شنت قوات الحكومة هجوما بالصواريخ والقصف المدفعي على معقل سابق للمعارضة السورية، بغية سحق التمرد هناك، الأمر الذي اعتبرته الصحيفة تطور غير مسبوق في الحرب السورية المستمرة منذ 10سنوات.
وتم استهداف درعا البلد ومحيطها، بالأسلحة الثقيلة بالتزامن مع زحف بري على 3 محاور لفرقتين من القوات الحكومية ومجموعات تابعة للقوات الإيرانية في ساعة مبكرة من فجر اليوم الخميس.
وردا على القصف، شن مسلحون من المعارضة هجمات مضادة في ريف درعا، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 8 من القوات الحكومية واعتقال العشرات في عدة مواقع عسكرية ونقاط تفتيش، بحسب مصادر محلية.
وقُتل ما لا يقل عن 4 مدنيين في المناطق التي تعرضت للقصف، بحسب السكان، كما بدأت أعداد كبيرة من الناس في الفرار، مع العلم انه لا توجد منشآت طبية في المناطق المستهدفة.
العنف هو أسوأ قتال يضرب درعا مهد انتفاضة “الربيع العربي” في سوريا عام 2011 ضد الحكومة منذ أن “تمت المصالحة” بين هذه المنطقة ودمشق وذلك ضمن صفقة بوساطة روسية قبل ثلاث سنوات.
وقال أبو أحمد وهو من سكان درعا البلد “استيقظنا على الهجمات في السابعة صباحًا نحن تحت حصار كامل .. هناك مدفعية عشوائية وقذائف هاون .. كل شيء صد المدنيون الهجوم البري لمنع الدبابات والجنود من دخول البلدة ولكن ليس لدينا مقاومة مسلحة حقيقية لا ماء ولا كهرباء ونقص في الغذاء”.
درعا رفضت الاستسلام
بعد الاتفاق الذي حصل بوساطة روسية عام 2018، وعلى عكس مناطق المعارضة الأخرى التي استعادها الأسد بمساعدة حلفائه في موسكو وطهران، ظل غالبية سكان درعا في منازلهم بدلاً من نقلهم بالحافلات إلى محافظة إدلب على الحدود التركية.
وبدلاً من ذلك، أشرفت موسكو على تجنيد شبان درعا ضمن قوة أمنية محلية جديدة تُعرف باسم الفيلق الخامس، تم إنشاؤه لمساعدة القوات الحكومية المنهكة في المعركة ضد تنظيم داعش الارهابي.
منذ أن تم طرد داعش من جنوب سوريا، باتت الأمور هناك غير مستقرة يتلقى الفيلق الخامس رواتب من موسكو ومن المفترض أن تتبع الأوامر الروسية، لكنها تمكنت من الاحتفاظ بدرجة من الحكم الذاتي، ومنعت القوات الحكومية والأجهزة الأمنية من دخول تلك المناطق الخاضعة لسيطرتهم، كما تم ايواء المطلوبين من قبل الحكومة، وقاموا بحماية الاحتجاجات الكبيرة في الشوارع ضد تعامل الحكومة مع الاقتصاد السوري المتعثر.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت التفجيرات والاغتيالات المتبادلة بين شخصيات المعارضة السابقة وقوات الحكومة أمرًا روتينيًا. وبغض النظر عن محاولات ايران وحزب الله الاقتراب من الحدود الاسرائيلية، فقد أحبطت روسيا إلى حد كبير محاولات الحكومة للقضاء على التمرد الناشئ هناك.
تدهور الوضع في درعا بشكل كبير، وذلك عندما قرر السكان المحليون مقاطعة الانتخابات الرئاسية، وبدأت القوات الحكومية بإغلاق الطرق وقطع إمدادات المياه والكهرباءعن الأحياء التي يقطنها حوالي 50000 شخص، مما أدى إلى نقص في كميات الغذاء والدواء.
وفشلت عدة محاولات تفاوضية بين لجنة أمنية حكومية وممثلين من عشائر من درعا البلد لمناقشة التخلي عن السلاح وإقامة نقاط تفتيش جديدة خلال الشهر الماضي، مما دفع دمشق إلى إرسال تعزيزات عسكرية إلى المنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
ووصفت صحيفة الوطن الموالية للحكومة الأحداث في درعا بـ “بدء عملية عسكرية ضد أوكار الإرهابيين الذين أحبطوا صفقة مصالحة”.
ووردت تقارير غير مؤكدة بحلول مساء الخميس عن أن الفيلق الخامس الذي لم يشارك في الاشتباكات يتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار، لكن السكان أفادوا بأن القتال العنيف مستمر حتى الآن.
وقالت إليزابيث تسوركوف، الزميلة في معهد نيولاينز ذات المعرفة الواسعة بديناميكيات الوضع في الجنوب السوري، إن “التصعيد في درعا البلد يمثل انهيارًا للمفاوضات بين قادة المصالحة والحكومة بوساطة روسيا يقوم الأسد الآن بتنفيذ “الحل” الذي أراد فرضه على درعا طوال الوقت، مما سيجبر من يرفضون التصرف كرعايا للحكومة على الاستسلام والتهجير”.
واضافت تسوركوف “ما لم تتدخل روسيا لوضع حد للقتال والتوسط في وقف إطلاق النار، فإن القتال سيؤدي إلى المزيد من القتلى المدنيين وتشريدهم، ومن المحتمل إخضاع درعا البلد لسيطرة الحكومة الكاملة”.
المصدر: صحيفة الغارديان البريطانية
ترجمة: أوغاريت بوست