أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يتوقع محللون سياسيون أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية لن تحدث تغييراً سريعاً في مشاكل الشرق الأوسط، كون واشنطن في ظل إدارتها الجديدة ستكون بحاجة لترميم العلاقات مع الحلفاء بعد سنوات ترامب، إضافة إلى أن لديها ملفات أخرى تعمل عليها، مشددين على أن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة ستحتاج لبعض الوقت حتى تتضح.
ويتساءل الكثيرون عن كيفية التعامل الأمريكي بما يتعلق بالملف السوري والتدخل التركي والإيراني في هذا الملف بعد وصول الرئيس المنتخب جو بايدن إلى سدة الحكم، وهل سيكون هناك المزيد من الضغط على المتدخلة بالأزمة السورية للوصول إلى حل سياسي للأزمة في البلاد.
هذه التساؤلات وغيرها طرحتها شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية، على الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور نصير العمري من واشنطن. وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي دار بين شبكة “أوغاريت بوست” والعمري :
هل سنشهد تغيير جذري للسياسة الأمريكية في سوريا بعد وصول بايدن لسدة الحكم، وما موقف الإدارة الأمريكية الجديدة من العقوبات على سوريا ؟
بالنسبة لإدارة السيد بايدن، بكل تأكيد سيكون هنا تغييرات في سياسة الخارجية للولايات المتحدة، باعتقادي التغيير سيبدأ بعودة الولايات المتحدة إلى التحالف التقليدي والتنسيق مع أوروبا بشكل أكبر، لان السيد ترامب ابتعد عن الناتو، وكانت قراراته كلها بعيدة عن التنسيق مع الأوروبيين والناتو، هذه ستكون أهم نقطة في التغيير في السياسة الخارجية، يتبعها صياغة سياسية تتعلق بإيران، بتوافق أكبر بين الأمريكيين والأوروبيين.
سياسة الولايات المتحدة مع إيران ستستمر بأن تكون سياسة احتواء، ولكن إبقاء باب التفاوض مفتوحاً، ما الذي سيحصل بالملف الإيراني طبعاً لا يمكن التنبؤ بردة فعل النظام في إيران، لكن أظن بأن الولايات المتحدة والأوروبيين، سيقومون بعرض رفع العقوبات مقابل تغيير إيران لموقفها والعودة إلى الاتفاقية النووية، ولكن لا يمكن للأوروبيين والأمريكيين أن يسمحوا لإيران بسياستها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، في هذا الملف أظن بأن التغيير سيكون بشكل مشترك، موقف مشترك موحد أكبر باتجاه إيران، وأظن سنعود إلى موقف أفضل أمريكي أوروبي باتجاه إيران، ولكن يعتمد على ردة الفعل على النظام في إيران، لأن إيران تتعرض لعقوبات قاسية، وربما تبدأ المفاوضات ولكن لن يكون هناك تغيير سريع، والنظام في إيران لن يتخلى عن النفوذ في العراق وسوريا ولبنان واليمن بسهولة، ويحتاج شيء مقابل ذلك.
فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أظن أن سيعود التظاهر بالحياد، صفقة القرن سقطت وضم الجولان وغير ذلك عبارة عن حبر على ورق، وأظن أن السيد بايدن، سيعود للحديث عن السلام في الشرق الأوسط، وربما دفع عملية السلام.
السيد بايدن ليس حمامة سلام، أظن أنه في سوريا سيدعم الأكراد أكثر، وربما ستكون هناك استراتيجية أكبر تقوم على التعامل مع الواقع في سوريا والعراق ولبنان، التعامل على أساس أن إيران موجودة ومؤثرة وروسيا أيضاً، وأتوقع بأنه السيد بايدن سيكون منفتح لمشاورات وتنسيق، وكله مرتبط بموقف من إيران وتقدم المحادثات بما يتعلق بالملف النووي وتوقيع اتفاقية، ولا أتوقع أنه سيكون هناك تغيير كبير في السياسة الأمريكية بشكل فجائي، ولكن السيد بايدن سيبني تدريجياً استراتيجية جديدة تقوم على التفاوض مع إيران، ولكن بنفس الوقت سيسمح لإيران بالعمل في سوريا والعراق واليمن وغيرها بدون فرض ضغوط على النظام في إيران.
تركيا نفذت الكثير من خططها في سوريا ومن ضمنها “المنطقة الآمنة”، في عهد ترامب، كيف سيتعامل بايدن مع تركيا ؟
أما بخصوص تركيا، فإن الولايات المتحدة في الحقيقة أصبحت فيما يتعلق بالتعددية القطبية التي تعم العالم الآن، تنامي قوة الصين وتركيا وتأثيرها الإقليمي، و تنامي قوة فرنسا ورغبتها بالتدخل في الخارج، فهناك لعبة جديدة، أظن أن الأمريكي سيقوي الموقف الأوروبي، والموقف التركي ربما يتراجع بعض الشيء، لأن عودة الناتو بقيادة الولايات المتحدة، يلغي الهدف والتأثير التركي، ولكن يبقى بيد تركيا الكثير من الأوراق يمكن أن تلعبها، ولكن هل يكون هناك تقارب أمريكي تركي ؟، لا أتوقع ، وأظن أن تركيا ستستمر بنفس السياسات، فهذا بالنسبة لتركيا، ومن الممكن أن يكون هناك حوار منسق أكثر، لأنه كان هناك فوضى دبلوماسية في الحقيقة في زمن السيد ترامب، فيمكن للدبلوماسية الهادئة أن تجد بعض التوافق بين الولايات المتحدة وتركيا وتوقيف التصعيد، ولكن اللبنة الأساسية للاستراتيجية الأمريكية ستكون إعادة توحيد الموقف الأمريكي والموقف الأوروبي من المشاكل في المنطقة، فإذا هذا حصل فأظن أنه الموقف من إيران و تركيا ربما يكون أقوى من سنين الأربعة وهي سنين حكم السيد ترامب.
هل ستسمح الإدارة الأمريكية الجديدة لتركيا بالتمدد أكثر عسكرياً في سوريا ودول المنطقة ؟
أظن أنه يجب عدم المبالغة بالتفاؤل بأن السيد بايدن لن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، لن يكون هناك عودة للماضي، لأن الماضي انتهى، وهناك واقع جديد في الشرق الأوسط، وأظن بأنه الولايات المتحدة بالإضافة للشرق الأوسط لديها ملفات كبيرة داخلية، وملفات مواجهة مع روسيا والصين، وهناك مشاكل مناخية، فأصبح هناك تراجع كبير بالرغبة بالتدخل في الشرق الأوسط، فلا أتوقع بأن تكون هناك نتائج مباشرة تغيير في السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن تدريجياً ستتضح ملامح الاستراتيجية الأمريكية، وأظن بأنه مع الوقت ربما يكون هناك التفاتة من الأوروبيين والولايات المتحدة إلى المشاكل العميقة في الشرق الأوسط، ولكن يجب عدم التفاؤل خاصة أن السيد بايدن يعود ويحتاج لوقت طويل لترميم العلاقات الدولية بين أمريكا وحلفاءها، ولكن يبقى الدور الأمريكي لا يستهان به، لأن استخدام القوة العسكرية دائما موجود واستخدام العقوبات سلاح بيد الولايات المتحدة، ويمكن التأثير بشكل كبير دون الانخراط بشكل كلي في مشاكل الشرق الأوسط.
حوار: ربى نجار