اعتراف المتحدث باسم البنتاغون بوجود تنسيق مع القوات الأمنية العراقية يضعنا أمام سؤال كبير حول وجود تواطؤ داخلي لتذويب الحشد الشعبي الذي يدّعي البعض أنه كان شرطاً أميركيا للقبول بحكومة الإطار.
الأيام القادمة تحمل الكثير من الأحداث
بأسلوب وسيناريو مشابه لحادثة المطار لاغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبومهدي المهندس وقائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني نفذته طائرة مُسيّرة باستهداف مباشر للمركبة التي كانت تقلهما، تم استهداف القيادي في ميليشيا النجباء “أبوتقوى السعيدي” ومرافقيه في شارع فلسطين وسط بغداد.
حادثة قال عنها المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون بات رايدر خلال مؤتمر صحفي “إن واشنطن قالت منذ فترة طويلة إنها تحتفظ بالحق في الدفاع عن النفس وستتخذ الإجراءات اللازمة لحماية أفرادها”، لكن الغرابة والعجب في حديث رايدر أن قوات الأمن العراقية قدمت المساعدة في تحديد بعض الحالات التي نفذ فيها وكلاء إيران هجماتهم ضد الولايات المتحدة، مُثمناً ذلك الدعم بشدة!
حديث رايدر أثار شكوكاً حول وجود تعاون وبعض الخيوط الخفية لخلايا داخل الأجهزة الأمنية تنسّق مع الجانب الأميركي.
◙ اعتراف المتحدث باسم البنتاغون بوجود تنسيق مع القوات الأمنية العراقية لاستهداف بعض القيادات في الحشد الشعبي يضعنا أمام السؤال الكبير حول وجود تواطؤ داخلي لتذويب الحشد الشعبي
من جانبه لم يتضح الموقف العراقي سوى بغلق المنطقة الخضراء من جانب السفارة الأميركية خوفاً من استهداف الصواريخ والمسيّرات لها، وتشكيل لجنة من قبل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لوضع الترتيبات اللازمة لجدولة انسحاب التحالف الدولي من العراق، مع أن تشكيل هذه اللجنة وعملها ليس بجديد فقد تم تشكيلها في عهد حكومات سابقة.
يتناقل العراقيون أن الطائرات الأميركية ألقت منشورات من الجو تطلب منهم الابتعاد عن جميع مقرات الميليشيات حيث بدأت تصفيتهم وقتلهم. النداء الأميركي يعني أن الطائرات الأميركية قد بدأت عملياتها في كل المحافظات بعد أن وصلت إلى داخل بغداد.
“الله لا يوفقني” يبدو أن حديث السوداني أثناء زيارته إلى أحد المستشفيات في العاصمة بغداد واطّلاعه على رداءة الخدمة المقدمة للمرضى وانتقاده لها في بداية تسلمه رئاسة الوزراء كانت في ساعة استجابة، بدليل الموقف المأزوم الذي لا يُحسد عليه والمتأرجح بين صواريخ الفصائل المسلحة ومسيّراتها وبين الانتقام الأميركي الذي بدأ يأخذ شكلاً يوحي بأن العراق أصبح ساحة حرب وامتدادا لحرب غزّة، وهذا يعني أن البلد قد دخل الحرب مُجبراً وليس مُخيّراً بالرغم من محاولات حكومة السوداني النأي عن هذه الحرب.
من الجانب الاقتصادي فإن العراق ومن خلال استقراء الواقع الاقتصادي سيدخل ضمن حيز الحصار الاقتصادي، واعتباراً من العاشر من كانون الثاني – يناير 2024، إذ لن يعود بمقدور البنك المركزي العراقي الحصول على نقد الدولار حيث سيتم تحويله إلى مصرفين إحداهما في ماليزيا والآخر في سنغافورة، لتقوم بصرف حوالات الاستيراد بعملة البلد الذي تستورد منه، وهناك ثلاثة بنوك أخرى تصدر أوامر التحويل، أحدهما البنك الأهلي في عمان ومصرفان آخران في الإمارات، وهي آلية عمل قد تكون أعقد وأصعب من مذكرة التفاهم “MOU” والتي كانت تدعى “النفط مقابل الغذاء” حين أُبرمت في عهد النظام السابق أيام الحصار الاقتصادي على العراق جراء اجتياحه دولة الكويت عام 1990.
في الذكرى الثالثة لحادثة المطار تم تكرار السيناريو بصواريخ استهدفت موكب قيادات النجباء من طائرة مسيّرة كانت تتبعهم عند دخولهم الأراضي العراقية قادمين من سوريا، مما يعني أن البنتاغون يحمل في جعبته الكثير من المعلومات عن تلك القيادات وهذا هو الخرق الأمني الذي يتحدث عنه العراقيون.
القادمات من الأيام تحمل الكثير من الأحداث، وربما الزلازل السياسية للعراقيين الذين ضاع عليهم الاستقرار، وباتوا في فوضى سياسية لا يُعرف لها طريق للخروج.
اعتراف المتحدث باسم البنتاغون بوجود تنسيق مع القوات الأمنية العراقية لاستهداف بعض القيادات في الحشد الشعبي يضعنا أمام السؤال الكبير حول وجود تواطؤ داخلي لتذويب الحشد الشعبي الذي يدّعي البعض أنه كان شرطاً أميركياً للقبول بحكومة الإطار التنسيقي.
ويبقى العراق الفاقد لسيادته أرضاً وبراً وجواً تتقاذفه الأمواج المتوائمة من الداخل والخارج في إبقائه مُنهاراً وضعيفاً وبانتظار مفاجآت أخرى.
سمير داود حنوش – كاتب عراقي – العرب اللندنية
المقالة تعبر عن رأي الكاتب والصحيفة