أصبحت تركيا أول عضو في الناتو يوقع اتفاقية دفاع صاروخي مع روسيا عام 2017. كما أنها تتعاون بشكل وثيق مع موسكو في سورية، حيث تنفذ عمليات عسكرية عبر الحدود في الدولة التي مزقتها الحرب.
وتعرضت تركيا لانتقادات واسعة لتعاونها مع روسيا، كما استخدمت أنقرة من جهتها حق النقض (الفيتو) لإضعاف إدانة الناتو الرسمية للرجل البيلاروسي القوي ألكسندر لوكاشينكو بعد أن أجبر طائرة ركاب تابعة لشركة ريان إير على الهبوط في مينسك من أجل اعتقال رومان بروتاسيفيتش، الصحفي المعارض الذي كان على متنها. تم تفسير تحرك تركيا لتخفيف رد فعل الناتو على أنه أحدث حالة تواطؤ بين تركيا وروسيا لتقويض الحلف المكون من 30 دولة.
فبيلاروسيا (الدولة السوفيتية سابقة)، متحالفة بشكل وثيق مع روسيا وتتلقى دعما قويا من تركيا داخل الناتو. خلال مقابلة مع صحيفة كوميرسانت الروسية يوم الاثنين، أكد وزير الخارجية البيلاروسي فلاديمير ماكي أن أنقرة تعارض اتخاذ إجراءات أقوى من قبل الناتو وقال: “نحن ممتنون لتركيا لمثل هذا الموقف، لدينا علاقات وثيقة وودية للغاية مع هذا البلد”.
من وجهة نظر أنقرة، تهدف قراراتها في الناتو إلى موازنة علاقتها مع روسيا، وصرح الرئيس رجب طيب أردوغان هذا الأسبوع أن الناتو قوي لوجود تركيا فيه.
وجاءت تصريحاته قبل قمة الحلف المقررة منتصف حزيران، حيث سيتم مناقشة تقرير الناتو 2030 والصراعات الإقليمية والعالمية. كما سيجري أردوغان، على هامش القمة، محادثات ثنائية مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. تحتاج واشنطن إلى النظر في مكانة تركيا الجيوسياسية، فضلاً عن نفوذها العسكري والسياسي، إذا كانت تهدف إلى احتواء النفوذ الروسي في المنطقة من خلال تعزيز الناتو. وتعتبر القمة المقبلة فرصة لتركيا وشركائها داخل الحلف لضمان سياسة متوازنة ضد روسيا.
قبل القمة، صرحت موسكو أنها مستعدة لمناقشة جوانب سياستها الخارجية التي يرى الحلف أنها مقلقة مع الناتو. صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “إذا رأى أحدهم بعض الخطط الخطيرة بعيدة المدى في موقف روسيا، فنحن مستعدون لمناقشة هذا الأمر”.
أصبح أعضاء الحلف أكثر وعيًا بالتحديات والتهديدات التي تشكلها روسيا على منطقة شمال الأطلسي. النفوذ الروسي نشط في أوكرانيا وجورجيا، وهما دولتان سوفيتيتان سابقتان تعملان بشكل وثيق مع الناتو وتعانيان من التأثير المباشر لروسية. إنهما تطمحان للانضمام إلى الناتو في المستقبل.
كعضو في الناتو، تولي تركيا أهمية كبيرة لعلاقاتها مع أوكرانيا وجورجيا. أوكرانيا من دعاة الناتو منذ فترة طويلة ودولة سوفيتية سابقة موالية للغرب في منطقة متنازع عليها. لذلك، فهي أيضًا ذات أهمية استراتيجية بالنسبة لتركيا، التي كثفت جهودها لتعزيز العلاقات مع كييف. كما باعت تركيا، التي تواجه أوكرانيا وروسيا عبر البحر الأسود، طائرات بدون طيار إلى كييف في عام 2019 وتعهدت بدعمها وسط حشد للقوات الروسية على طول حدودها. بالإضافة إلى ذلك، قدم أردوغان دعمه لمسعى أوكرانيا لعضوية الناتو.
حذر لافروف تركيا مؤخرًا مما وصفه بمحاولات لإذكاء “المشاعر العسكرية” في أوكرانيا بعد أن تحركت أنقرة لتعزيز التعاون مع كييف. وفي الوقت نفسه، تفرض روسيا حظرًا مستمرًا على السياحة على تركيا. على الرغم من أن موسكو قالت بأن القرار يتعلق بحالات الإصابة بمرض فيروس كورونا في تركيا، فسر الكثيرون القرار على أنه مرتبط بالتصعيد الأخير بين موسكو وأوكرانيا.
انتقدت أنقرة، إلى جانب بقية أعضاء الناتو، ضم موسكو لشبه جزيرة القرم عام 2014 وأبدوا دعمهم لوحدة أراضي أوكرانيا في الوقت الذي تقاتل فيه قوات كييف الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق البلاد. إن رغبة موسكو في تحويل البحر الأسود إلى بحيرة روسية تشكل تهديدًا مباشرًا للمصالح الأمنية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فضلاً عن مصالح تركيا، تعتبر قمة الناتو القادمة فرصة جيدة لمناقشة المبادرات المتعلقة بالبحر الأسود.
وتدرك تركيا موقفها داخل الناتو، لكنها أيضًا تقبلت حقيقة أنها لا تستطيع الوثوق بشركائها في التحالف لتحقيق التوازن في نهجهم تجاه روسيا. وبالتالي، فإنها تنفذ سياستها الخاصة تجاه دول مثل أوكرانيا وجورجيا للحد من النفوذ الروسي دون عدوان عسكري ودعم غربي. فهي لا تعمل لصالح أو ضد روسيا داخل الناتو، كما يزعم الكثيرون، فهي تنتهج سياسة موازنة مصالحها مع روسيا، من سورية إلى أوكرانيا.
المصدر: صحيفة العرب نيوز السعودية
ترجمة: أوغاريت بوست