أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – نشرت صحيفة الحياة في عددها الصادر أمس،الإثنين، تقريراً تطرقت فيه إلى بوادر أزمة جديدة بين فرنسا وتركيا على خلفية إثارة فرنسا وإدانتها لمذابح الأرمن.
وتقول الصحيفة أن الأتراك لا ينكرون العدد الكبير من الأرمن الذين قتلوا، لكنهم يقولون إن ترحيلهم كان ضرورة عسكرية، وأنه لم يكن هناك تعمد للقضاء على الأرمن، ما قد يبرر الاتهام بارتكاب جريمة إبادة.
وهناك خلاف حول عدد الضحايا الأرمن، إذ اجمع المؤرخون أن حوالي مليون و500 ألف أرمني قتلوا، بينما يقول الأتراك إن عدد من قتلوا لا يتجاوز 600 ألف، وهو عدد “كارثي”، على رغم محاولة الأتراك تصغيره.
يقول المفكرون، إنه لا يوجد مبرر لهذا الترحيل الجماعي للسكان الأرمن، وإنه كان ثمة الكثير ما يمكن فعله لحماية المُرحلين.
الصحيفة أشارت إلى أن التهديدات التركية لم توقف برلمانات أوروبية عن إدانة مذابح الأرمن، ووصفها بـ”الإبادة”، لكن الإدارة الأميركية تمكنت من منع الكونغرس من تمرير هذا القانون.
وبينما تحرص الولايات المتحدة على حماية مصالحها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، فهي لا تريد إبعاد حليف لها مثل تركيا، فإن فرنسا تعرض مصالحها الاقتصادية إلى الخطر لإدانة من ارتكب المذبحة.
فرنسا هي ثالث أكبر مستثمر أجنبي في تركيا، وبلغت صادراتها لأنقرة حوالى ستة بلايين يورو. وألمح المسؤولون الفرنسيون إلى أن أي تمييز تركي ضد فرنسا سيكون عملاً غير قانوني بناءً على قواعد منظمة التجارة العالمية التي تنتمي كل من تركيا وفرنسا إلى عضويتها، وقواعد الاتفاق الجمركي المشترك بين تركيا والاتحاد الأوربي.
ولكن إثبات التمييز أمر صعب، خصوصاً في حال عقود البنية التحتية الضخمة التي تهتم بها فرنسا، مثل أنظمة السكة الحديد السريعة، وإنشاء محطات الطاقة النووية، وبيع طائرات الركاب المدنية والطائرات العسكرية، وأشياء أخرى في مجالات تخصص الصناعات الفرنسية. وعلاوة على ذلك، فليس هناك ما يمنع الشركات التركية الخاصة أو الأفراد من مقاطعة البضائع والخدمات الفرنسية.
الأمر المهم بالنسبة للحكومة التركية هو أن تبرهن أن نمو البلاد وقوتها وسجل نموها الاقتصادي يمكن أن يتحول إلى ميزة ديبلوماسية.
ويرجح محللون، بحسب الصحيفة، نشوب أزمات ديبلوماسية أكثر بين تركيا وفرنسا في المستقبل، بسبب إصرار تركيا على عدم الاعتراف بالمذبحة، وهو ما تراه فرنسا ضرورياً.
تركيا حاولت في المرات السابقة تجاوز الأزمات وتقديم تنازلات من أجل المكاسب الاقتصادية.