دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

المسيحيون في إدلب .. انتهاكات متواصلة وحقوقٌ ضائعة

أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تحدثت العديد من التقارير والأخبار الصادرة عن وسائل إعلامية ومنظمات حقوقية وإنسانية عن انخفاض كبير بأعداد المسيحيين القاطنين في محافظة إدلب وذلك مع بداية الحراك الشعبي ضد الحكومة السورية, ولكن النسبة الأكبر من الهجرة أو النزوح تمثلت مع سيطرة هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة على المحافظة.

انخفاض حاد

وبحسب إحصائيات محلية غير رسمية، يقطن قرابة الـ 10 آلاف مسيحي محافظة إدلب، حيث كانوا يتوزعون على قرى اليعقوبية، والقنية، والجديدة، والغسانية وحلوز بريف إدلب الغربي فضلاً عن وجود نسبة منهم في كل من مدينتي جسر الشغور وإدلب مركز المحافظة، إلا أن أعدادهم بدأت بالانخفاض في ريف إدلب نهاية العام 2012 ورحل معظم قاطني مدينة إدلب عام 2015 عقب سيطرة المعارضة المتمثلة ذلك الحين بجيش الفتح، الذي يضم عدة فصائل من أبرزها جبهة النصرة، على المدينة.

واستمرت أعداد المسيحيين في محافظة إدلب بالانخفاض حتى باتت نسبهم أقل من واحد في المئة وبقي منهم قرابة الـ 200 شخص في عموم المحافظة، معظمهم من كبار السن حيث يبلغ متوسط أعمارهم 70 عاماً، ولا تتجاوز نسبة الشباب البالغة أعمارهم بين الـ 20 عاماً والـ 40 عاماً الـ 10 أشخاص فقط.

تضييق كبير

وعانى المسيحيون من تضييق كبير إبان سيطرة جبهة النصرة على المنطقة خاصة خلال الفترة الممتدة منذ عام 2014 حتى مطلع 2017 حين تشكلت هيئة تحرير الشام، وفتحت تحرير الشام ما وصفه البعض بالصفحة الجديدة مع المسيحيين في إدلب.

وعلى الرغم من فتح “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” لصفحة جديدة في التعامل مع المسيحيين فإن الانتهاكات استمرت بحقهم لكن وتيرتها أخذت بالتضاؤل وبقيت معظم أملاك المسيحيين المقيمين خارج سوريا أو في مناطق سيطرة الحكومة تحت سيطرة ماسمي “مكتب أملاك النصارى” التابع للهيئة، حيث تعتبر هيئة تحرير الشام هذه السيطرة جائزة تجاه المقيمين في مناطق سيطرة الحكومة حتى من المسلمين أيضاً، توازيها سيطرة غير جائزة حتى في قوانين هيئة تحرير الشام وتتمثل باغتصاب قادة وعناصر في هيئة تحرير الشام والحزب الإسلامي التركستاني الذي ينحدر مقاتلوه من شرق آسيا على ممتلكات لمسيحيين موجودين في قراهم ضمن مناطق سيطرة الهيئة.

وقد بقيت أراضي المسيحيين تحت سيطرة تحرير الشام ومنتسبيها حتى تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2018 عندما اتخذت هيئة تحرير الشام خطوة نحو الأمام وقررت إعادة الأراضي الزراعية إلى أصحابها، لكن هذه الخطوة لم تكن عند مستوى طموح مسيحيي إدلب الذين كانوا يتلقون الوعود برد حقوقهم إليهم، حيث ردت الهيئة الأراضي الزراعية لأصحابها وأجبرتهم على التوقيع على عقود “انتفاع” تنص على قيام المسيحيين بحراثة أراضيهم وزراعتها وري ما يحتاج منها إلى الري ورش الأسمدة للمحاصيل ثم جني المحاصيل ودفع جميع النفقات المترتبة على الموسم الزراعي مقابل حصول كل مزارع مسيحي على نسبة 40٪ من إنتاج محصوله، وحصول تحرير الشام على نسبة الـ 60٪ المتبقية من دون أن تسهم في دفع نفقات الموسم الزراعي، وهو ما اعتبره مزارعون مسيحيون بالمعادلة الخاسرة، حيث فاقت الكلف التي أنفقها بعضهم نسبة الـ 40٪ التي حصل عليها بعد تعب عام زراعي كامل.

أوضاع صعبة

ويعيش المسيحيون أيضاً أوضاعاً صعبة، حيث اشتكى عدد ممن تحدثوا لوسائل إعلامية من قلة المساعدات الإنسانية، وشكك بعضهم في ضلوع هيئة تحرير الشام في حرمانهم من المساعدات أو في إبعاد المنظمات الإنسانية عن قراهم، وتحدث البعض عن تلقيهم كميات قليلة من المساعدات وتذرع المنظمات بعدم مطابقتهم للمعايير التي تضعها المنظمات لتقديم المساعدات الإنسانية والتي يُعتبر من أبرزها النزوح، وهو ما ينطبق على المقيمين في قراهم من النازحين إليها وأيضاً من مغتصبي عقاراتهم.

واستمرت عمليات التضييق على المسيحيين في إدلب، حيث تفرض عليهم هيئة تحرير الشام إقامة طقوسهم الدينية داخل بهو الكنيسة فقط ومن دون قرع للأجراس أو رفع للصلبان، فضلاً عن تعرض عدد منهم للخطف بغية الابتزاز المالي وهو ما حدث مع شخص مسيحي اختطف عدة أسابيع ودفع ذووه فدية مالية، في حين تعرض مسيحيون آخرون للاختطاف والقتل بهدف السرقة كما حصل مع السيدة “سوزان ديركريكور” وهي مُدرسة لغة عربية في العقد الـ 6 من عمرها ومن أبناء بلدة اليعقوبية، والتي وجدت جثتها في تموز / يوليو من العام 2019، بالقرب من قرية الجديدة القريبة بعد اختفائها أياماً وقد بدت علامات التعذيب والاغتصاب على الجثة العارية من الملابس، ومجردة من مصاغها الذهبي الذي كان بحوزتها.

كل ذلك يأتي في ظل رسائل موجهة من قبل “هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة” خلال الفترة القريبة الماضية إلى الدول الغربية تؤكد اعتدالها واعتبار مشروعها بعيدا عن التطرف .. الأمر الذي يأتي مناقضاً للكثير من الأعمال العدائية ضد المسيحيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة خلال السنوات الماضية والتي تصل إلى مئات الاعتداءات والانتهاكات المستمرة إلى يومنا هذا.

 

إعداد: يعقوب سليمان