أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تعاني معظم المناطق السورية بمختلف الجهات المسيطرة من أوضاع اقتصادية وفقر مدقع ونسب كبيرة من المواطنين الذين باتوا يعيشون تحت خط الفقر، والذين يعملون لتأمين لقمة عيشهم، بينما ومع استمرار الصراع المسلح على السلطة وغياب أية بوادر للحلول وانجلاء هذه الضائقة والأزمة الاقتصادية، يقع المواطن السوري الذي أغلقت الأبواب في وجهه في شباك أطراف الصراع على السلطة للقتال لصالحها، كمرتزقة، في بلدان أخرى.
استغلال الأوضاع الاقتصادية السيئة.. وارتفاع عدد القتلى إلى 9 “مرتزقة”
وبعد أن تكررت عمليات الارتزاق من قبل بعض السوريين الذين جندتهم تركيا للقتال في ليبيا والمشاركة بالحرب بين أرمينيا وأذربيجان وما تردد في الآونة الأخيرة عن احتمال ذهاب المئات من العناصر الموالية لأنقرة من “الجيش الوطني” إلى شمال العراق لقتال حزب العمال الكردستاني، جندت تركيا المئات من السوريين للقتال في النيجر.
الأمر لا يقتصر على تركيا، فأينما حلت تركيا بمرتزقتها، تحل روسيا أيضاً، كون الطرفين وعلى الرغم من أنهما حلفاء (ظاهرياً) في سوريا، إلا أن بينهما عداوة وخلاف وسباق كبير للسيطرة على دول المنطقة والتحكم فيها وبمواردها.
وخلال الأيام الماضية، نقلت تركيا المئات من “مرتزقتها” السوريين إلى النيجر، بينما كشف تقرير للمرصد السوري لحقوق الإنسان إن 5 مرتزقة سوريين قتلوا في المعارك في النيجر.
550 مرتزقاً وصلوا إلى النيجر.. وروسيا تدخل الصراع بقوة
وبلغ عدد أولئك المرتزقة 550 عنصرا، وصلوا إلى النيجر بالتزامن مع حديث عن مواصلة روسيا الزج بقوات ومرتزقة في النيجر بقوة هناك، وذلك ضمن خطوات تصاعدت بالتدريج منذ الانقلاب الذي شهدته النيجر، العام الماضي، وأطاح بالرئيس المنتخب محمد بازوم، وأدى إلى قلب التحالفات في غرب أفريقيا رأسا على عقب.
وتمنح تركيا المرتزقة إغراءات عدة من حيث الراتب الشهري، عبر عقد لمدة 6 أشهر، وفق المرصد، ويتقاضى في حال الإصابة مبلغا يصل إلى 35 ألف دولار أمريكي بحسب نسبة العجز التي يقدرها فريق طبي مختص، في حين تتقاضى عائلة المرتزق في حال فقد حياته 60 ألف دولار أمريكي.
تركيا تستعد لإرسال دفعة جديدة.. ومرتزقة يعارضون روسيا يقاتلون لجانبها
بينما تستعد تركيا لإرسال دفعة جديدة وهي الثالثة للقتال في النيجر، وذلك ما ذكر المرصد، وذلك بعد الدفعتين اللتان ضمتا 550 عنصراً من فصيل “السلطان مراد” وعلى دفعتين خلال أقل من شهر.
كما أنجزت المخابرات التركية دورة تدريبية، مدتها 40 يوم في معسكرات تركيا، تخرج منها مئات الأفراد برتبة ضابط، لإرسال قسم منهم إلى النيجر في الدفعة القادمة، خلال الأسبوع الجاري.
ونقل المرصد السوري عن “مصدر أمني” في “الجيش الوطني”، أن “المرتزقة السوريين يقاتلون إلى جانب الروس (شركات عسكرية) في النيجر، في مهمة هي الأصعب من رحلات الارتزاق السابقة التي جرت تركيا الشباب إليها في ليبيا وأذربيجان.
ووفقا للمصدر فإن عمليات المرتزقة تتركز عند المثلث الحدودي بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو التي تنشط فيها الجماعات المتطرفة والجهاديين وتعد من أخطر الأماكن في البلاد.
تركيا تخدع السوريين في النيجر بالمهام الموكلة إليهم
وفي تصريحات تلفزيونية، قال مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، بأن تركيا استخدمت السوريين وحولت ضعاف النفوس منهم إلى مرتزقة بأجور رخيصة للقتال في ليبيا وأذربيجان واليوم في النيجر، مشيراً إلى أن أنقرة تخدع السوريين قبل رحلة الارتزاق بأن المهام الموكلة إليهم حراسة منشآت نفطية أو قواعد عسكرية، أو مناجم معادن ثمينة ومنشآت نفطية كما هو الحال في النيجر، بينما يتم الزج بهم في الصفوف الأمامية للقتال في أخطر الأماكن عند مثلث الحدود بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو في أفريقيا.
ولفت إلى أن “السوريون ضحايا المصالح التركية وقادة الفصائل الذين هم واجهة لاستغلال أوضاع المواطنين ودفعهم للبحث عن رحلة ارتزاق”.
وبدأت روسيا، التي هي كتركيا تستغل أوضاع السوريين لتجنيدهم كمرتزقة شارك المئات منهم بالقتال في أوكرانيا، بنقل الكثير من مرتزقة “فاغنر” إلى الدول التي شهدت انقلابات، وآخرها النيجر.
الانقلاب العسكري قلب الأمور رأساً على عقب في النيجر
وكانت النيجر، في عهد بازوم، حليفاً رئيسياً للدول الغربية في مجال مكافحة الإرهاب وغيرها، غير أنه على وقع سيطرة المجلس العسكري على البلاد، قدم رئيس الحرس الرئاسي في النيجر الجنرال عبد الرحمن تشياني نفسه على أنه “رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن”، وقرر إلغاء اتفاق عسكري مع فرنسا بعد أيام من الانقلاب، ثم تلا ذلك بعد 7 أشهر إلغاء اتفاقا عسكريا آخرا مع الولايات المتحدة.
وغادر آخر الجنود الفرنسيين، المنتشرين في النيجر في إطار الحرب ضد الإرهاب، البلاد في 22 كانون الأول/ديسمبر 2023، ووصلت آخر التطورات إلى حد دخول قوات روسية إلى القاعدة الجوية 101 المجاورة لمطار “ديوري حماني” الدولي في نيامي عاصمة النيجر، والتي تستضيف قوات أميركية منذ سنوات.
إعداد: علي إبراهيم