أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – “تركيا تستخدم سلاح أقوى من الحروب العسكرية ضد الملايين من البشر في شمال شرق سوريا”.. بهذه العبارة علقت العشرات من وسائل الإعلامية العربية والعالمية على المستوى الخطير الذي بات عليه نهر الفرات في شمال سوريا، بعد أكثر من 8 أشهر من قطع تركيا للمياه، ما يهدد المنطقة “بكارثة إنسانية”.
“ظاهرة مرعبة” .. والجفاف في أعلى مستوياته
وأظهرت وكالات إعلامية صوراً التقطتها أقمار اصطناعية، تظهر مدى الجفاف الذي وصل إليه نهر الفرات، الذي لم يشهد مثل هذا الجفاف على مر التاريخ، حيث وصفت الأوساط هذه الظاهرة “بالمرعبة” والتي ستؤثر بدورها على حياة الملايين من السكان في شمال شرق سوريا.
وتم تشبيه ما يحصل في “الجزيرة السورية” بالحالة التي وصل إليها الكثير من المناطق في العراق وخاصة مناطق الجنوب، التي عانت من جفاف كبير بسبب قلة المنسوب المائي القادم من تركيا عبر نهر دجلة، إضافة للفرات الذي يدخل من الأراضي السورية للعراق.
خبراء: السلة الغذائية لسوريا في خطر كبير
خبراء في مجال الزراعة، حذروا من أن استمرار جفاف نهر الفرات في سوريا، سيؤدي خلال السنوات القادمة إلى ظاهرة “التصحر” في المنطقة التي تعتبر زراعية، ما سيؤدي بالتالي إلى قلة الغطاء النباتي في مساحة تقدر بثلث مساحة سوريا، حيث تعتبر “الجزيرة السورية” سلة الغذاء الاستراتيجية لكامل البلاد. كما يعيش في تلك المنطقة أكثر من 5 ملايين نسمة.. هؤلاء سيعانون من قلة المياه، إضافة لتأثر قطاعات الكهرباء والصناعة بها، ماقد يؤدي إلى موجات نزوح كبيرة.
وكان فصل الصيف في مناطق شمال وشرق سوريا هذا العام استثنائياً، حيث ارتفعت درجات الحرارة بشكل كبير جداً، وهو ما زاد في المساحات الجافة، وسط انقطاع شبه تام للطاقة الكهربائية وقلة بمياه الشرب في وقت كان الملايين بأمس الحاجة لها.
مناطق الإدارة الذاتية الأكثر تضرراً
وتعد مناطق الإدارة الذاتية، هي المناطق الأكثر تضرراً من قطع تركيا للمياه، حيث علقت التقارير الإعلامية، بأن تركيا باتت اليوم “تستخدم سلاح فتاك أكثر من العمليات العسكرية في تلك المنطقة” في إشارة منها إلى ما يطلق عليه “سلاح المياه”. حيث أن تركيا وعلاوة على قطعها لمياه الفرات فإنها لا تسمح بضخ المياه لمدينة الحسكة من محطة علوك بريف رأس العين التي سيطرت عليها خلال عمليتها العسكرية المسماة “نبع السلام” في 2019. وهو مايهدد حياة أكثر من مليون نسمة في الحسكة.
انخفاض انتاج الطاقة لأكثر من 70 بالمئة
وتشير المصادر المسؤولة في سد تشرين/الفرات، أن النهر يغطي 90 في المئة من حاجات شمال شرق سوريا من الكهرباء، بما فيها التيار اللازم لمحطات ضخ المياه. ويهدد تراجع منسوب المياه اليوم عملهما.
وتشير الأوساط المسؤولة أنه في كامل شمال شرق سوريا، تراجع انتاج الكهرباء بنسبة 70 في المئة لأن سدي تشرين والطبقة لا يعملان بالشكل المطلوب”.
اتهامات لأنقرة بنقض اتفاقات دولية سابقة
وسبق ان اتهمت القامشلي ودمشق، أنقرة، بعرقلة تدفق نهر الفرات و “باستخدام المياه كسلاح” للضغط لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية، إلا أن أنقرة تضع اللوم على قلة المخزون المائي لديها بعد فصل شتاء جاف وقلة الأمطار الهاطلة.
وتربط سوريا وتركيا اتفاقاً في العام 1987، وقعت بموجبه الطرفان على “اتفاق تقاسم مياه”، تعهدت بموجبه أنقرة أن توفر لسوريا معدلاً سنوياً من 500 متر مكعب في الثانية، لكن هذه الكمية انخفضت إلى الربع خلال الأشهر الماضية، ووصلت في فترات معينة إلى أقل من 200 متر مكعب بالثانية، وفق السلطات المحلية في الإدارة الذاتية، التي حذرت من أن هذا الانخفاض يهدد بنية سد الفرات ايضاً، الذي بدأت التشققات تظهر على بعض هياكله.
إعداد: علي إبراهيم