أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – تتزايد المخاوف العربية والإقليمية والدولية من اتساع رقعة الحرب الدائرة في غزة وامتداداها لدول الجوار الفلسطيني، وخاصة سوريا ولبنان، اللتان تعيشان حالة من الاستنفار والتأهب العسكري والتوتر الأمني، في ظل عمليات قصف متبادلة بين القوات الأمريكية والتحالف الدولي من جهة، ومجموعات مسلحة موالية لإيران وأخرى عاملة مع “حزب الله” اللبناني.
“حرب الاغتيالات”.. استراتيجية إسرائيلية لمواجهة حماس وحزب الله
وما زاد من هذه المخاوف سلسلة عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل بحق قادة لحركة حماس و”حزب الله اللبناني” خلال الأيام العشر الأولى من عام 2024، وسط حديث إسرائيلي سابق عن اعتمادها “استراتيجية جديدة للحرب ضد حماس والجهات الداعمة لها” تقوم على أساس “اغتيال قادة الحركة الفلسطينية وحزب الله” في دول المنطقة.
الأمور بدأت مع عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، عبر ضربة لطائرة مسيرة إسرائيلية طالت موقعاً للحركة الفلسطينية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، أسفرت أيضاً عن مقتل وإصابة 6 أشخاص آخرين بينهم قياديون عسكريون في كتائب القسام، وفق تقارير إعلامية.
حينها توعدت حماس و”حزب الله” المجموعات المسلحة الموالية لطهران، بتصعيد الحرب ضد إسرائيل “انتقاماً للقادة الشهداء”، ومنذ حينها تعرضت قواعد ومواقع عسكرية إسرائيلية شمال فلسطين وجنوب لبنان لعمليات قصف، إضافة لقواعد التحالف الدولي في كل من سوريا والعراق لعدد من الهجمات سواءً عبر الصواريخ والقذائف والطائرات المسيرة.
مساعي أمريكية للتهدئة.. وإسرائيل تواصل “اغتيالاتها”
وبالتزامن مع مساعي الولايات المتحدة لتهدئة الأوضاع في المنطقة وعدم تطور وامتداد الحرب في غزة إلى سوريا ولبنان بشكل خاص، بعثت بوزير خارجيتها انتوني بلينكن للمنطقة لعقد سلسلة اجتماعات مع قادة ورؤساء العرب للمساعدة في تخفيف التوتر ومنع أي تصعيد وحرب جديدة، ويبدو أن إسرائيل غير راضية من سياسة حليفتها الأولى؛ واشنطن في الحرب، حيث لاتزال مستمرة باستراتيجية “حرب الاغتيالات”.
وفي هذا السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الإثنين، اغتيال “حسن عكاشة” وهو قيادي في حركة “حماس” بالقرب من العاصمة دمشق، حيث تتهمه إسرائيل “بالوقوف وراء إطلاق الصواريخ من سوريا” نحو الأراضي التي تحتلها إسرائيل في الجولان السوري.
ولفت بيان الجيش الإسرائيلي، أن “عكاشة” تم اغتياله في بلدة بيت جن بريف دمشق، وحمل الجيش الإسرائيلي، الحكومة السورية، مسؤولية كل الأنشطة والهجمات التي تشن من أراضيها.
ويعتبر عكاشة القيادي الثاني في “حماس” الذي تغتاله إسرائيل في غضون أسبوع، وذلك بعد عملية اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة في ضاحية بيروت في لبنان.
بعد “عكاشة”.. اغتيال قيادي آخر “لحزب الله”
وتقول تقارير إعلامية إسرائيلية، بأن حماس شكلت فرعاً لها في دمشق، ويضم عشرات العناصر، ويتركز معظم نشاط الفرع في مخيمات اللاجئين في سوريا وقطاع دمشق وجنوب البلاد في محافظات القنيطرة ودرعا.
ولم تمضي 24 ساعة، على اغتيال “عكاشة” حتى أعلنت إسرائيل، اغتيال قيادي في “حزب الله” اللبناني، قالت أنه مسؤول عن شن الهجمات بالطائرات المسيرة على المواقع الإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن “علي حسين برجي” تم اغتياله بضربة لطائرة مسيرة في بلدة خربة سلم، كما أدى الاستهداف لإصابة 3 أشخاص آخرين.
جاء ذلك خلال تشييع القيادي الآخر في حزب الله اللبناني، وسام الطويل، الذي اغتيل بضربة إسرائيلية الاثنين، بالبلدة الحدودية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، هاغاري، بأن “حسين برجي” قاد العشرات من الهجمات بطائرات مسيرة على إسرائيل، وأضاف، “قبل تصفيته تمت أيضًا تصفية خلية مطلقي طائرات مسيرة من الوحدة الجوية لحزب الله والتي كانت في طريقها لإطلاق طائرات مسيرة متفجرة نحو أهداف في إسرائيل”. وفق تعبيره.
“حزب الله” يبدأ مرحلة الرد.. وقصف على قواعد التحالف في سوريا
ورداً على عمليات الاستهداف هذه، أعلن “حزب الله” الثلاثاء، استهداف موقعين للجيش الإسرائيلي أحدهما مقر قيادة المنطقة الشمالية في مدينة باستخدام المسيرات الهجومية الانقضاضية، ولفت الحزب في بيان له إلى أن عمليات الاستهداف هذه هي في “إطار الرد على جريمة اغتيال القائد العاروري واخوانه”.
أما في سوريا، فقد تعرضت قاعدة “حقل كونيكو” للجيش الأمريكي وقوات التحالف لهجومين عبر طائرات مسيرة، وفي التفاصيل، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قاعدة “كونيكو” بريف دير الزور تعرضت لهجومين عبر طائرات مسيرة خلال ساعات، فيما حاولت المضادات الأرضية الأمريكية التصدي للطائرات، دون أي معلومات عن خسائر بشرية أو إصابات.
وسبق أن تعرضت قواعد أمريكية وللتحالف الدولي لأكثر من 100 هجوم من مجموعات مسلحة موالية لإيران في مختلف المناطق الشرقية والشمالية الشرقية السورية.
يأتي ذلك في وقت لاتزال تعزز القوات الأمريكية والتحالف من تواجدها العسكري في شمال شرقي سوريا، عبر إرسال طائرات الشحن إلى قواعدها في محافظة الحسكة، مع إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية والأسلحة الثقيلة في قواعد ريف دير الزور.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، تعرض القواعد الأمريكية داخل الأراضي السورية منذ تاريخ 19 تشرين الأول 2023 الفائت، لـ 84 هجوما من قبل المجموعات المسلحة الموالية لإيران.
وتأتي هذه التطورات العسكرية في المنطقة، لتزيد المخاوف العربية والإقليمية والدولية من اتساع دائرة الحرب في غزة وامتدادها بشكل خاص لسوريا ولبنان، وسط تلميح إسرائيلي بإمكانية أن يتم توسيع جبهات الحرب لتشمل جنوب سوريا ولبنان وتكرار سيناريو غزة في هذه المناطق، وسط تحذيرات جدية من أن أي توسيع للحرب وخروجها من غزة قد يجر المنطقة لحرب شاملة.
إعداد: علي إبراهيم