أوغاريت بوست (مركز الاخبار) – “سيرك سياسي في جنيف” بهذه العبارة وصف شريحة كبيرة من السوريين ما يحدث في المدينة السويسرية، والتي تحتضن اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية” التي بدأت اجتماعاتها بالرغم مما تتعرض له سوريا، سواءً بخصوص الوضع في شمال وشرق سوريا، أو استئناف التصعيد العسكري في إدلب ومحيطها.
وتقول أوساط سياسية سورية، أن انعقاد هذه اللجنة وتزامنها مع ما يحصل في الشمال الشرقي والشمال الغربي من البلاد، هو “مواصلة التلاعب الدولي في المسألة السورية”.
وبعد مد وجزر وصد ورد، اتفقت الأطراف على تسمية اللجنة المصغرة، والتي تتكون من 45 عضواً من اللجنة الدستورية الـ150، وبالتساوي بين القوائم الثلاث، وتتلخص مهمة هذه اللجنة، بوضع دستور تُعرض بعد ذلك على اللجنة الموسعة المؤلفة من 150 عضواً يمثلون الأطراف الثلاثة، وسط تشكيك السوريين بأهلية الأعضاء الذين تم انتخابهم من قبل أطراف النزاع السوري، وليس أعضاء اللجنة كما يروج له في الوسائل الإعلامية.
سيرك سياسي.. ولا جهوزية للبدء بالحل السياسي
وعلى الرغم من تأكيد المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، أن الاجتماعات كانت “إيجابية”، إلا أن من الواضح أن الأطراف ليست جاهزة حتى الآن للانخراط الجاد في الحوار والحل السياسي في سوريا، وبحسب مراقبين فإن الأدلة على ذلك كثيرة من حيث وضع دستور جديد (مطلب المعارضة)، تعديل دستور 2012 (مطلب الحكومة)، لا حول له ولا قوة (المجتمع المدني).
ولاحظت اوساط إعلامية إلى أن وكالة الأنباء الحكومية السورية “سانا” عندما عرضت تقريراً حول اللجنة، تعمدت حذف صورة الرئيس المشترك للجنة (قائمة المعارضة) هادي بحرة من الصورة الكاملة التي جمعته مع نظيره الحكومي أحمد الكزبري والمبعوث الأممي، في خطوة قال عنها مراقبون، “أنها دليل آخر على عدم تخلي الطرف الحكومي عن ذهنيته التي تقصي كل من لا يؤيده”، الأمر الذي دفعهم للقول ان “ما يحصل في جنيف هو سيرك سياسي”.
التلاعب الدولي في المسألة السورية.. ومهرجان استعراضي
وحول هذا الموضوع رأى المحلل السياسي “عدنان الدبس” خلال تصريحات خاصة لأوغاريت بوست، أن انعقاد اللجنة الدستورية السورية بالتزامن مع “العدوان التركي وباقي الاحتلالات” إلا استكمالاً “للتلاعب الدولي في المسألة السورية”. وقال، “هذا اذا اعتبرنا (وهو بالطبع ليس كذلك) أن ما تدعى اللجنة الدستورية هي مطرح اهتمام السوريين، ولكنها لعبة مضافة الى ألاعيب القوى الفاعلة وعلى رأسها الثلاثي الضامن، لتمرير الوقت والذي برمته يصبّ في مصلحة السلطة السورية وتحت غطاء أممي”، مشيراً إلى “تهالك دور الامم المتحدة التي تم افراغها من أي دور وفاعلية من قبل دول مجلس الأمن الخمس الدائمة العضوية لتصبح مؤسسة تمرير مصالح وتدجين دول وحكومات وعلى هامشها تمييع قضايا الشعوب وأخص بالذكر مجلس حقوق الانسان التابع لها”.
وتابع، “اللجنة الدستورية التي شكلها الثلاثي الضامن هي مسرحية تضاف الى المسرحيات التراجيدية التي مرّت علينا كسوريين بقرارات الدول النافذة والتي ابتدّأت في عام 2014 في أول لعبة جمعية تحت مسمّى تفاوضية، وتتالت بعدها جنيف 2 وجنيف 3 وجنيف الخ”.
وأشار المحلل السياسي السوري إلى أنه، اللجنة الدستورية تشبه الى حد بعيد “المهرجان الاستعراضي الذي جمعت به روسيا في سوتشي أكثر من 1500 مشارك بدون أي فاعلية غير استخدامهم أمام المنبر الدولي لاستكمال المهزلة وهاهي اليوم تختصرهم الى 150 عبر ذات المسرحية الحل السياسي بعيد المنال حتى الآن”، مضيفاً، “لكن هذه اللجنة التي وافقت عليها المعارضة لم ولن تكون مدخلاً للحل السياسي بل هي تمييع وخيانة لتطلعات السوريين وتمييع للقرار الأممي 2254 إذا لم نقل انهائه بالمطلق”.
“العدوان التركي” أذل أعضاءً من اللجنة
وقال أيضأ، “العدوان التركي أتى جواباً واضحاً من قبل روسيا وتركيا للحط من أهمية اللجنة الدستورية واذلال أعضائها”، قاصداً بذلك “المعارضة وبعض من المجتمع المدني المشاركين والمحسوبين على المعارضة”، وأضاف، “وعليه لو كانت هذه اللجنة هي فاتحة المسار للحل السياسي ما كان الغزو التركي ليقع أصلاً وها هو قد وقع فعلاً ومازال مستمراً، وبالتالي ما قامت به الحكومة التركية يصب في مجمله لبسط سيطرة روسيا بالمطلق على الاراضي السورية بالتفاهم والتخطيط مع أطماع الحكومة التركية وادعاءاتها بحماية أمنها القومي”.
إعداد: ربى نجار