أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – قال الخبير الاستراتيجي الروسي أندريه أونتيكوف إن الجيش السوري أصدر قرار وقف إطلاق النار من جانب واحد لكن تم إفشالها من قبل “المسلحين والارهابيين”، لافتاً إلى أن هدف آستانا هو “الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادة الدولة”، وشدد على أن “المجموعات الأجنبية المتواجدة في إدلب أمامها خياران إما الاستسلام والمحاكمة أو الإبادة”.
وعلق أندريه أونتيكوف على تطورات الأوضاع في شرق الفرات ومقارنتها مع إدلب، وقال الأوضاع في شرق الفرات تختلف عن إدلب، ففي إدلب “نحن نتعامل مع مجموعات مصنفة على قوائم الارهاب مثل جبهة النصرة، بينما في شرق الفرات نحن نتحدث عن الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية وهم جزء من الشعب السوري”، وأشار إلى أنه “لا بد من إيجاد حل للصراع بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، لكن يبقى سيناريو القتال موجود وهو سيناريو خطير والحكومة السورية والأكراد يدركون ذلك، ولا بد من إيجاد حل للصراع عن طريق الحوار والمفاوضات”.
هذه التصريحات أدلى بها الكاتب والباحث والخبير الاستراتيجي الروسي أندريه أونتيكوف، في حوار خاص لشبكة أوغاريت بوست، بخصوص تطورات الأوضاع في منطقة “خفض التصعيد”، بإدلب ومحيطها ومناطق شرق الفرات، وفيما يلي نص الحوار:
1- ما تقييمكم للأوضاع في منطقة خفض التصعيد، هل تعتقد أن آستانا 13 خرج بنتيجة بخصوص إدلب ؟
الأوضاع في إدلب لا تزال متوترة للغاية، بغض النظر عن أن الجيش السوري أعلن عن وقف إطلاق النار بشكل أحادي، وكان من الصعب التوقع بأن مفاوضات آستانا ستخرج بنتائج جذرية، أو ستؤدي إلى تقدم جذري في منطقة خفض التوتر هذه. ولكن أنا أعتقد أن النقطة الإيجابية الرئيسية هي أنه بغض النظر عن هذا التوتر القوي جداً في إدلب والكثير من الصعوبات على الأرض وتقوية مواقف جبهة النصرة واضح تماماً بغض النظر عن الرؤى المختلفة بين روسيا وتركيا، الحوار مستمر ومحاولات لإيجاد حل مناسب لكل الأطراف المعنية كذلك مستمرة، وأنا اعتقد أن هذه هي النقطة الإيجابية والتي في نهاية المطاف وعاجلاً أم آجلاً قد تسمح لنا أن نتوصل إلى تفاهم جذري وحل مناسب لكل الأطراف، الحل الذي يحترم سيادة الدولة السورية وطبعاً وحدة الأراضي السورية.
2- اليوم أعلن الجيش السوري استئناف معركة إدلب، ما هي أسباب فشل الهدنة التي تم التوصل إليها في آستانا ؟
واضح تماماً الأوضاع ما تزال متوترة وأود أن أذكر أن الجيش السوري أعلن عن وقف إطلاق النار ليس للمرة الأولى، بل قام بذلك عدة مرات في السابق، ولكن في تلك المرات كما هو الآن كل تلك المبادرات السورية قد أفشلت من قبل المسلحين والارهابيين، لذلك هذا القرار وهو قرار منطقي.
وأود أن أذكر أن قواعد عمل منطقة خفض التوتر سواء في إدلب أو في المناطق الأخرى كما اتفقت روسيا مع الدول الضامنة الأخرى تركيا وإيران، يجب أن تكون هناك هدنة ووقف إطلاق النار وكذلك تشير الاتفاقيات في آستانا حول إنشاء مناطق خفض التصعيد إلا أن من يخرق نظام الهدنة يصبح هدفاً شرعياً ويمكن للطرف الثاني أن يعاقب من يخرق نظام الهدنة، وشاهدنا الخروقات من قبل المسلحين والارهابيين، لذلك هذا القرار من الجيش السوري.
ومن جانب آخر الاتفاقيات في آستانا حول إنشاء مناطق خفض التوتر تستثني المجموعات الارهابية قبل كل شيء مثل جبهة النصرة والمنظمات التي تتعاون مع جبهة النصرة، من نظام الهدنة.
على كل حال بغض النظر عن المبادرات السلمية أو مبادرات وقف إطلاق النار وغيرها من المبادرات، جبهة النصرة ما تزال هدفاً شرعياً للجيش السوري والدول الضامنة وحتى لمجموعات المعارضة، جميعها لها الحق في مواجهة جبهة النصرة، لذلك لا بد من أن نستمر في هذا الكفاح خاصة أن جبهة النصرة ومنذ بداية هذا العام قد قوَّت مواقفها في إدلب بشكل قوي جداً والآن جبهة النصرة تسيطر على أكثر من 90 بالمئة من كل هذه المنطقة وربما أكثر.
3- هل تعتقد أن اتفاقات درعا وريف دمشق ووسط سوريا يمكن أن تكون حلاً مناسباً لموضوع إدلب ؟
كل من درعا وريف دمشق وحمص كلها كانت مناطق خفض التوتر، وهي تعمل وفق القواعد التي ذكرتها في السابق وهي وقف إطلاق النار، ومن يخرق وقف إطلاق النار يمكن أن يتعرض للمعاقبة، ولا يشمل نظام الهدنة المجموعات الارهابية، ولكن إدلب هي مسألة خاصة وهذا واضح تماماً ونحن بحاجة إلى المزيد من الخصوصية للتعامل مع هذه المنطقة بسبب المواقف القوية لجبهة النصرة، والنفوذ التركي قوي جداً في المنطقة، ولا بد من أن نجد حلاً مناسباً لكل الأطراف، لنحترم سيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها ونستمر في مكافحة الارهاب، وعندما أتحدث عن الوضع الخاص لإدلب فأنا أود أن أشير إلى الاتفاقيات الإضافية لآستانا وأقصد اتفاق سوتشي الذي ينص على ضرورة تشكيل منطقة منزوعة السلاح وفتح طريقي (M4 وM5)، ولابد من تنشيط اتفاقيات سوتشي وبعد ذلك ننتقل إلى الموضوع الآخر وهو كيفية التعامل مع بقية أراضي هذه المنطقة.
على كل حال المبادئ الرئيسية لهذه المنطقة هي الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادة الدولة السورية ومكافحة الإرهاب، ولا يوجد هناك شيء خاص بإدلب مقارنة مع المناطق الأخرى.
4- ماذا عن الآلاف من المسلحين الأجانب في منطقة خفض التصعيد، ماذا سيكون مصير هؤلاء ؟
بخصوص هؤلاء المسلحين والارهابيين الأجانب المتواجدين في إدلب، أود أن أشير إلى أن روسيا مراراً وتكراراً عبرت عن موقفها بخصوصهم، وهو أن لديهم خيارين فقط الأول هو إبادتهم كلهم، لأنهم لا يوافقون على شيء ويقتلون ويذبحون الأبرياء ويقاتلون ويشاركون المجموعات الارهابية. أما الخيار الثاني هو إحالتهم إلى محكمة عند استسلامهم للجيش العربي السوري، ومحاكمتهم يجب أن تجري في سوريا، ويجب أن يتم اتخاذ قرار بخصوص مصيرهم من قبل السلطات السورية بالتنسيق مع الدول التي وصل هؤلاء المسلحين منها (أي الدول التي ينحدرون منها)، ولا يوجد هناك خيار ثالث.
5- هل تعتقد أن خطوات الجيش السوري وروسيا في إدلب يمكن أن تسري في شرق الفرات، أم أن الوضع مختلف هناك ؟
بطبيعة الحال الأوضاع مختلفة تماماً بالنسبة لإدلب وشرق الفرات، في إدلب نحن نتعامل مع المجموعات الارهابية مثل جبهة النصرة المصنفة كمجموعة إرهابية من قبل روسيا وتركيا والأمم المتحدة. عندما نتحدث عن منطقة شرق الفرات، فهناك الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية، وبالأساس هم كلهم جزء من الشعب السوري ولا بد من إيجاد حل للصراع بين الحكومة في دمشق وقوات سوريا الديمقراطية أو الأكراد.
هناك جهود روسية من أجل تشكيل اللجنة الدستورية وصياغة الدستور الجديد من أجل احترام حقوق جميع مكونات الشعب السوري، إيجاد هكذا دستور سيكون مناسب لكل مكونات المجتمع السوري.
وطبعاً سيناريو القتال موجود، وهو سيناريو خطير جداً، وأعتقد أن كل من الحكومة السورية والأكراد يدركون بشكل واضح أن هذا السيناريو خطير وغير مقبول، لأننا عندما نتحدث عن شرق الفرات لا نتحدث عن الارهابيين، بل نحن نتحدث عن المكونات المختلفة للشعب السوري، فلذلك لا بد من إيجاد حل للصراع عن طريق الحوار والمفاوضات.
6- الإدارة الذاتية في شرق الفرات تقول أنهم مع الحوار، لماذا لا تتوسط روسيا في تقريب وجهات النظر بين شرق الفرات ودمشق ؟
روسيا في تواصل دائم مع كل من الحكومة السورية والأكراد وقوات سوريا الديمقراطية، وهناك وفود من شرق الفرات ودمشق تأتي إلى موسكو من وقت إلى آخر، وتجري مباحثات ومشاورات مع الجانب الروسي بخصوص كيفية التعامل مع هذه القضية، ولا ننسى في السابق شاهدنا بعض الجولات بين الحكومة السورية المركزية وما يسمى بالإدارة الذاتية في شرق الفرات، وأود أن أذكر أن روسيا منذ بداية الأزمة السورية أصرت على ضرورة احترام حقوق الأكراد وأصرت على ضم الأكراد في مفاوضات جنيف وسوتشي وأصرت على احترام الحقوق الثقافية للأكراد، وروسيا تصر على الحوار.
المشكلة أولاً هي أن الموقف التركي مضاد لتقوية المواقف الكردية، وروسيا مضطرة لتأخذ ذلك في عين الاعتبار، وثانياً وهذه المسألة أهم حالياً وهي أن نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية، وأن أمريكا ستوقف تقديم المساعدات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية في حال اتفقت مع الحكومة السورية، والمشكلة كذلك هي أن الأكراد ربما يعتقدون أن أمريكا هي حليف لهم ولكن هذا ليس صحيحاً بشكل كامل، أمريكا تستعمل الأكراد كوسيلة للوصول إلى أهدافها، ولا تهتم بالمصالح والطموحات الكردية، فقط تهتم بمصالحها ليس أكثر، وللأسف الشديد نحن نرى أن الأكراد يتعاملون مع أمريكا وكل ذلك يؤدي إلى هذا الصراع بين الأكراد والحكومة السورية المركزية.
7- بالتزامن مع التهديدات التركية ضد شرق الفرات، تقول بعض التقارير أن موسكو تشجع هجوماً تركياً محتملاً على المنطقة، هل حقاً روسيا تشجع ذلك وما الهدف منه ؟
هذه المعلومات غير صحيحة بشكل كامل، كيف يمكن لروسيا أن تدعم مثل هذه الأفكار، وهي تركز بالأساس على ضرورة خروج كل القوات الأجنبية من سوريا وخاصة القوات المتواجد بشكل غير شرعي وعلى رأسها القوات الأمريكية، ونحن ليس لدينا أي هدف لتبديل القوات الأمريكية بالقوات التركية في مناطق شرق الفرات، لأن هذا لن ينفع بشيء بالنسبة لروسيا.
الآن نحن نتعامل مع الموقف الأمريكي التي لا تود أن تخرج من سوريا، ونفس الشيء مع تركيا هي أيضاً لا تريد أن تخرج من سوريا، طبعاً لا يمكن أن نوافق على مثل هذا السيناريو.
كما ذكرت المبدأ والهدف الرئيسي هو فتح باب الحوار مع الأكراد ومع الحكومة السورية المركزية أنا أعتقد أنه هي الطريقة الوحيدة بالإضافة إلى الجهود الروسية لتشكيل اللجنة الدستورية، وصياغة دستور جديد لحل الأزمة بين دمشق وما يسمى بالإدارة الذاتية.
حوار: بهاء عبدالرحمن