أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يبدو ان الولايات المتحدة نجحت في توريط تركيا ضمن المستنقع السوري، حيث بدأت مؤشرات الهدية الأميركية “المسمومة” للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتضح سريعاً، بعد أن أسفرت العملية العسكرية على مناطق شمال سوريا، عن فرار المئات من تنظيم داعش الإرهابي من مخيّم عين عيسى، وبحسب مراقبين، فإن هذا الفرار يشكل دعما لإعادة داعش مجددا، فيما ذهبت قوات سوريا الديمقراطية إلى الاتفاق مع دمشق ورسيا.
انسحاب القوات الامريكية من سوريا.. وترامب يباغت الحلفاء
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ان بلاده ستسحب من تبقى من جنودها من شمال وشرق سوريا، الأمر الذي اعتبرته قسد “طعنة في الظهر”، كذلك يمثل انسحاب القوات الأمريكية فسح المجال أمام عملية عسكرية تركية ضد قسد، ويقول مراقبون، عن قاعدة ترسم سياسات الولايات المتحدة تجاه الأزمات في العالم وهي “ليس من مصلحة الولايات المتحدة حل جميع الأزمات في العالم، وإنما المصلحة في المسك بخيوط اللعبة وتوظيفها حسب المصالح”.
وباغت الرئيس الأمريكي خصومه عندما أعلن سحب قوات بلاده من سوريا وترك “الأكراد” يواجهون مصيرهم بأنفسهم، حيث سيواجه المقاتلون في قسد الذين هزموا تنظيم داعش في مساحة كبيرة من سوريا بمساعدة أميركية، صعوبة في صد الجيش التركي وحلفائه من الفصائل السورية، الذين اندفعوا عبر الحدود في هجوم تهدد به أنقرة منذ فترة طويلة.
الضوء الأخضر الأمريكي.. وترامب لن يغفر لأردوغان لسبب واحد
ويسمح الضوء الأخضر الأميركي للحليف الأطلسي الذي لن يجِد أحداً يمنعه من اجتياح شمال سوريا وإقامة منطقته الآمنة المزعومة، وبالعمق الذي يريد ما دام الذي دفعَ وسيدفع الثمن هو سوريا وشعبها ووحدة أراضيها، وسيؤسّس مُجدداً لإحياء مُخطَّط تقسيم سوريا. ومن المرجَّح أن يخلق الانسحاب الأميركي فراغًا في المنطقة قد يفيد الحكومة السورية الذي هدَّد باستعادة الأراضي بالقوة.
وبالعودة للعلاقات المتوترة بين واشنطن وأنقرة، يرى مراقبون، “أن الرئيس ترامب لن يغفر لنظيره التركي أردوغان اقتناءه لصفقة الصواريخ الروسية أس-400 مقابل إهمال الصواريخ الأميركية الباترويت فقدّم له “مستنقع شمال شرق سوريا” كهدية ملغومة تؤسّس لتصادم وشيك بين القوى الفاعلة في الملف السوري
اتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية لصد “العدوان التركي”
وبسبب الانسحاب الأمريكي، الأحد، قامت قوات قسد والإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بالاتفاق مع الحكومة على أن يسيطر الاخير على الشريط الحدودي بين المناطق التي تسيطر عليها قوات قسد، وبين القوات التركية .
وقالت الإدارة الذاتية في بيان لها، “أن وحدات من القوات الحكومية السورية تستعد لدخول منطقة عين العرب في محافظة حلب، بناء على اتفاق بين الحكومة وقسد برعاية روسية”، حيث يقضي الاتفاق حسب وسائل إعلامية، لدخلو 10 آلاف جندي والانتشاء على الحدود لسورية التركية.
هذه الخطوة حسب مراقبين، تغلق الباب أمام “ادعاءات” أنقرة التي تصفها “بتهديد الأمني القومي التركي”، وبذلك لن توجد أي ذريعة لتركيا لاستمرار “الغزو التركي” كما بدأت الطائرات الروسية بالتحليق على مناطق في عين العرب ورأس العين كجزءٍ من الحظر الجوي.
وبحسب الخبير في الشؤون الكردية والتركية خورشيد دلي، الذي قال عن الاتفاق بين الإدارة الذاتية والحكومة السورية، “أن الاتفاق يعني انتهاء مقولة إن الكرد انفصاليين ويريدون تقسيم سوريا، وهذا يعني انتهاء حجة تركيا ان الكرد يهددون أمنها القومي”، وأضاف، “انتصار السوريين لوحدتهم وضرورة توجيه البوصلة لتحرير باقي الأراضي السورية من الاحتلال التركي”، مشيراً إلى أن ذلك يعد “انتصاراً كبيراً لروسيا وهزيمة مدوية لأميركا”، منوهاً أن ذلك يدل على أن “روسيا هي العليا في تحديد شكل الحل السياسي للأزمة السورية”.
فهل سيتمكن الاتفاق الجديد من قطع الطريق أمام أنقرة للتمدد أكثر في شمال وشرق سوريا، في ظل على مايبدو تخلي كل الحلفاء عن قوات قسد، بعد أن أنهت داعش لمصلحة المجتمع الدولي بأكمله قبل أن يكون لمصلحتها، يقول مراقبون.
إعداد: علي إبراهيم