فيما تتجه الأنظار إلى شمال سوريا وتبعات الهجوم التركي، ينبعث دخان أبيض جديدا من جنيف قد يمهد لعملية حلحلة سياسية جديدة مطلع شهر كانون الثاني 2020 . المبعوث الأممي أعلن أن اللجنة الدستورية ستلتئم من جديد حول العمل على وضع دستور جديد معدلا او جديدا بتوافق الاطراف مجتمعين، والبناء على ما يمكن تحقيقه اولا بين هذه الاطراف، غير أن الكثيرين مازالوا يشككون في عمل اللجنة .
فقد تطلب الأمر عامين من العمل لتشكيل لجنة الدستور السورية التي اجتمعت سابقا لأول مرة الأربعاء (30 تشرين الأول/ اكتوبر 2019) في جنيف . وقال حينها المبعوث الأممي إلى سوريا، السيد غير بيدرسون إنه لا يجب تعليق آمال مبالغ فيها على هذه اللجنة ، فهي لن تحل الأزمة السورية ، لكن بمقدورها المساهمة في تجاوز الاختلافات الكثيرة داخل المجتمع السوري وخلق ثقة متبادلة ، كما أنها قادرة على إطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد ، وحتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بدا متفائلا ، فالحكومة السورية ومجموعة العمل الخاصة باللجنة اتفقتا على لجنة دستورية ذات مصداقية ومتكافئة وشاملة تدعمها الأمم المتحدة ، واللجنة تعمل من أجل ميثاق اجتماعي جديد يساعد على إصلاح بلاد مدمرة كما صرح .
والجانب المهم والاهم هو أن العمل على صياغة دستور جديد لا ولن يتم الا داخل المجتمع السوري ، كما أشار إلى ذلك بيدرسون ، سوريون وليس أجانب من سيقوم بصياغة الدستور ، والمجتمع السوري يجب عليه الموافقة عليه على مستوى واسع اصولا وعبر الاستفتاء الشعبي .
لذلك كانت تركيا والولايات المتحدة الاميركية وراء تعطيل عمل هذه اللجنة مؤخرا ، بهدف انتزاع اي تنازل من الوفد الوطني ووفد المجتمع المدني ، وذلك باعتقادهم عبر الميدان والمواجهة العسكرية التي اندفعوا اليها في ادلب وتحريك درعا واللعب على تطلعات الادارة لقوات سورية الديمقراطية الكردية ، فكانت الهزيمة الساحقة لهذا التحرك وابطال مفعوله ، عبر مواجهات دامية دفعت الثمن راس حربتها المجموعات المسلحة الموالية لتركيا ، والمجموعات المدعومة اميركيا واوربيا وعربيا .
لذلك نؤكد ان الاجتماع القادم سيكون محصلته بعض التوافقات على ضوء انتصارات الجيش العربي السوري ، الذي كان ومازال وسيبقى وتحت مسمى مناطق خفض التصعيد ، ملتزمات بتسويات مقبولة وطنيا ، وامام المجتمع الدولي بالتزامه الذي لن يطول ، لانه صاحب حق في استرجاع كافة اراضيه وتطهيرها من رجس الارهاب، وهذا بحد ذاته مؤشرا الى متابعة اللجنة الدستورية باطرافها مجتمعين الى اللقاء مطلع الشهر القادم ، ولا نعول على نجاح سريع في ظل هذه التحولات وما تفرضها اجندات اعداء سورية الى جانب من تدعمهم ، وسيبقى الانتصار اولا واخيرا للوطن السوري وابنائه مجتمعين في تحقيق توافقا متكاملا آجلا او عاجلا .
د.سليم الخراط