أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – بعد 6 أشهر من آخر اجتماع لهم، بدأ ضامنو مسار “آستانا” يوم الأربعاء في العاصمة الكازاخية “نور السلطان” اجتماعهم الـ21، وذلك بعد آخر جولة كانت في حزيران/يونيو من العام الماضي، قال الكثيرون أنها ستكون الأخيرة، في الوقت الذي يقال عن هذه الجولة إنها الأخيرة، والتي تأتي في ظل متغيرات جديدة طرأت على المنطقة، بداية من الحرب في غزة، والتوترات الحاصلة بالمنطقة.
تصعيد عسكري مع قرب كل جولة لمسار آستانا
وكانت الجولة الأولى لهذا المسار “الثلاثي” عقدت في الـ23 و الـ24 من كانون الثاني/يناير عام 2017، وتم الإعلان حينها عن “إقامة آلية ثلاثية لمراقبة الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار”، إلا أن الحرب استمرت حتى يومنا هذا، وبعد تلك الجولة بأيام تدخلت تركيا عسكرياً في منطقة عفرين، بعد انسحاب الجيش الروسي، وسيطرت الحكومة السورية على الغوطة، لتكون بذلك النتائج الأولية للتفاهمات بين هذه الأطراف.
وسبقت أطراف هذا المسار الجولة الجديدة بتصعيد عسكري كبير ضمن الأراضي السورية، حيث شهدت منطقة “خفض التصعيد” خلال الأشهر الماضية، تزايداً ملحوظاً في وتيرة عمليات القصف والاستهدافات المتبادلة، حتى ظن الكثيرون أنها تمهيد “لعملية عسكرية جديدة”.
بينما دمرت تركيا البنى التحتية والمنشآت الحيوية في مناطق الشمال الشرقي، عبر شنها لعمليتين عسكريتين جويتين شاركت فيهما عشرات الطائرات الحربية والمسيرة، أسفرت عن دمار كبير في هذه البنى التحتية وخروجها عن الخدمة وهو ما فاقم الأزمات المعاشة أصلاً في تلك المناطق من نقص الوقود والمياه والكهرباء وسبل الحياة الأخرى.
ما الذي سيتم مناقشته في هذه الجولة الجديدة ؟
وجاء الاجتماع الـ21 على الرغم من إعلان كازاخستان انتهاء هذا المسار، إلا أن روسيا وقتها أعلنت أن “صيغة آستانا” مستمرة كرؤية سياسية جماعية للدول الأعضاء فيها، وأنها ستنتقل للعمل عبر منصة أخرى.
تلا ذلك دعوات عدة للمبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسون بضرورة عقد اجتماع جديد لأطراف هذا المسار وبشكل طارئ، خاصة بعد الحرب في غزة، والتي باتت على وشك الانتقال لسوريا، حيث قال “إن العالم يحتاج إلى إنهاء الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس سريعاً”، وأن “مشكلة غزة بدأت تتسرب إلى سوريا”.
وانطلقت أعمال الجولة الـ21 من المسار يوم الأربعاء بمشاركة الدول الضامنة، ووفدي الحكومة والمعارضة السوريين، والمبعوث الأممي غير بيدرسون، وتستمر هذه الجولة على مدار يومين، وذلك لمناقشة الملف السوري والحل السياسي فيه.
ومن المرجح أيضاً أن تكون خارطة الطريق الروسية لعودة العلاقات بين الحكومة السورية وتركيا على طاولة الحوار، مع التصعيد العسكري لأطراف الصراع في الشمال، وبالتأكيد ملف الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، والتي يتم وصفها من قبل دول هذا المسار “بالانفصالية”.
ما تريد الأطراف المشاركة ؟
بينما سيكون طلب وفد المعارضة، وفق تقارير إعلامية، “وقف عمليات القصف على المدنيين في إدلب وغيرها”، والإلحاح على المجتمع الدولي والأمم المتحدة والأطراف الضامنة في المسار “إيجاد حل لمعضلة المفقودين والمعتقلين”، مع التأكيد على عدم المناقشة في أي نقاط تخص “اقتطاع أي أجزاء من إدلب” وهو ما تريده روسيا وإيران ودمشق.
بينما عن مطالب غير بيدرسون، المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، فإنه سيطلب، وفق المصادر ذاتها، أن يتم إقناع دول محور آستانا، باستئناف أعمال اللجنة الدستورية السورية، من خلال الضغط على “دمشق” والطلب من الروس بالقبول بالعودة إلى اجتماعات اللجنة في جنيف، حيث سبق وأن قال بيدرسون إن “التعطيل في استئناف جولات اللجنة الدستورية لا علاقة له بمسائل الدستور، بل لأسباب خارجية”.
مناقشة “المخاوف الأمنية” لدول الجوار السوري
وكان المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قال أن المفاوضات مع الدول المراقبة “الأردن والعراق ولبنان” ستكون لها الأولوية في اجتماع “أستانا 21”.
وفي تصريحات نقلتها وكالة “تاس” الروسية، قال لافرينتييف إنه “سيتم خلال الاجتماع بشأن سوريا بصيغة أستانا إيلاء اهتمام كبير للمفاوضات مع الدول المراقبة”.
وذكر المسؤول الروسي أنه سيتم عقد اجتماع مع الوفد الأردني “والأخذ بعين الاعتبار الوضع الصعب على الحدود بين سوريا والأردن، وتزايد حالات تهريب المخدرات، مما يسبب مشكلات لدول المنطقة”.
وعن لبنان، قال لافرينتييف إنه “سيتم مناقشة التدفق الكبير للاجئين السوريين مع الجانب اللبناني”، مضيفاً أن “مشكلة اللاجئين السوريين تسبب صداعاً للحكومة اللبنانية”.
أما عن العراق، فأشار مبعوث الرئيس الروسي إلى أن “هناك مجموعة كبيرة من القضايا المعقدة، تتعلق بمحاربة الجماعات الإرهابية، والتهديد الذي يأتي من الحدود السورية العراقية”.
جولة آستانا على وقع احتدام الحروب والصراعات في الشرق الأوسط
وتشهد المنطقة بما فيها سوريا، تصاعداً كبيراً في العنف والحروب والصراعات المسلحة، مع هذه الجولة الجديدة من آستانا، وذلك من الحرب في غزة بين إسرائيل وحماس وتداعياتها على سوريا ولبنان، وعمليات القصف المتبادلة بين مجموعات مسلحة موالية لطهران والتحالف الدولي.
إضافة إلى تهديد إسرائيل بشن “عمل عسكري” على جنوبي سوريا ولبنان، مع تزايد ملحوظ في عمليات تهريب المخدرات إلى الأردن، وما يمكن وصفه “بالتراشق السياسي” السوري الأردني، بعد تنفيذ الأخير غارات جوية داخل الأراضي السورية أسفرت عن خسائر بصفوف المدنيين.
إعداد: ربى نجار