دمشق °C

⁦00963 939 114 037⁩

قطر تبدأ بتمويل “مشروع تركيا” ببناء مدنٍ للاجئين السوريين في شمال سوريا

أوغاريت بوست (مركز الأخبار)-أعلنت قطر عن بدء المرحلة الأولى من بناء “مدينة الهلال السكنية” لإيواء النازحين السوريين، بمنطقة الباب السورية بريف حلب الشمالي. وكان مشروع مماثل بمسمى “القرية الشامية” لإيواء مهجري الغوطة الشرقية قد أعلن عنه في منطقة عفرين بالريف ذاته. ويثير تمويل قطر لمشاريع بناء مدن وقرى في شمال سوريا، لتوطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا والمهجرين داخلياً على حد سواء، الشكوك حول خطط كل من تركيا وقطر في تغير التركيبة السكانية في الشمال السوري، بعد سيطرة تركيا على أجزاء واسعة فيها، وسط مخاوف من أهالي المنطقة الأصليين (المهجرين) فضلاً عن النازحين إليها، من أن لا يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم، خصوصاً وأن الدعوات التركية بإعادة توطين أكثر من مليوني لاجئ سوري متواجدين في تركيا بتلك المنطقة، تلقى قبولاً من الأمم المتحدة والقوى الضالعة في الأزمة السورية.

بعد “القرية الشامية” في عفرين.. قطر تعلن بناء “مدينة الهلال السكنية” لإيواء النازحين في ريف حلب الشمالي

يبدو أن قطر ماضية في تمتين ” الشراكة الاستراتيجية” مع تركيا، وتمويل خطط ومشاريع الأخيرة الرامية إلى إعادة توطين اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا بمدن وقرى تسعى لبنائها في الشمال السوري، بعد سيطرتها على مناطق عدة فيها. عملية التوطين هذه لا تقتصر على اللاجئين في تركيا فحسب، بل تشمل المهجرين قسراً بعيداً عن مناطقهم في الداخل والجنوب السوري إلى شمالها.
وأعلنت قطر عن بدء المرحلة الأولى من بناء “مدينة الهلال السكنية” المؤلف من 116 شقة سكنية في الشمال السوري، مشيراً إلى أن الدعم مقدم من صندوق قطر للتنمية.
وأشار المدير التنفيذي لقطاع الإغاثة والتنمية الدولية في الهلال الأحمر القطري “محمد صلاح إبراهيم” إلى أن هذا المشروع السكني، يهدف إلى توفير مسكن يأوي النازحين السوريين.
وبحسب ما تم إعلانه فإن المشروع أقيم على أرض مساحتها 20 ألف متر مربع بالقرب من مدينة “الباب” السورية، ويتكون من 116 شقة سكنية.
وكان مشروع مماثل قد تم الإعلان عنه العام الماضي في منطقة عفرين السورية، بمسمى “القرية الشامية” لإيواء المهجرين من الغوطة والمناطق السورية الأخرى، والذين يقطنون الآن في منازل سكان عفرين الذين هُجروا بدورهم بعد عملية “غصن الزيتون” العسكرية التركية مطلع 2018، ويقطنون الآن في قرى ومخيمات بريف حلب الشمالي خاضع لسيطرة القوات الحكومية السورية.

بناء “تجمعات سكنية” للنازحين في شمال سوريا يثير الشكوك حول خطط قطر وتركيا بإجراء تغير الديمغرافي فيها

ويثير تمويل قطر لبناء قرى ومجمعات سكنية للنازحين السوريين في الشمال السوري؛ بعيداً عن مواطنهم الأصلية التي هجُروا منها، الشكوك حول خطط كل من تركيا وقطر في تغير التركيبة السكانية في تلك المنطقة، لاسيما وأن تركيا أعلنت عقب سيطرتها على مدينتي رأس العين وتل أبيض في شمال شرق سوريا، أنها بصدد إنشاء “منطقة آمنة” على طول الحدود السورية ـ التركية، لإعادة توطين مليوني لاجئ سوري من أصل أكثر من 3 ملايين متواجدين على أراضيها في مدن وقرى تطمح أنقرة في الحصول على تمويل دولي لبنائها في تلك المنطقة.
وتتهم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، تركيا، بإجراء تغيير ديمغرافي وتطهير عرقي في المناطق ذات الغالبية الكردية بشمال سوريا بعد تهجير سكانها الأصليين، والتي سيطرت عليها تركيا خلال عمليتي “غصن الزيتون” و”نبع السلام”، تؤيدها في ذلك منظمتي “العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش” الدوليتين.

اللاجئين والمهجرين داخلياً قد لا يتمكنون من العودة إلى مناطقهم الأصلية مع قبول الأمم المتحدة بإعادة توطينهم

ويخشى اللاجئين السوريين في تركيا، والنازحين داخلياً، فضلاً عن المهجرين قسراً من ديارهم، بأن لا يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم الأصلية، وما يعزز مخاوفهم هو القبول الضمني للقوى المتصارعة في سوريا لمشروع إعادة توطينهم في الشمال السوري بعيدأ عن مناطقهم التي هُجروا منها، بموجب صفقات بين تركيا وروسيا وإيران، ودور قطري “كداعم مالي” للمهجرين، والتي بدأت بصفقة ماعرف بـ “اتفاقية المدن الأربعة” عام 2015 والتي نفذت عام 2017.
وتبدو بناء هذه التجمعات السكنية في الشمال السوري (بالأموال القطرية) مقدمة لتحويل مخيمات المهجرين من الداخل السوري لمناطق سكنية دائمة، تحقق فيها تركيا أهدافها والتي تتمثل بإلغاء الوجود الكردي “المقلق لها” على الشريط الحدودي، للحد من الارتباط القومي بين كرد سوريا وتركيا من جهة، وتأمين تلك المنطقة بتركيبة سكانية موالية لها من جهة ثانية.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قد طرح خطته خلال أعمال الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر /أيلول العام الجاري، وذلك بإقامة “منطقة الآمنة” على طول الشريط الحدودي مع بلاده داخل الأراضي السورية، وبعمق 32 كيلومترا، لإعادة توطين اللاجئين السوريين فيها.
ومطلع الشهر الجاري، التقى الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، بأردوغان، خلال زيارته لتركيا، وكان ملف إعادة توطين اللاجئين في شمال سوريا على جدول أعمال اللقاء، وبالاستناد إلى تصريحاتهما التي أعقبت اللقاء، فإن الأمم المتحدة لا تعارض مشروع أردوغان.
وقدم أردوغان لغوتيريش خلال اللقاء، الخطط والمشاريع المتعلقة ببناء المدن للاجئين في شمال سوريا، وطلب منه أن يدعو لعقد اجتماع المانحيين الدولييين، قائلاً “إن تمّ هذا الأمر كان بها، وإنّ لم يحصل فإننا سننشئ مدينة أو مدنا للاجئين بين رأس العين وتل أبيض”
وبعد نحو اسبوع من اللقاء، أبلغ انطونيو غوتيريش، رجب طيب إردوغان، إن الأمم المتحدة ستنظر في خطة تركية تهدف إلى نقل قسم من اللاجئين السوريين الموجودين في البلاد الى “منطقة آمنة” في سوريا. الأمر الذي عزز المخاوف لدى السوريين.

محللين سياسيين: صفقات التهجير بين الدول الضالعة في الحرب السورية كانت بداية مشروع “تغير ديمغرافي” موسع

ويرى محللون سياسيون أن صفقات التهجير ذات البعد الطائفي والقومي على مدار الحرب السورية، والتي رعتها الدول الضالعة في الأزمة السورية، كانت بداية لمشروع لتغير ديمغرافي موسع في سوريا.
فروسيا، وفق محللين، لاتعارض إقامة منطقة (إقليم) تجمع فيها كل المتطرفين والمعارضين للحكومة بعيداً عن المدن الرئيسية، فيما تركيا ستحصل على شريط حدودي موال لها من جهة، وتتخلص من “القلق” الكردي من جهة ثانية، أما الولايات المتحدة (من وجهة نظر ترامب) تفضل انتقال الكرد إلى إقليم النفط، والبدء ببناء الأبراج السكنية بعيداً عن تركيا.

إعداد: رزان أيوبي