أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – اعتبر موقع “ميدل إيست مونيتور” أن تركيا ستضطر قريباً إلى مواجهة “المجموعات الراديكالية” في إدلب رغم تأجيل تلك الخطوة، مستعرضاً الأسباب والعوامل الموضوعية المؤدية إلى ذلك.
وقال الموقع: “في الوقت الذي أصبح فيه الأسد مزعجاً وعبئاً على أهداف روسيا بعيدة المدى في سوريا، فإن بعض الجماعات التي لها نفوذ في إدلب أصبحت ذات الشيء بالنسبة لتركيا”.
وأوضح أن “هيئة تحرير الشام” تدعم “الاحتجاجات الشعبية” على الطريق “M4” الإستراتيجي، كما تعارض بعض الجماعات اتفاق وقف إطلاق النار المُبرَم بين تركيا وروسيا في 5 آذار/ مارس والذي أنشأ دورياتهم العسكرية المشتركة على طول الطريق، مما دفع بالقوات التركية -وحتى شرطة مكافحة الشغب- إلى التدخل خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث وصلت هذه الأزمة إلى ذروتها عندما اندلعت اشتباكات على “M4” نهاية الأسبوع الماضي.
وأشار التقرير إلى أن القوات التركية قتلت ثلاثة من أعضاء “هيئة تحرير الشام” فيما أصيب عدد من الجنود الأتراك في هذه العملية، وهذا “لم يكسر السلام غير المستقر بين تركيا وهيئة تحرير الشام فحسب بل زاد التوتر بشكل كبير بين تلك الجماعة والجماعات المدعومة من تركيا، مما مهد الطريق لمزيد من الاشتباكات” وفي الأيام التالية منعت الهيئة رتلاً عسكرياً تركياً من المرور إلى مدينة في ريف حلب، وحاولت فتح طريق تجاري مع النظام السوري عملاً ضد رغبات تركيا.
وأوضح الموقع أن “السياسة الداخلية لشبكة الفصائل العسكرية في إدلب ومعظم شمالي سوريا معقدة” حيث “تدعم تركيا المجموعات التابعة للمعارضة في الأراضي المحررة وتشكل منطقة عازلة ضد الأراضي التي يسيطر عليها النظام، ومع ذلك هناك البعض مثل «هيئة تحرير الشام» الذين هم أكثر راديكالية وغير متحالفين بشكل علني مع تركيا، ولكنهم قبلوا بشروط ودية فهم يتلقون الإمدادات طوال الحرب السورية ويسمحون لأنقرة بإنشاء مراكز مراقبة داخل الأراضي التي تسيطر عليها”.
وأضاف: “لفهم أهمية هذا الوضع نحتاج إلى النظر إلى ما حدث قبل عقود أخرى في الشرق، فقد شوهد سيناريو تكاد تظهر فيه معضلة تركيا الحالية في باكستان، مع صراع الحكومة بين التوقعات الخارجية والتحالفات الإستراتيجية، فطوال فترة الاحتلال السوفيتي لأفغانستان (1979-1989) والنضال ضد السوفيت الذي خاضته مجموعات مجاهدين مختلفة، كانت باكستان المجاورة لاعباً رئيسياً من خلال تزويد المقاومة بالسلاح والتدريب والاستخبارات، وبعد الانسحاب السوفيتي والحرب الأهلية الأفغانية الدموية التي أعقبت ذلك، وإسقاط الولايات المتحدة لحكومة طالبان في عام 2001 ، خضعت علاقات باكستان مع الجماعات الراديكالية للتمحيص؛ لأنها انقلبت إلى حد كبير على الحكومة في إسلام أباد”.
وأوضح الموقع أن باكستان دخلت في “حرب على الإرهاب” ضد الجماعات التي كانت تدعمها ذات مرة، وفي وسطها وجهت الولايات المتحدة تحذيراً صارماً لإسلام آباد لقمع الجماعات واعتقال المسلحين والمنتسبين إليهم، والذين كان الكثير منهم بارزين كمعتقلين سابقين في خليج “غوانتانامو”، وهكذا تم انتقاد باكستان من ناحية لتسامُحها أكثر مع الجماعات في مرحلةٍ ما -لأسباب عسكرية وجيواستراتيجية وليس لأسباب أيديولوجية- ومن ناحية أخرى لخيانتها والسماح للولايات المتحدة بفرض يدها”.
وبحسب التقرير فإن تركيا تواجه مأزقاً مماثلاً اليوم في علاقاتها المتوترة مع “هيئة تحرير الشام” والجماعات اﻷخرى “فإذا بدأت في كبت هذه العناصر المتطرفة على غرار ما فعلت في عفرين وشمالي سوريا ضد ميليشيات الحماية فمن المحتمل أن تؤدي إلى حمام دم بين الحلفاء الاستراتيجيين السابقين، عندها يمكن لنظام الأسد أن يحظى بفرصة مثالية لإعادة إطلاق هجومه على إدلب المنقسمة”.
واعتبر أن أنقرة “واعية بمراكز المراقبة والحشد العسكري داخل المقاطعة ، لذلك من غير المرجح أن تتخذ هذا الخيار، وكانت كل من تركيا و”هيئة تحرير الشام” على علم بذلك واتخذتا خطوات لترميم علاقتهما من خلال إجراء محادثات في الأيام الأخيرة”.
ولكن -يضيف التقرير- “يمكن أن يأتي التهديد من مجموعات أكثر راديكالية على الرغم من أنها أقل قوة مثل أنصار الدين وأنصار التوحيد وحراس الدين الذين رفضوا علناً جميع الصفقات بين روسيا وتركيا، والواقع أنهم وصفوا تركيا في بعض الأحيان بأنها عدو محتلّ إلى جانب روسيا، كما ظهرت فصائل راديكالية داخل هيئة تحرير الشام ووصف «أبو الفتح يحيى الفرغلي» تركيا وجيشها بـ «الكافر» و «المرتد» في تسجيل مسرب في وقت سابق من هذا العام”.
وأكد التقرير أن “مثل هذا العداء الجديد ضد تركيا يشكل تهديداً جديداً قد يتعين عليها التعامل معه في المستقبل القريب”.
المصدر: نداء سوريا