أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – شهدت الساحة السورية، تطورات جديدة دفعت الكثيرين للاعتقاد أن سوريا أمام “ثورة” جديدة قد يطلق عليها لقب “ثورة الجوع”، وذلك بعد التدهور والانهيار المتسارع لليرة السورية.
وبين عشية وضحاها، استفاق السوريون ووجدوا أن عملة بلادهم باتت في الحضيض، حيث وصل سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في تعاملات يوم الاثنين الماضي، إلى أكثر من 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد، الأمر الذي سبب حالة من الهلع والخوف في الأوساط الشعبية من تدهورات جديدة.
“انتفاضات المدن”
وخرجت تظاهرات عدة في مدن وبلدات سورية طالبت بتحسين الوضع المعيشي والقيام بإجراءات تحد من انهيار الليرة والاقتصاد المحلي، بينما طالبت أخرى برحيل الحكومة واستقالتها، وتطور الحال في البعض الآخر للمطالبة “برحيل بشار الأسد” حسب الشعارات.
ويقول محللون سياسيون تحدثوا لأوغاريت بوست، “أنه بعد أن كانت درعا شرارة لانطلاق الثورة السورية في 2011، فإن السويداء أصبحت الأيقونة الجديدة لثورة الجوع في 2020، وذلك على خلفية المعاناة الكبيرة التي يعيشها سكان المحافظة التي تسكنها الأقلية الدرزية”.
وأشارت تلك الأوساط إلى أن “انتفاضة السويداء وغيرها من المدن” تقلق الحكومة السورية وترى فيها خطراً عليها، خاصة وأن الحكومة في موقف لا تحسد عليه، فمن جهة لا موارد ولا إمكانيات لمواجهة العقوبات المستمرة، ومن جهة أخرى تنتظر ما ستؤول إليه الأمور بعد تطبيق قانون العقوبات الأمريكي “قيصر” في الـ17 من الجاري، والذي سيبدأ رحلته الطويلة في سوريا بحزمة من العقوبات الاقتصادية على الحكومة وحلفائها.
لا إمكانية لمواجهة “قيصر”
ويتفق محللون سياسيون وخبراء اقتصاد، أن الحكومة لا تستطيع مواجهة العقوبات الغربية والأمريكية المستمرة منذ أكثر من 9 سنوات، ولن تستطيع تفادي ولو جزء من عقوبات “قيصر”، الذي تم إقراره ليكون الطريق لإجبار الحكومة على القبول بسياسات واستراتيجيات واشنطن في سوريا.
ماذا تريد واشنطن ؟
وتطالب الولايات المتحدة من الحكومة السورية مقابل عدم تطبيق “قيصر”، وقف إطلاق النار على كامل الجغرافيا السورية – إطلاق سراح المعتقلين السياسيين – الكف عن دعم إيران وحزب الله والعمل على إخراجهم من سوريا – والأهم من ذلك كله، الدخول في حوار مع السوريين لإنهاء الأزمة والعمل على تشكيل حكومة انتقالية. ولا مانع للإدارة الأمريكية أن يشارك فيها الرئيس السوري بشار الأسد.
رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا، مروان حمزة، رأى أنه على الولايات المتحدة إعادة النظر في قانون قيصر وكيفية حماية المواطنين السوريين، إذ إن “معاقبة النظام بهذه الطريقة لن تؤثر عليه فقط”، وذلك في إشارة منه إلى أن من سيدفع الثمن بشكل أكبر هم السوريون.
ورغم التحسن الملحوظ (الذي وصفه البعض على سعر صرف الليرة السورية)، خلال تعاملات الثلاثاء، إلا أن الخبراء أكدوا أنه حتى بتدخل الحكومة ومصرف سوريا المركزي بتحسين سعر الصرف قليلاً، فهذا الدعم لن يؤثر كثيراً على الدولار وسعر صرفه أمام الليرة، مشيرين إلى أن الليرة قد تكون تحت الـ3 آلاف ليرة خلال الأيام القادمة، ولكن ليس بعد 17 من الجاري، حيث أنه من المتوقع أن تتراجع الليرة من جديد.
الأزمة الاقتصادية قديمة متجددة
وفي تصريحات سابقة من قبل محللين وسياسيين سوريين لـ “شبكة أوغاريت بوست” حول “قيصر” وسبل مواجهة الحكومة لها، أكدوا أن، “الحكومة غير قادرة على مواجهة القانون، كون لا موارد لديها والحلفاء لديهم أزماتهم الاقتصادية، والمشاكل التي يعاني منها الاقتصاد السوري ليس مرتبط بالعقوبات الامريكية فحسب، بل هناك مشاكل بالبنية الهيكلية للاقتصاد والفساد المستشري في المؤسسات الحكومية”.
إعداد: ربى نجار