أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – كثيراً ما سلطت تقارير إعلامية الضوء على “الانتهاكات والجرائم” التي تقوم بها فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا بحق من تبقى من المواطنين الأكراد السوريين في منطقة عفرين، التي سيطرت عليها تركيا في آذار/مارس من عام 2018، بعد معارك عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية دامت 58 يوما، وغيرها من المناطق السورية التي تسيطر عليها أنقرة.
“انتهاكات بدافع عنصري”.. واعتداء على الممتلكات الخاصة
ومنذ ذاك التاريخ تتحدث تقارير إعلامية محلية، إضافة لوكالات ومنظمات حقوقية محلية ودولية، عن انتهاكات لفصائل “الجيش الوطني” ترتقي بعضها لمستوى “جرائم حرب” و “جرائم بدافع عنصري”، من بينها الجريمة التي طالت العائلة الكردية “بيشمرك” في ريف عفرين عشية احتفال المكون الكردي بعيد نوروز، وهو عيد قومي كردي.
كذلك تقوم الفصائل المعارضة بقطع الأشجار المثمرة والاستيلاء على المنازل للمواطنين المهجرين قسراً وبيع بعضها لمهجرين أو مسلحين آخرين بأسعار رمزية، مع اعتقالات تطال أهالي عفرين الأصليين بحجج وذرائع مختلفة منها “العمل ضمن الإدارة الذاتية سابقاً” و “الموالاة للأحزاب الكردية”، وغالباً ما يتم طلب فديات مالية كبيرة لقاء الإفراج عن المعتقلين.
وسبق أن أعدت منظمات حقوقية وأممية تقارير تحدثت عن “جرائم وانتهاكات” بحق سكان عفرين، وطالبت تلك الجهات من السلطات التركية بوقف دعم الفصائل التي تمارس هذه الانتهاكات بحق المواطنين الكرد، وتقديم الجناة للعدالة، إلا أن أياً من هذه الدعوات لم تطبق من قبل السلطات التركية التي من المفترض إنها مسؤولة عن حماية المدنيين في تلك المناطق على اعتبارها “سلطة احتلال”.
نواب أوروبيين يدعمون إجراء تحقيقات “بالجرائم” المرتكبة بعفرين
وفي سياق ذلك، أصدر 9 أعضاء في البرلمان الأوروبيّ بالعاصمة البلجيكية بروكسل، في الـ5 من شباط/فبراير الجاري، بياناً مشتركاً تحت عنوان “دعم التحقيقات في الجرائم المرتكبة في عفرين/شمال سوريا”.
وجاء في البيان أنه خلال السنوات الـ6 التي سيطرت فيها تركيا وفصائل “الجيش الوطني” على عفرين، ضمن إطار ما يعرف “بعملية غصن الزيتون”، واستمرار الهجوم البري التركي أكثر من شهرين، أدت هذه العمليات لنزوح أكثر من 300 ألف مدني غالبيتهم من المواطنين الأكراد.
“حكم تعسفي”.. وإدانة لاستهداف البنى التحتية في شمال شرقي سوريا
ولفت البيان إلى أنه وبدعم من تركيا فرضت “الميليشيات”، وفق ما وصف البيان، حكماً تعسفياً مستمراً حتى يومنا هذا، ومنذ تاريخ السيطرة التركية على المنطقة السورية، عانى السكان في شمال غرب البلاد، وخاصة المواطنين الأكراد من انتهاكات واسعة النطاق وممنهجة، بما في ذلك أمور تحدث “كالاختفاء القسري والتهجير القسري والاعتقالات التعسفية والعنف الجنسي وتدمير الممتلكات والاستيلاء عليها”.
وجاء في بيان أعضاء البرلمان الأوروبي، أنهم كأعضاء في هذا البرلمان، يدينون بشدة “الاحتلال التركي” للأراضي السورية و “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي ترتكبها فصائل المعارضة الموالية لأنقرة، إضافة للضربات الجوية التركية على البنى التحتية المدنية في شمال شرقي سوريا، والتي حرمت الكثيرين من السكان من الكهرباء والماء.
دعوات لتركيا بالالتزام بمسؤولياتها في المناطق السورية “المحتلة”
وحث أعضاء البرلمان الأوروبي، الاتحاد الأوروبي، وجميع دول الأعضاء فيه، على الانضمام إلى هذه الإدانة لهذه الأعمال، مع الدعوى إلى الحث على الوقف الفوري لهذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في عفرين وغيرها من الأراضي السورية التي تحتلها تركيا.
وأشار الأعضاء في البرلمان الأوروبي، إلى أن تركيا بصفتها كعضو في حلف شمال الأطلسي “الناتو”، إنها تحمل التزاماً بسياسة خارجية متعددة الأطراف وحماية حقوق الإنسان.
وأعلن الأعضاء التسعة من البرلمان الأوروبي، تضامنهم مع الضحايا والناجين من هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، مؤكدين حق الضحايا والناجين غير القابل للتصرف في العدالة.
“الجرائم يمكن التحقيق فيها دولياً”
ووصف الأعضاء في البرلمان ببيانهم المشترك، “الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الموالية لتركيا والإسلامية” بأنها “جرائم حرب بموجب القانون الدولي” ويمكن التحقيق فيها في أي مكان في العالم بموجب “مبدأ الولاية القضائية العالمية”.
وكشف البيان أن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR) وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة (STJ) وشركائهم، بالتعاون مع ستة ناجين من الجرائم، بتقديم شكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام الاتحادي الألماني في 18 كانون الثاني/يناير 2024، للمطالبة بمحاكمة عادلة وتحقيق شامل مع الجناة.
وأشار البيان إلى وجود بعض الجرائم التي قامت بها قوات الحكومة السورية والجماعات الإسلامية المتطرفة، كجبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) و تنظيم داعش، كمحور للتحقيقات في أوروبا.
“الأكراد يعانون في مناطق سيطرة تركيا”
وأكد البيان أن المعاناة التي يعيشها السكان المدنيون ذوو الأغلبية الكردية في شمال غرب سوريا لم تتم معالجتها بعد، وحث البرلمانيون التسعة بقوة المدعي العام الاتحادي الألماني في كارلسروه على بدء تحقيق شامل، مع دعوة الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي إلى الانضمام إلى هذه الجهود، لضمان محاسبة جميع الجهات الفاعلة في الحرب السورية وتحقيق العدالة لجميع المواطنين السوريين.
والنواب التسعة في البرلمان الأوروبي هم كل من “كاترين لانجينسيبين حزب الخضر/التحالف الحر الأوروبي” – “نيكوس باباندريو التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين” – “ديتمار كوستر التحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين” – “مالين بيورك حزب اليسار” – “إيمانويل فراجكوس حزب المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين” – “تينيكي ستريك حزب الخضر/التحالف الحر الأوروبي” – “جان كريستوف أوتجين/حزب التجديد” – “أوزليم ديميريل/حزب اليسار” – “مالتي جالي/حزب الخضر/التحالف الحر الأوروبي”.
إعداد: رشا إسماعيل