أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعيش محافظة السويداء جنوب سوريا، خلال سنوات الأزمة الماضية حالة كبيرة من الفلتان الأمني متمثلاً في عمليات القتل والاختطاف التي تقوم بها مجموعات مسلحة مدعومة مالياً و عسكريا من قبل أطراف مجهولة تحت أنظار القوات الحكومية التي لاتحرك ساكناً في أغلب الأحيان، ولعل عمليات القتل الأخيرة التي شهدتها مدينة شهبا بريف السويداء بين عائلتين خير دليل على دفع أهالي المحافظة للاقتتال فيما بينهم.
أعمال غير شرعية
مصادر محلية في محافظة السويداء حملت بشكل مباشر تدهور الوضع الأمني في المحافظة للجهات الأمنية التابعة للحكومة التي عملت خلال السنوات الماضية على رعاية تشكيل مجموعات مسلحة مرتبطة بها، لخدمة أهدافها، بدءاً من قمع الحراك السلمي في السنوات السابقة، وصولاً إلى القيام بأعمال غير شرعية، منها تجارة ونقل المشتقات النفطية سابقاً من مناطق سيطرة تنظيم داعش الإرهابي في شرق وشمال سوريا، عبر البادية، إلى مناطق درعا جنوب البلاد، التي كانت تسيطر عليها فصائل مسلحة معارضة، فضلاً عن تجارة السلاح والمخدرات، بالإضافة إلى عمليات الخطف والخطف المضاد التي كانت تقع بين محافظتي السويداء ودرعا، والتي تحوّلت بعد سيطرة قوات الحكومة على المنطقة، إلى باب استرزاق لتلك المجموعات، التي بدأت تستهدف الوافدين إلى المحافظة طلباً للفدية، حيث يتهم أهالي السويداء متنفذين في الأجهزة الأمنية برعاية هذه المجموعات، ومنح عناصرها بطاقات أمنية.
واذا عدنا إلى الوراء، الكثير من أهالي المحافظة يتحدثون عن عمليات تسهيل دخول عناصر تنظيم داعش الإرهابي خلال هجومه الاخير على قرى تابعة للسويداء والتي أسفرت عن مقتل واختطاف عشرات المواطنين، على الرغم من أن المنطقة تعج بالحواجز والنقاط والمواقع العسكرية التابعة للقوات الحكومية.
تجاهل حكومي
خلال السنوات الماضية، تلقت الحكومة العديد من النداءات والطلبات من جهات وقوى مجتمعية عدة في السويداء، لرفع الغطاء عن المرتبطين بالأجهزة الأمنية، ومحاسبة المتنفذين الذين يسهلون عمل عصابات الخطف والسرقة، ولكن الأخيرة لم تتخذ بعد أي قرار بالتدخل لضبط أمن المحافظة، بذريعة عدم رغبته في إراقة الدماء هناك وخلق صدام بينها وبين الأهالي، خصوصاً أنّ الأحداث التي تشهدها المحافظة لا تشكّل أي خطر على وجود المؤسسات الحكومية، تاركاً الساحة للحلول العشائرية والعائلية.
مصادر مطلعة قالت إنّ الحكومة تراقب تدهور الوضع في السويداء، وتعمل على تعزيز قواتها، إذ تعمل بين الفترة والاخرى على جلب مئات المقاتلين، الذين توزعهم على الحواجز الموجودة في المحافظة، وبعض مراكزها العسكرية والأمنية، من دون أي تدخل بمجريات الأحداث، إذ يمرّ على تلك الحواجز كثير من الأشخاص المطلوبين، من دون أن يتم اعتراضهم”.
وأضافت المصادر أنّ الحكومة تنتظر أن يخضع الأهالي إلى طلباتها، والمتمثّلة بإطلاق يدها بشكل تام في المحافظة، ما يعني اعتقال عشرات آلاف الشبان لزجهم في الخدمة العسكرية، فضلاً عن اعتقال غيرهم من المطلوبين إلى الأجهزة الأمنية، وهو ما يعيد الوضع إلى ما كان عليه قبل عام 2014، الأمر الذي ما زال أهالي المحافظة يرفضونه.
بدائل مستقبلية
وأوضحت المصادر أنه بحسب الحكومة، فإنّ عدد أفراد عصابات الخطف والسرقة في السويداء يبلغ 147 عنصراً، يتبعون لـ18 شخصاً، هم من يديرون تلك العمليات، الأمر الذي لا يحتاج إلى أكثر من تفعيل مخفر شرطة لتوقيفهم وتحويلهم للقضاء.
بالمقابل، فإن التحركات الروسية الأخيرة في السويداء من خلال زيارة ضباط روس رفيعي المستوى إلى المحافظة ولقائهم مع زعماء دينيين ووجهاء وشخصيات أهلية تلعب دورا كبيرا في هذه الأزمة التي تعيشها محافظة السويداء، حيث قدم الروس العديد من الاقتراحات والنقاط التي تعمل على تسوية أوضاع شبان المحافظة من خلال تجنيدهم لصالحها مقابل مبالغ مالية، إلا أن وجهاء المدينة رفضوا ذلك مؤكدين على أهمية ايجاد حلول للأوضاع الاقتصادية والمعيشية والامنية بالغة السوء.. الفشل الروسي في استقطاب محافظة السويداء قد يكون أحد أسباب الانفلات الأمني المتواصل والذي قد يدفع اهالي المحافظة لإيجاد بدائل أو جهات خارجية داعمة بهدف تشكيل مجموعات مسلحة محلية قوية تستطيع الحفاظ على أمن الأهالي بعيدا عن القوات الحكومية وروسيا.
إعداد: يعقوب سليمان