أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – برعاية روسية تامة، يعقد المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين أعماله ابتداءً من يوم الأربعاء الـ11 من تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، ويستمر ليومين، في خطوة اعتبرتها أوساط سياسية “أنها محاولة روسية لإعادة تعويم النظام الحاكم في سوريا، وهو بعيد كل البعد عن الأهداف المعلنة عنه”.
وبحسب الأوساط السياسية السورية، فإن الأوضاع في البلاد غير مستقرة وآمنة حتى يتم الحديث عن إعادة اللاجئين السوريين، حيث أن مناطق سيطرة الحكومة لا وجود لأدنى مقومات الحياة فيها، مشيرين إلى أن عودة ملايين السوريين بحاجة لشروط معينة لا تتوفر في الوقت الحالي.
شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية أجرت حواراً خاصاً مع الباحثة والسياسية وعضو اللجنة الدستورية السورية عن فئة “المجتمع المدني” الدكتورة سميرة المبيض، حول المؤتمر الدولي لعودة اللاجئين السوريين الذي سيعقد في دمشق، وفيما يلي نص الحوار الكامل:
1- روسيا والحكومة السورية تتحدثان عن مؤتمر لعودة اللاجئين السوريين، كيف تنظرون لهذا المؤتمر ؟
اعتقد أن التوجه لعقد مثل هذا المؤتمر يدخل ضمن إطار محاولات روسيا لتوطيد مكتسباتها المستقبلية في سوريا، أما من جهة النظام فهو يعمل على الظهور بموقع المسيطر على الأمور وبأنه مستعد لاستقبال اللاجئين، كما أنه يهدف الى الهيمنة على أصوات ملايين اللاجئين خلال الاستحقاقات الانتخابية المستقبلية في سوريا والذين سيتاح لهم الأدلاء بأصواتهم بشكل حر في دول اللجوء، بينما ستخضع أصواتهم لعمليات الضغط والتزييف في مناطق حكم الاسد. الادعاءات التي يقدمها النظام بعيدة عن الواقع السوري حيث يعتبر طرح امكانية عودة اللاجئين بعد أن تسبب بتهجيرهم القسري مع حلفائه وداعميه بشكل مباشر عبر عمليات القصف والتدمير أو بشكل غير مباشر عبر التضييق الأمني والملاحقات والترهيب أمر مستهجن. ويضاف إلى ذلك عدم امكانيته لضمان شروط حياة كريمة لمن هم متواجدون أساساً في مناطق خاضعة لسيطرته، فكيف به بتأمين الشروط الأساسية للاستقرار والاحتياجات للملايين من اللاجئين ؟.
2- هل الظروف في سوريا برأيكم مهيأة لاستقبال اللاجئين، وهل يمكن لروسيا اعطاء المطلوبين والمعارضين الضمانات لعودة آمنة ؟
لا تسمح الظروف في سوريا بعودة اللاجئين بأي شكل كان، فالمناطق الخاضعة لسيطرة النظام لا وجود فيها لأدنى مقومات الحياة وينعدم فيها الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي، والمواطنين السوريين يعيشون ضمنها بمعاناة كبيرة والموارد السورية تستنزف في الصراعات والسعي للحفاظ على السلطة ولا توجه لتوفير حياة كريمة للسوريين. كما أن عودة الملايين من اللاجئين ومعظمهم من العوائل تتطلب وجود بنى تحتية ومدارس ومؤسسات فاعلة تؤمن السكن والعمل والدخل المستدام، إضافة الى منشآت طبية تستوعب الحالات الصحية المتفاقمة في ظل جائحة الكورونا، وتلك الشروط بمجملها غير متوفرة وتوفرها يتطلب إعادة إعمار سوريا، أي يرتبط بعملية الانتقال السياسي بشكل كامل.
أما من الناحية الأمنية فلا يمكن لأي جهة، روسية أو دولية، اعطاء المطلوبين والمعارضين ضمانات لعودة آمنة في ظل تحكم نظام الاسد بالسلطة والمنظومة الأمنية، حيث يعمل النظام عبر أذرع متعددة تخل بالأمن المحلي بشكل كبير ومنها ميليشيات مسلحة إيرانية وتنظيمات إرهابية ومرتزقة وعصابات وتعد جميعها عائق لأي متابعة جدية لأحوال اللاجئين بعد عودتهم والذين قد يكون مصيرهم أسوة بآلاف من المختفين والمغيبين والمعتقلين والمخطوفين دون وجود امكانية لحفظ امنهم وقد يتعرضون لأشكال أخرى من الانتهاكات الإنسانية والاضطهاد مثل التمييز السلبي والتشريد والفقر والحرمان من فرص العمل أو الطبابة، وهي ظروف لا يمكن متابعتها ومعالجتها دون وجود مؤسسات رسمية ومؤسسات دولة تضمن عدم وقوعها.
3- هناك حديث عن أن روسيا من خلال هذا المؤتمر تسعى لإعادة الشرعية للنظام الحاكم في سوريا، ما رأيكم انتم؟
اعتقد أن روسيا تسعى لتوطيد مكتسبات مستقبلية من خلال عقد هذا المؤتمر، لكن لا يمكن لأي من الدول أن تعتقد بإمكانية إعادة الشرعية للنظام الحاكم في سوريا، فهو قد فقد هذه الشرعية من خلال انهيار كافة مرتكزاتها المتعلقة بمهام الدولة من ضمان استمرارية العقد الاجتماعي وضمان الامن للمواطنين على العكس فقد ثبت ارتكاب النظام لانتهاكات إنسانية وتواطؤه مع تنظيمات ارهابية بهدف ترهيب وترويع السوريين والدول المحيطة والعالم.
4- هل تعتقدون أن هذا المؤتمر سينجح أم حاله سيكون حال الفعاليات السياسية الأخرى حول الأزمة السورية ؟
اعتقد أن هذا المؤتمر في حال انعقاده وبوجود الامم المتحدة كمراقب ضمنه سيكون بحالة جمود فعلية، لأن تفعيله كمسار من ضمن مسارات الانتقال السياسي سيتطلب أن تضطلع به كافة الدول والمؤسسات الدولية الرسمية وتحقق شروط موضوعية من البيئة الآمنة والمحايدة ومن وجود حكومة قادرة على تنفيذه وعلى ادارة ملفات بحجم ملف اللاجئين وعلى توظيف الموارد والمساعدات في مكانها السليم، بينما في ظل النظام الحالي ستذهب أي مساعدات في خانة النهب والفساد المستشري في مفاصل الدولة، ولن يكون حال اللاجئين بأفضل مما هو عليه اليوم، بل أسوأ على كافة الصعد وسنشهد تفاقم للكارثة الانسانية عوضاً عن حلول حقيقية.
حوار: فادي حسن