دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

الزمن تغير: السعودية تتقرب من الحكومة السورية

بعد سنوات من الصراع، تنظر الرياض الآن إلى دمشق على أنها وسيلة مناسبة لدعم المصالح الإقليمية الأوسع.

تقترب المملكة العربية السعودية من التوصل إلى اتفاق حول التطبيع الدبلوماسي مع حكومة الرئيس بشار الأسد، حيث تتسابق الرياض للعب دور قيادي في إزالة الوجود الإيراني من سوريا، وذللك بحسب أشخاص على درايا وثيقة بالمناقشات.

وفقًا لمسؤول كبير من حركة الضباط الأحرار بالمعارضة السورية، والذي مازال يحافظ على اتصالات وثيقة داخل وزارة الخارجية السعودية ومديرية المخابرات العامة (GID)، فإن “المزاج السياسي داخل آل سعود قد تغير، والعديد من كبار أفراد العائلة المالكة، ولا سيما محمد بن سلمان نفسه، حريص على إعادة الانخراط مع الأسد”.

واضاف المسؤول الكبير “يمكن تعريف الموقف السائد بأن الزمن تغير، والربيع العربي قد اصبح من الماضي، والمنطقة تنتقل نحو مستقبل جديد بخصائص جيوسياسية جديدة”.

وتشير المعلومات التي تم تسريبها، بأن الرياض أرسلت وفداً استخباراتياً بقيادة مدير عام المخابرات العامة خالد حميدان إلى دمشق للدخول في مناقشات حول إمكانية الانفراج بين الخصمين السابقين. كما أرسلت سوريا في أيار أول وفد وزاري لها منذ 10 سنوات إلى الرياض برئاسة وزير السياحة رامي مارتيني.

ويبدو الآن أن السعودية تنظر إلى أروقة السلطة في دمشق كوسيلة مناسبة لدعم مصالحها الإقليمية الأوسع.

“نزع فتيل التوترات الإيرانية”

وفقًا لمسؤول مقيم في دمشق من وزارة الخارجية السورية كان مطلعًا على المحادثات الأخيرة مع الرياض “يشارك محمد بن سلمان في جهود لنزع فتيل التوترات مع جمهورية إيران الإسلامية من خلال التواصل مع سوريا”.

وبحسب المسؤول “أمر محمد بن سلمان فريقه بطمأنة سوريا بأنه لا يريد تغيير النظام، وأن سوريا، كدولة عربية شقيقة، يجب أن تكون بطبيعة الحال قريبة من السعودية”.

وأشار المسؤول، الذي رفض التأكيد، إلى احتمال وجود إيراني في اجتماع دمشق، قائلاً: “دعنا نقول فقط أن الإيرانيين رحبوا على الفور لما سمعوه”.

في ايار، أكد الرئيس العراقي برهم صالح التقارير التي أفادت بأن السعودية وإيران أجريا محادثات ثنائية في بغداد في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة. يُزعم أن تلك المناقشات ركزت إلى حد كبير، وإن لم يكن حصريًا، على حل الحرب في اليمن.

لم يعلق مسؤول من وزارة الخارجية السعودية للجزيرة على ما إذا كانت محادثات دمشق تركز على تحسين العلاقات مع إيران، لكنه قال: “حان الوقت لقبول سورية، كما هي، كجزء لا يمحى من المشهد العربي”.

ومع ذلك، بينما تسعى في الوقت نفسه إلى تهدئة التوترات مع إيران لتجنب الصراع العسكري، فإن جهود المملكة العربية السعودية تشكل أيضًا تجسيدًا للسعي المستمر منذ عقود بين الممالك الخليجية السنية لإبعاد سوريا عن المدار الاستراتيجي لطهران.

ويُنظر إلى هذا الآن على أنه أكثر إلحاحًا مع انحسار مد الحرب الأهلية السورية واستمرار إيران في جني فوائد ما بعد الصراع لتدخلها من خلال إقامة موطئ قدم عميق ومؤثر عبر المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، لا سيما في شكل شبكة واسعة من الميليشيات والمؤسسات الشيعية.

وبحسب شخصية ذات صلات جيدة من حركة الضباط الأحرار “أوضح المسؤولون السعوديون للحكومة السورية أنهم يريدون إعادة تطبيع العلاقات، لكن أي دعم لسوريا في المجال الدبلوماسي يجب أن يسبقه إشارات بأن الأسد جاد في تقليص نفوذ اليد الإيرانية في دمشق، وطرد الميليشيات الإيرانية، وإنهاء استغلال إيران وحزب الله لسوريا كقاعدة عسكرية”.

ومع ذلك، حتى لو كانت لدى الأسد الإرادة السياسية للقيام بذلك، فمن المشكوك فيه أن يكون لديه القدرة على استئصال شبكة إيران الواسعة، الذين يحتاج إلى مساعدتهم لإبقاء بقايا خصومه المسلحين في مأزق.

كما كتب المحلل السوري سمير التقي مؤخرًا “الجيش السوري ممزق وضعيف، والأسد ليس في وضع يمكنه من استبدال أو حتى مواجهة القوات الموالية لإيران في سوريا والتي تشتد الحاجة إليها وذات الجذور العميقة”.

“التأثير السياسي الخفي”

وبحسب مسؤول حركة الضباط الأحرار، يبدو أن السعوديين قبلوا الآن هذه الحقيقة الاستراتيجية، وعرضوا على الحكومة السورية شيئًا من التسوية بشأن الوجود الإيراني.

ويضيف المسؤول “يقر السعوديون بأن الإيرانيين سيستمرون في ممارسة نفوذ سياسي سري في دمشق كما يفعلون في بغداد، لكنهم والإمارات العربية المتحدة يريدون من الأسد أن يضغط على الإيرانيين على الأقل لتقليل تراكم الأصول العسكرية الاستراتيجية، مثل قواعد تخزين وإنتاج الصواريخ”.

ويأتي الحوار السعودي السوري في أعقاب اجتماع عقد مؤخرا بوساطة روسية بين ممثلين عن الحكومتين الإسرائيلية والسورية، نوقش فيه أيضا الوجود العسكري الإيراني.

ووفقًا لمسؤول وزارة الخارجية السورية، فإن الرياض “ترى في محادثاتنا مع الإسرائيليين مقدمة محتملة لمحادثات من وراء الكواليس مع الولايات المتحدة، خاصة في وقت تريد فيه إدارة بايدن الجديدة مغادرة الشرق الأوسط وربما، لذلك، اقبلوا الوضع الراهن في سوريا”.

لكن مسؤولا في مجلس الأمن القومي لدى ادارة بايدن صب الماء البارد على فكرة أي تقارب مع حكومة الأسد.

وقال المسؤول الأمريكي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته” الولايات المتحدة تدعم انتخابات سورية حرة ونزيهة كما دعا إليها قرار مجلس الأمن رقم 2254، لن نعطي الشرعية لنظام الأسد القاتل، حلفاؤنا في المنطقة سيفعلون ما يرونه في مناسبا لمصلحة أمنهم القومي، ومع ذلك، نعتقد أنه من مصلحتهم عدم التعامل مع الأسد”.

المصدر: موقع الجزيرة الانكليزي

ترجمة: أوغاريت بوست