثير من المؤشرات على وجود تنسيق أمريكي روسي لحل الأزمة السورية، منها قبول واشنطن بسيطرة الحكومة السورية على درعا، مقابل تعهد موسكو بإبعاد القوات الإيرانية عن الحدود الأدرنية والإسرائيلية، إضافة لموافقة واشنطن على مرور خط إمداد لبنان بالغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سوريا، وحديث الرئيس بايدن بأن إدارة بلاده مستعدة لتعليق وإزالة كل العقوبات على سوريا، وإشارته إلى أن ذلك يتوقف على سلوك الحكومة، وأخيراً موافقة وترحيب واشنطن للحوار بين القامشلي ودمشق.
بوتين أطلع أردوغان على فحوى التفاهم مع واشنطن
تقارير إعلامية كشفت أن الحل السياسي وفق “التفاهمات الروسية الأمريكية” تمت مناقشتها بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماعهم الأخير بمدينة سوتشي، وأشارت إلى أن بوتين أخبر أردوغان بفحوى التفاهمات الروسية الأمريكية وضرورة محاربة الإرهاب في سوريا، مع حديث أنقرة عن “مخاوفها الأمنية” من مناطق الإدارة الذاتية، إلا أن روسيا تعهدت بحماية الحدود.
تركيا مستعدة للانسحاب لكن بشرط ؟!
ولعل ذلك يسفر ما قاله مجلس الأمن القومي التركي في اجتماع له يوم الخميس الماضي، أي بعد عودة أردوغان من روسيا، أن القوات التركية مستعدة للانسحاب من كامل الأراضي السورية، لكن بشرط أن تتعهد روسيا بحماية الحدود مع سوريا. وذلك قد يعني أن يمتد نفوذ روسيا لكامل الشريط الحدودي السوري مع تركيا أو بأماكن تواجدها في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، فيما تتعهد واشنطن بحماية الجزء التي تتواجد فيها وعدم تعرض الأمن التركي للخطر.
ولعل كل ما يحصل الآن على الساحة الدولية حول سوريا، يشير إلى انفراج قريب في الأزمة ونهاية حرب دامت أكثر من عقد من الزمن، دمرت البلاد وشردت أكثر من 12 مليون سوري في الداخل والخارج.
إعداد: علي إبراهيم