أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يقول الكاتب اليوناني أنجيلوس ستانغوس في صحيفة “كاثيميريني” اليونانية، “يتحول أردوغان بكل بساطة إلى لاعب رئيسي في خضم تغيرات جيوسياسية في الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط، حيث تكتسب تركيا مكانة قوة عظمة إقليمية”
ويضيف الكاتب “الأسوأ من ذلك هو أن هذا يترك انطباعاً، في نظر الغرب بأن اليونان تنتمي إلى الشرق الأوسط وليس إلى أوروبا”.
ضعف مؤتمر برلين
وتبرز هذه الملاحظة ضعفاً واضحاً في الإعداد لمؤتمر برلين الذي أقيم قبل يومين حول الصراع في ليبيا. ففي خطأ هائل، امتنعت الحكومة الألمانية عن دعوة تونس، المتاخمة لليبيا ولديها مصلحة كبيرة في رؤية حل الصراع، واليونان، وهي لاعب رئيسي في المستنقع الذي يتشكل في شرق البحر المتوسط.
وتصاعدت الأوضاع العسكرية في ليبيا بعد عقد اتفاقين بحري وأمني بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج، وذلك بعد إعلان الجيش الوطني الليبي بداية حملة عسكرية “لتحرير طرابلس” من القوات التابعة للسراج.
ويقول الكاتب، “تخيم حقيقة بسيطة على تحرك ألمانيا الدبلوماسي تتمثل في أنه من خلال دعوة الجانب التركي، يرحب الاتحاد الأوروبي بشكل عام بأمر واقع وقعته أنقرة من خلال إرسال مرتزقة جهاديين إلى الأراضي الليبية”.
وقد شجع هذا أردوغان، الذي أثار المخاطر بإعلان أنه سيتم إرسال قوات تركية إلى ليبيا. وحالما يتم ذلك – وأردوغان رجل يفي بتعهداته – سوف يفقد الاتحاد الأوروبي المزيد من النفوذ في ليبيا، مع تزايد خطر الجهاديين، وقد يشعر أردوغان بالراحة أكثر في تقديم مطالب جديدة والحصول على المزيد من المكاسب السياسية.
تساؤلات حول مقدرة تركيا إرسال قواتها إلى ليبيا
ويضيف الكاتب، قد يجادل البعض بأن مناورة أردوغان لن تنجح في ليبيا، وأنها خطوة من الصعب جداً أن يتسامح معها المجتمع الدولي. هناك على الأرجح بعض الحقيقة في ذلك. كيف ستكون تركيا قادرة على إرسال قوات إلى بلد بعيد عبر البحر المتوسط يبقى سؤالاً كبيراً. وسواء كانت المعارضة الواسعة النطاق لهذه الخطوة في الداخل ستحقق زخماً جديداً ضده أم لا، يبقى سؤالاً آخر.
ويشير الكاتب إلى ان هذه الأسئلة قد تخفي استراتيجية أردوغان طويلة الأجل: يحسب الزعيم التركي أن سياساته المثيرة للانقسام داخل الاتحاد الأوروبي ما دامت ناجحة، سيستمر الارتباك العام في برلين وروما ولندن، وستبقى سلسلة صنع القرار في واشنطن دون إصلاح ولا يزال الدعم “القانوني” الدولي للحكومة التي تتخذ من طرابلس مقراً لها مستمراً.
وسوف يمنحه هذا ورقة مساومة في البلاد وفي نهاية المطاف يرى أنه يبرز كزعيم يسيطر على أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين، ويحافظ على “توازن الإرهاب”، لاستخدام مصطلح الحرب الباردة في شمال أفريقيا.
اجندة أردوغان
ويصيب ستانغوس جوهر المعضلة التي تواجه الاتحاد الأوروبي – لا سيما فرنسا وإيطاليا واليونان في الجهة الجنوبية منها.
أولاً، بالنسبة لأردوغان، تتمثل الأجندة في توسيع مزيج من الإسلاموية والقومية المتشددة خارج حدود تركيا. ثانياً، ما تقوم به ألمانيا في اللاوعي الجماعي يشير إلى أن السياسة الخارجية التركية شبه عسكرية بالكامل وأنها لم تعد مهتمة بالأساليب الدبلوماسية.
وتكشف الأزمة التي تشمل شرق المتوسط وليبيا عن حقيقة مزعجة: ثمة لعبة قاتلة يتم لعبها. تشهد المغامرة غير العقلانية إرسال جهاديين إلى منطقة صراع في حين تسعى تركيا، إلى إثارة مواجهة عسكرية مع اليونان.
سيكون الخيار هو ما إذا كان العالم سيتكاتف لردع التوسع العسكري أم لا. ربما حان الوقت للسفن الحربية التابعة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للقيام بدوريات مكثفة في مياه المنطقة المضطربة في البحر المتوسط.
المصدر: صحيفة كاثيميريني + أحوال تركيا