أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تستمر فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا بانتهاكاتها بحق المواطنين السوريين ضمن المناطق التي تسيطر عليها في الشمال السوري، دون حسيب أو رقيب، بل وتحت مرأى ومسمع من القوات التركية، التي من المفترض أنها “سلطة احتلال” ومن واجبها وفق القانون الدولي، حماية المدنيين وممتلكاتهم.
اعتقالات وطلب فديات مالية والاستيلاء على الممتلكات
وسواءً في عفرين ورأس العين ضمن مناطق “غصن الزيتون” و “نبع السلام” بريفي حلب والحسكة، تتنوع الانتهاكات التي تمارسها الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة ما بين عمليات اعتقال تعسفية بحجج واتهامات باطلة غالباً ما تكون “التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة” و “التعاون” أو “الموالاة لأحزاب وجهات كردية” و “التعاون مع قوات سوريا الديمقراطية”.
وتشمل هذه الانتهاكات، عمليات اعتقال خاصة بحق المواطنين من المكون الكردي، بهدف الحصول على فديات مالية، إضافة إلى الاستيلاء على ممتلكات المدنيين من منازل وأراضي ومواسم زراعية، وعمليات قطع عشوائية للأشجار المثمرة، وفرض الإتاوات على المواطنين تحت تهديد السلاح، وهو أحد أشكال “الإرهاب” وفق القانون الدولي.
الاستيلاء على منازل المدنيين.. وفرض إتاوات
وفي هذا الإطار، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو من الجهات الإعلامية السورية القليلة التي تسلط الضوء على انتهاكات الفصائل بحق المواطنين السوريين، استيلاء فصيل “فيلق الرحمن” على 120 منزلاً جديداً في رأس العين وريفها وذلك بغية توطين 50 عائلة من عوائل مسلحي الفصيل الذين تم جلبهم مؤخرا من منطقة عفرين إلى رأس العين شمال غربي الحسكة كما تم الاستيلاء على مساحة 50 دونم أرض في قرى الراوية.
بدورها قامت فصائل “أحرار الشرقية” و “الحمزات” وغيرهم بإرغام سكان القرى الحدودية على التعاون معهم وإبقاء “الركاب” المواطنين القاصدين طرق التهريب إلى تركيا في منازلهم ليومين أو 3 لحين تسهيل الطريق ونقلهم لتركيا وإلا سيتم الاستيلاء على منازلهم لمن يرفض التعاون وفرص غرامة مالية تتراوح ما بين 3 و6 آلاف دولار أمريكي واعتقال صاحب المنزل الذي يرفض التعاون.
كما عمد عناصر فصيل “السطان مراد” بقيادة المدعو تبو عدي على الاستيلاء على جهاز الطاقة الشمسية التابعة لمزرعة مواطن في قرية العسل وذلك لرفضه استقبال المهربين والاشخاص في مزرعته لحين إيجاد طريق لنقلهم الى تركيا .
التحكم بمادة الخبز وبيعه بأسعار مرتفعة
كما تستولي فصائل “الجيش الوطني” على مادة الخبز منذ 10 أيام، وذلك عبر الاستيلاء على الطحين وبيعه في السوق السوداء ومنع الأفران من العمل بطاقتها الكاملة، وذلك لإجبار الأهالي على شراء الخبز بسعر مرتفع.
كما تقوم الفصائل في مدينة رأس العين، بفرض الإتاوات على المدنيين، منها مادية أو عينية، وفي هذا السياق، أفاد المرصد السوري بأن قيادي في فصيل “أحرار الشام” عمد على إرغام ميكانيكي على إجراء صيانة لعربته الشخصية دون دفع الأموال له وذلك بقوة السلاح حيث لم يستطع الميكانيكي على رفع دعوة ضد القيادي لكونه تلقى تهديد بالقتل في حال قدم أي شكوى ضده.
فديات مالية كبيرة لقاء إطلاق سراح المعتقلين
كذلك طالبت فصائل “الجيش الوطني” من مواطن سبعيني يدعى “ع.م” بدفع فدية مالية كبيرة لقاء إطلاق سراح أبنه المعتقل لديهم بتهمة “التواصل مع الإدارة الذاتية وتقديم معلومات لهم”، وهي تهمة غالباً ما تستخدمها الفصائل لجني الفديات المالية بحق المواطنين المعتقلين وخاصة من المكون الكردي، لإجبار عوائلهم على دفعها وإلا فإن أبنائهم سيبقون في السجون.
كما تستمر الشرطة العسكرية في إخفاء معلومات عن ممرضة اعتقلوها منذ شهرين في المشفى الوطني وذلك بتهمة تصوير جرحى المسلحين وإرسالها لقوات سوريا الديمقراطية.
عفرين.. قطع الأشجار مستمر وفرض إتاوات على الأهالي
أما في عفرين التي هي الأخرى ليست بأفضل حال من رأس العين، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصيل “جيش النخبة” و فصيل “جيش الشرقية” أقدموا على قطع حوالي 135 شجرة زيتون في قرى استير بريف عفرين وميدانكي بناحية شران بريف عفرين، أمام أنظار القوات التركية دون حسيب أو رقيب.
فيما فرض فصيل السلطان سليمان شاه المعروفة بـ ” العمشات ” إتاوات مالية كبيرة على أهالي كاخرة التابعة لناحية معبطلي (ماباتا) بريف عفرين حيث تراوحت قيمة الإتاوة ما بين 1500 إلى 5 ألاف دولار أمريكي، وقد أمهلوا الأهالي عدة أيام لدفع قيمة الإتاوة مهددين باعتقال أي مواطن يرفض دفعها، مع تلفيق التهم لهم بالتعامل مع “الإدارة الذاتية”.
وأضاف المرصد السوري، أنه في قرية ميدانكي بناحية شران وضع مسلحون محسوبون على فصائل “الجيش الوطني” حاجزا طيارا وقاموا بسلب مواطنين اثنين يستقلان سيارة توزيع مواد الغذائية وما بحوزتهما من هواتف خليوية ومبلغ مالي قدره 15 ألف ليرة تركية.
لماذا يغيب ملف الانتهاكات عن الإعلام واجتماعات “آستانا” ؟
ورغم فظاعة ما ترتكبه فصائل المعارضة في “الجيش الوطني” بحق المواطنين السوريين في المناطق التي تسيطر عليها في شمال سوريا، إلا أن السلطات المحلية لا تحرك ساكناً لإيقاف ممارسات الفصائل، كما أن السلطات التركية لا تتدخل على الإطلاق لوقف الفصائل الموالية لها عن الاستيلاء على ممتلكات المدنيين وقوت عيشهم والاعتقالات التعسفية التي تجري بحقهم، وهذا ما يؤدي بالأهالي لترك منازلهم وأراضيهم والهجرة إلى مناطق أخرى أكثر أمناً.
فيما تتهم جهات محلية، تركيا والفصائل الموالية لها، بتعمد القيام بهذه الممارسات التي يصفونها بأنها ترقى لمستوى “جرائم حرب”، وأن ذلك يأتي في إطار استراتيجية أنقرة “للتغيير الديمغرافي” في المناطق التي تسيطر عليها وإفراغها من السكان الأصليين وخاصة المكون الكردي.
كما أن قضية الانتهاكات الممارسة بحق المواطنين السوريين في هذه المناطق، غائبة بشكل كلي عن الإعلام السوري، سواءً الموالي أو المعارض، إضافة للإعلام العربي، وعن اجتماعات مسار “آستانا” أيضاً، وذلك “لاعتبارات سياسية” على الأرجح.
إعداد: علي إبراهيم