أوغاريت بوست (مركز الأخبار)- في الوقت الذي تنشغل فيه وسائل الإعلام بالحديث عن “أخطار” العملية العسكرية التركية على “الوجود الكردي في شمالي سوريا”، سلطت مجلة “نيشن” الأميركية الضوء على خطر من نوع آخر تستخدمه “أنقرة ضد الأكراد، وهو المياه”.
وأنهت تركيا بناء سد “إلسيو” في منتصف العام الجاري، وتم ملئ خزان المياه في ظل مخاوف، من ترحيل الأقلية الكردية في جنوب شرق تركيا، الذين يقع السد على مقربة منهم.
المياه أو النفط.. وإليسو كان السبب في معاناة مزارعي سوريا والعراق
وقال العالم البيئي الألماني أولريش ايخيلمان، “إن السد يعتبر سلاحاً ضد الأراضي المنخفضة، لقد خطط له وبني بطريقة تمنع مياه دجلة لمدة طويلة”، وأضاف ايخيلمان “إذا نظرت للمياه على أنها سلاح، فإن السدود ستكون هي المدافع الجديدة، إن العراق لديه النفط، وتركيا لديها المياه، وأحياناً يكون من الأفضل أن يكون لديك المياه”.
ونهرا دجلة والفرات هما من أطول ثلاثة أنهار في الشرق الأوسط بعد النيل، وكلاهما ينبع من تركيا. ويتدفق الفرات عبر تركيا باتجاه الجنوب إلى قلب سوريا والعراق. والآن يجف كلا النهرين القديمين بفعل تغير المناخ، وبسبب المشاريع المائية مثل سد إليسو.
ويعتبر “إليسو” واحد من مجموعة سدود تركية، أثرت أيضاً على منسوب نهر الفرات الذي يجري في سوريا، إذ انخفضت نسبة المياه فيه بمقدار 40 بالمئة خلال الأربعين عاماً الماضية، وقلت النسبة إلى الضعف في العراق.
وبإنشاء السدود على نهر دجلة، فإن المصير المائي للعراق سيكون في يد تركيا، بحسب تقرير مجلة “ناشن” الأميركية.
وقد تتعرض منطقة أهوار العراق إلى الجفاف لتصبح صحراء بفعل سد إليسو، لأنه سيمنع تدفق المياه مثل السابق، كما أنه سيصبح سلاحاً تكتيكياً في يد تركيا أمام أعدائها في المنطقة.
الأكراد والسد
وقال تقرير “ناشن” إن تأثير السد لن يطال الأكراد في تركيا فقط، وإنما في شمال سوريا والعراق.
وبحسب “ناشن” في أوائل تسعينيات القرن الماضي، أكملت الحكومة التركية بناء سد أتاتورك وهو (رابع أكبر سد في العالم)، ما تسبب في إعادة التوطين القسري لـ50 ألف شخص في المناطق الكردية، وذلك بعد دمار مدينة “الساموساتا” ذات الإرث اليوناني القديم.
وعند ملء خزان سد أتاتورك، قطعت تركيا المياه عن سوريا والعراق لأسابيع، مما تتسبب في إعاقة الإنتاج الزراعي.
وبينما يقول الأتراك إن سد إليسو سيولد الكهرباء لملايين البيوت في تركيا، فإنه سيتسبب في نزوح نحو 80 ألف شخص يسكنون على مساحة 125 ميلاً مربعاً، حسب الخبير البيئي الكردي إرجان أيبوغا.
ونقلت “ناشن” عن أيبوغا رؤيته، أن السد هو وسيلة في يد تركيا من أجل استيعاب الأكراد في المجتمع التركي، بإجبارهم على التنقل إلى مدن مختلفة حيث تتفرق مجتماعتهم وثقافتهم أكثر فأكثر، مضيفا أن “سد إليسو اليوم هو ضد المجموعات الكردية المسلحة”، وأضاف أيبوغا “غدا، يمكن أن يستخدم السد بشكل مختلف، ضد أي نوع من المعارضة”.
ومن المتوقع أن تغمر المياه مستعمرة “حسنكيف” الأثرية التي لا تقدر بثمن، الموجودة في المنطقة الكردية جنوبي تركيا، ويبلغ عمر الموقع الأثري نحو 12 ألف سنة.
المصدر: مجلة “ناشن” الأمريكية