أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – صعدت السلطات التركية من عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين من الأراضي التركية، حتى الذين يحملون الأوراق الخاصة “بالحماية المؤقتة” (الكيملك)، حيث تتم عمليات الترحيل إلى الشمال السوري، ويتم إسكان المرحلين في منازل المهجرين قسراً من السكان الأصليين في المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي وفصائل المعارضة في الشمال.
معاملة غير إنسانية ولا أخلاقية يتعرض لها السوريون المرحلون
وتأتي عمليات الترحيل القسرية في ظل معاملة غير إنسانية وتعرض المرحلين للتعذيب والشتائم والضرب والاعتقال أحياناً، إضافة إلى وضعهم في مراكز احتجاز مؤقتة حتى يتم ترحيلهم عبر معابر تقع تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” و فصائل “الجيش الوطني” الموالي لأنقرة، وتعرض العشرات في الفترات الماضية للاعتقال بغية إجبار عوائلهم لدفع فديات مالية لقاء الإفراج عنهم.
الاستخبارات التركية تنقل 50 عائلة سورية “لنبع السلام”
وفي سياق ذلك، نقلت الاستخبارات التركية وبالتنسيق مع فصيل “الملك شاه” و “فيلق الرحمن” ضمن “الجيش الوطني” الموالين لتركيا، 50 عائلة من مهجري الغوطة بريف دمشق، من عفرين إلى مناطق ما تعرف “بنبع السلام” بريف الحسكة، وجرى إسكانهم في منازل العائلات التي استولت عليها الفصائل الموالية لتركيا في أوقات سابقة.
وسيطرت القوات التركية وفصائل المعارضة المسلحة على مدينتي رأس العين (سري كانيه) و تل أبيض بريفي الحسكة والرقة في عام 2019، وذلك بعد عملية عسكرية شنتها ضد قوات سوريا الديمقراطية تحت مسمى “نبع السلام”، ومنذ حينها لم تتوقف عمليات التهجير القسري للسكان الأصليين وذلك بفعل الانتهاكات المستمرة للفصائل بحقهم، وخاصة المكون الكردي، تحت مرأى ومسمع من السلطات التركية.
“عمليات التغيير الديمغرافي مستمرة في شمال سوريا”
وفي تقرير نشره المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال فيه أن القوات التركية والفصائل الموالية لها تعملان منذ سيطرتهما على مناطق ما تسمى “بغصن الزيتون” والتي تشمل عفرين والنواحي التابعة لها في شمال غرب حلب، على عملية التغيير الديمغرافي أو التركيبة السكانية. وذلك بالتزامن مع حالة فلتان أمني وفوضى انتشار السلاح والاقتتالات بين الفصائل المتناحرة التي دفعت بأغلب العوائل من السكان الأصليين للهجرة لمناطق أكثر أمناً.
ووفق تقرير المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن الفصائل الموالية لأنقرة، لا سيما “الحمزات” و”السلطان مراد” و”ملك شاه” تشرف على عملية توزيع المساعدات في منطقة “نبع السلام”، الذين بدورهم يقومون بتوزيعها على عوائل ومقربين ومسلحين تابعين لها، وإقصاء العوائل المحتاجة من المساعدات، وتشمل المساعدات مواد غذائية وأغطية وقرطاسية وغيرها من المساعدات التي لم تصل إلى غالبية العوائل القاطنة في المنطقة، في ظل الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”.
رأي القانون الدولي بعمليات الترحيل القسرية
ولا تسمح القوانين والمواثيق الدولية وتلك الخاصة بحماية اللاجئين بترحيل اللاجئين من البلدان التي لجأوا إليها بفعل وجود حرب أو صراع مسلح في بلادهم، أو في حال تقديمهم للجوء السياسي، كون وجودهم في بلادهم يشكل خطراً على حياتهم، إلا أن السلطات التركية تتجاهل كل هذه القوانين والدعوات الدولية التي خرجت بإبقاء السوريين كون بلادهم غير آمنة، وتواصل عمليات الترحيل القسري بشكل شبه يومي.
ترحيل 15 مواطناً واعتقال البعض وأحكام بالسجن لسنوات
وسبق أن رحلت قوات حرس الحدود التركية “الجندرما” قبل يومين، 15 مواطناً سورياً من ولاية ماردين التركية بعد أن جرى اعتقالهم وتعذيبهم يوم الأربعاء الماضي.
ووفق ما نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان حينها، فإن عملية الاعتقال جاءت بعد اتهام الأشخاص بالتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية، حيث جرى تسليمهم إلى “الشرطة العسكرية” الموالية لأنقرة في ما تعرف بمنطقة “نبع السلام” بمدينة رأس العين شمال غرب الحسكة، لتقوم “الشرطة العسكرية” باعتقالهم وتعذيبهم في المراكز الأمنية وطلب فدية مالية قدرها 1500 دولار أمريكي مقابل إطلاق سراح المعتقلين.
ووفق المصادر فإن عدداً من المواطنين تم اعتقالهم من قبل “الشرطة العسكرية” وتم احتجازهم في سجن سيء الصيت وصدر بحقهم أحكاماً تصل بعضها إلى 10 سنوات، بالإضافة إلى التعذيب الوحشي عبر الضرب والصعق الكهربائي والترهيب النفسي، مؤكداً إن الفصيل الذي كان يجري عملية التحقيق مع المعتقلين هو فصيل “السلطان مراد” وإن العديد منا أفرج عنه بعد دفع المبالغ المالية ضخمة.
بناء القرى السكنية “المستوطنات” بأموال عربية ومساندة من “الإخوان”
وذكر المرصد أنه في 6 شباط الجاري، أوقفت قوات حرس الحدود التابعة لقوات سوريا الديمقراطية 7 أشخاص كانوا متواجدين قرب الحدود لدخول الأراضي التركية، وتم تسليمهم لقوى الامن الداخلي، للتأكد من هوياتهم، فيما إذا كانوا مطلوبين أو تابعين لتنظيم داعش الإرهابي، ووفقاً للمرصد السوري، فإن هؤلاء سيتم إطلاق سراحهم، في حال لم يكون مطلوبين بعد تعهدهم بعدم الاقتراب من الحدود مرة أخرى لدخول تركيا بطرق التهريب.
وبنت تركيا عشرات القرى السكنية، التي يسميها السكان المحليون “بالمستوطنات” وخاصة ضمن المناطق الكردية، على رأسها عفرين، وذلك عبر جمعيات ومنظمات تابعة لتنظيم “الإخوان المسلمين” الإرهابي، وبأموال عربية، منها قطرية وكويتية وفلسطينية، وتتحدث أنقرة عن إعادة أكثر من 625 ألف لاجئ سوري إلى بلادهم خلال العام الماضي، وذلك في إطار خطتها لإعادة مليون ونصف المليون لاجئ سوري إلى ما تسميها “المنطقة الآمنة”.
إعداد: ربى نجار