أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – في ظل غياب الحلول السياسية للازمة السورية التي دخلت عاماً جديداً في آذار الماضي، وفشل كل المسارات السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة والجهات الإقليمية والدولية، من بينها مسار آستانا، في حل الازمة، عاد الحديث مجدداً عن إمكانية بدء حوار بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية لشمال شرقي سوريا.
الإدارة الذاتية أوقفت المفاوضات مع دمشق بعد أحداث دير الزور
الحديث عن بدء الحوار بين دمشق والقامشلي، جاء بعد أشهر من إعلان الأخيرة إيقاف كل المحادثات والمفاوضات مع دمشق، وذلك بعد ما جرى في ريف دير الزور الشرقي، من هجمات شنتها مجموعات مسلحة موالية لدمشق، بمساندة الحكومة السورية وإيران، وأطلق عليهم حينها “جيش العشائر”، وإدراك القامشلي لدور دمشق في تلك الهجمات، بينما يبدو أن أبواب المفاوضات قد فتحت من جديد نظراً لما تعيشه البلاد من ظروف استثنائية على الصعيد العسكري والسياسي والأمني والاقتصادي.
وترغب الإدارة الذاتية، بحكم لا مركزي ديمقراطي تعددي، وفق منظورها في سوريا، وإنهاء الحكم المركزي الذي يسيطر على البلاد منذ تسلم حزب البعث مقاليد السلطة في عام 1963، إضافة إلى أن ينص الدستور السوري الجديد على نص واضح وصريح بتمتع المنطقة الشمالية الشرقية بإدارة ذاتية ضمن “سوريا موحدة”، وأن تكون قوات سوريا الديمقراطية جزءاً من المنظومة العسكرية السورية ولكن أن يكون لها “خصوصيتها”.
بينما تطالب دمشق باسترجاع السيطرة على كامل المنطقة الشمالية الشرقية والثروات الباطنية والزراعية فيها، وإنهاء الحكم الذاتي الذي يتمتع به المنطقة.
“الأسد ينوي الحوار مع الإدارة الذاتية”.. ولا حل عسكري هناك
موقع “الأندبندنت” أفاد عن أن الرئيس السوري كشف عن نيته للحوار مع الإدارة الذاتية، مستبعداً في الوقت نفسه العمل العسكري للتفاهم مع الإدارة الذاتية، في حين ينفي المسؤولون في القامشلي وجود أي اتصالات مباشرة مع دمشق.
وتحمي منطقة الإدارة الذاتية قوات عسكرية وأمنية تبلغ تعدادها أكثر من 100 ألف عنصر، وفيها مؤسسات خدمية وقضائية وتضم أكثر من 5 ملايين نسمة كتعداد سكاني، وأعلنت في الآونة الأخيرة تقسيماً إدارياً جديداً بـ “7 مقاطعات ومدن كبرى وأخرى صغرى وبلدات وقرى” في “إقليم واحد” سمي “بإقليم شمال وشرق سوريا”.
الأسد تحدث عن الحوار مع القامشلي خلال اجتماع حزب البعث
ويقول الموقع نقلاً عن “مصدر مطلع” على “الاجتماع الموسع لحزب البعث” الحاكم، الذي عقد في الـ4 من أيار/مايو الجاري اجتماعاً ترأسه الرئيس السوري، عن نيته للوصول إلى حلول سياسية مع الإدارة الذاتية خلال اشهر.
ويقول المصدر أن الأسد استبعد الحل العسكري في التعامل مع الإدارة الذاتية”، وأشار المصدر إلى أن الأسد قال “قولاً واحداً لا توجد عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا”، وشدد المصدر الذي نقل الموقع عنه على أن الأسد قال في حديث مغلق، أن بداية الوصول إلى حلول مع الإدارة الذاتية “لن تطول لسنوات بل أشهر قليلة”.
كلمة الأسد الافتتاحية لم تتطرق للمنطقة الشمالية الشرقية
بينما لم يتطرق الرئيس السوري خلال كلمته الافتتاحية المتلفزة التي دامت نحو 15 دقيقة للأوضاع في المنطقة الشمالية الشرقية، وركز فيها على تطوير الحزب داخلياً للوقوف في وجه التحديات، مع الحديث عن دور اللجنة المركزية الرئيس في الحزب والرقابة والتفتيش الحزبي وعملية المحاسبة وأهمية تطوير البنية التنظيمية للحزب.
وخلال الاجتماع أعيد انتخاب الرئيس السوري أميناً عاماً للحزب بالإجماع، الذي شهد تغيرات بدوره أبرزها تسمية ماهرالأسد إلى جانب 44 آخرين بينهم رئيس مجلس الشعب ورئيس الوزراء ووزير الدفاع بحكم مناصبهم، فيما انتخب آخرون في الاجتماع ليصل العدد الكلي إلى 80 عضواً.
ويقول الموقع أن التغيرات التي طرأت على أعضاء قيادة الحزب في سوريا لم تحمل التفاؤل والترحيب من قبل الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، الحليف الرئيسي للتحالف الدولي في محاربة الإرهاب.
مسؤولة كردية تقلل من التغيرات في هيكلية حزب البعث
وأضاف الموقع بأن “الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية” إلهام أحمد، الشخصية السياسية المعروفة في الشمال الشرقي، قللت من التغيرات الحاصلة في قيادة حزب البعث، واعتبرت أن ما حدث هو في إطار حزبي داخلي، وقالت “نعتقد أن لا علاقة له بالتغييرات السياسية العامة، هو إجراء حزبي بحت يتماشى مع مرحلة من المراحل لكن محدود التأثير كون ما تم تغييره هو شخصيات لكن فعلياً المؤسسات لم تتغير وبالأيديولوجية نفسها”.
وأشارت المسؤولة الكردية إلى أن قراءة دمشق لمشروع الإدارة الذاتية هو نفسها، واستبعدت أي انفتاح آني” وعبرت عن أملها في أن ترى دمشق مشروعهم كما هو “مشروع وطني وله أهداف وطنية سورية”.
القامشلي منفتحة للحوار.. ولا مفاوضات مع دمشق الآن
وخلال اليومين الماضيين شهدت المنطقة الشمالية الشرقية اجتماعاً ضم أكثر من 500 شخصية من مسؤولين في الإدارة وشيوخ ووجهاء المناطق التابعة للإدارة الذاتية، وأبدوا استعدادهم للحوار مع الأطراف الوطنية بما فيها دول الخارج لحل الأزمة السورية.
وبالعودة لتصريحات المسؤولة الكردية البارزة، إلهام أحمد، أكدت أنهم كإدارة ذاتية مستعدون للحوار دائماً وهم منفتحون جداً على ذلك، كون “نؤمن بقضيتنا السورية ولا يوجد لدينا انخراطات أخرى كبقية الأطراف”.
“رسائل متبادلة”.. ودعوة الأطراف السورية “لتبني لغة الوطن السوري”
وأكدت أحمد أنه لا وفود ولا لقاءات بين القامشلي ودمشق وليس هناك أي نقاشات بخصوص الحوار، لكنها في الوقت نفسه قالت أن هناك رسائل متبادلة بين الطرفين دون أن تكشف عن فحواها، وعبرت عن أمها في “نتائج إيجابية في المستقبل القريب يخدم المصلحة السورية والسوريين”.
ودعت المسؤولة الكردية، القوى السورية المختلفة إلى تبني “لغة الوطن السوري” كهدف وغاية على غرار ما تحذوه الإدارة الذاتية وفق قولها.
وتعتبر المنطقة الشمالية الشرقية السورية التي تتمتع بحكم الواقع بإدارة ذاتية، من المناطق الاستراتيجية في البلاد كونها تضم حقول النفط والزراعة، بينما خسرت مناطق استراتيجية عدة خلال السنوات الماضية بعد عمليات عسكرية للقوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها كعفرين ورأس العين وتل أبيض.
إعداد: ربى نجار