أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – مع دخوله العام الـ13، لايزال الملف السوري بعيداً كل البعد عن الحلول السياسية، مع استمرار الصراع المسلح على السلطة واشتداد المعارك خاصة في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي، إضافة لما تشهده البلاد من حالة فلتان أمني وفوضى في محافظات الداخل والجنوب، وتصاعداً للصراع الإسرائيلي الإيراني، وارتفاع ملحوظ في نشاط تنظيم داعش الإرهابي.
مع غياب الحل السياسي.. العنف يتصاعد في البلاد
وعاشت سوريا أسوأ أعوامها في الأزمة المستمرة والصراع المسلح على السلطة، على الأقل منذ عام 2020، حيث عاد التصعيد العسكري إلى منطقة “خفض التصعيد” والشمال الشرقي ضمن مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” و “قوات سوريا الديمقراطية”.
عمليات التصعيد هذه تقوم بها قوات الحكومة السورية وروسيا في الشمال الغربي، وتركيا في الشمال الشرقي، ناهيك عن حالة الفلتان الأمني وزيادة ملحوظة في ارتكاب الجرائم في محافظات الداخل والجنوب، مع تصاعد وتيرة الصراع الإيراني الإسرائيلي بعد الحرب في غزة، وهو ما استغله تنظيم داعش الإرهابي بشكل كبير لزيادة هجماته الدموية خلال الأشهر الثلاث الأولى من عام 2024، خاصة في البادية السورية.
“سوريا تعيش أسوأ أعوامها منذ 2020”
ومع انتهاء العام الـ12 ودخول الأزمة في عامها الـ13، لاتزال الحلول السياسية مغيبة ومجمدة مع إصرار أطراف الصراع على السلطة على الحلول العسكرية وتجاهل الحلول الدبلوماسية وتلك التي أقرها مجلس الأمن وعلى رأسها القرار 2254، حيث لاتزال الأطراف الدولية عاجزة عن تحقيق أي انجاز على صعيد الحل السياسي للأزمة التي أدت لانهيار الاقتصاد بشكل كبير وانخفاض قيمة الليرة السورية وزيادة نسبة العيش تحت خط الفقر إلى 90 بالمئة، فيما يبدو أن العام الجديد سيكون أسوأ من سابقيه مع وجود مؤشرات تدل على ذلك.
وبمناسبة الذكرى الـ13 للأزمة السورية، قالت الأمم المتحدة أن سوريا تعيش أسوأ موجة عنف منذ عام 2020، وذلك في تقرير صدر عن لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا في الـ10 من آذار/مارس الجاري، وأشار التقرير إلى أن أطراف النزاع في سوريا تشن هجمات قد تصل لمستوى جرائم حرب.
وأفاد رئيس اللجنة، باولو بينهيرو، في التقرير أنه منذ شهر تشرين الأول / أكتوبر الماضي، تشهد سوريا تصاعداً غير مسبوق في القتال لم تشهده البلاد على مدى 4 سنوات، فيما تبقى الجهود الدولية لاحتواء النزاع داخل الأراضي السورية أمراً ملحاً نظراً للاضطرابات الجارية في المنطقة.
“90 بالمئة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر”
وأشار التقرير أيضاً إلى أن “أكثر من 90% من السكان يعانون من حالة فقر حاد، كما يشهد الاقتصاد تدهوراً كبيراً بسبب تشديد العقوبات، كما حالات انتهاكات وابتزاز من جميع الأطراف المتورطة”.
ويشير التقرير إلى تصاعد التوترات بين القوات الأجنبية المتواجدة في سوريا، لاسيما القوات الإسرائيلية والإيرانية والأميركية والتركية، “مما يثير مخاوف من تصاعد نطاق النزاع إلى مستويات أخطر”.
دعوات أوروبية للحل السياسي واستئناف عمل “اللجنة الدستورية”
بدوره جدد الاتحاد الأوروبي على ضرورة الحل السياسي في سوريا، حيث قال الاتحاد في بيان أصدره الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية جوزيب بوريل، أنه يجب التوصل لحل سياسي شامل للأزمة والصراع المستمرة على السلطة في سوريا بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء هذه الأزمة ومعاناة السوريين.
جاء ذلك في بيان أصدره بوريل في الذكرى الـ 13 لبدء الحرب في سوريا، حيث شدد فيه على ضرورة وفاء الحكومة السورية بالتزاماتها بموجب قرار مجلس الأمن.
وأكد المسؤول الأوروبي أن الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء يعتبرون أكبر جهة مانحة للشعب السوري حيث جمعا منذ عام 2011 وإلى الآن أكثر من 30 مليار يورو.
ودعا المسؤول الأوروبي إلى استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية التي لم تجتمع منذ عام 2022، في الوقت الذي تعيش فيه البلاد حالة من الجمود السياسي مع تغليب الحلول العسكرية والصراعات المسلحة.
وأودى الصراع في سوريا بحياة أكثر من 400 ألف شخص مع وجود 6.6 مليون لاجئ مسجل في الخارج و6.8 مليون نازح داخل سوريا، بحسب بوريل.
“تدمير البنى التحتية”.. والعنف يتصاعد في الشمال الغربي
وخلال الأشهر القليلة الماضية، شهدت سوريا تصاعداً كبيراً في العمليات العسكرية والقصف والاشتباكات خاصة على محاور الشمال بشقيه الشمال الشرقي، من حيث شن تركيا لغارات جوية طالت البنى التحتية وحرمت أكثر من مليونين مواطن من الخدمات من كهرباء ومياه شرب ومحروقات، وهو ما أثر سلباً على سبل ومقومات العيش في تلك المناطق.
وسبق أن قالت اللجنة الأممية بشأن الملف السوري، أن ما فعلته تركيا في الشمال الشرقي من استهداف للبنى التحتية المدنية التي ادعت إنها مصدر قوة “لقوات سوريا الديمقراطية” قد ترقى لمستوى جرائم حرب، مع فقدان العديد من المدنيين حياتهم جراء تلك الهجمات الجوية التي جاءت في شهري تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر.
إضافة إلى جولة العنف والتصعيد العسكري التي تعيشها منطقة “خفض التصعيد” في الشمال الغربي، مع اشتداد المعارك مرة أخرى وشن الأطراف المتصارعة لهجمات على مواقع بعضها بعضاً، إضافة لعمليات القصف التي تطال المناطق المدنية والآهلة بالسكان، وهو ما ينذر بجولة عنف جديدة في هذه المناطق قد تكون الأسوأ خلال السنوات الماضية.
كما شهد العام الـ12 تصاعداً كبيراً في عمليات القصف التي تنفذها إسرائيل على الأراضي السورية والتي تطال المواقع العسكرية التي تتمركز فيها قوات إيرانية ومجموعات مسلحة موالية لها، مع إقدام الأخيرة على قصف مواقع لقوات التحالف والجيش الأمريكي في الشمال الشرقي تحت ذريعة “دعم مقاومة غزة”، وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك لاتساع رقعة الصراع وتأثيرها على البلاد والمنطقة بشكل كامل.
إعداد: رشا إسماعيل