أوغاريت بوست (مركز الأخبار) – يكاد يدخل الحراك الشعبي في محافظة السويداء الشهر الخامس مع استمرار المظاهرات المطالبة “بإسقاط النظام” و “الانتقال السياسي للسلطة” و “تطبيق القرارات الدولية والأممية حول الملف السوري وعلى رأسها 2254″، إضافة إلى التأكيد على أن الحلول في ظل ما تشهده المحافظة من “فساد حكومي” هو “الإدارة الذاتية” التي كثر الحديث عن تطبيقها في المحافظة في الآونة الأخيرة.
وشهدت الأشهر الماضية من عمر الحراك الشعبي محاولات عدة لتشكيل تكتلات سياسية تهدف بالدرجة الأولى إلى تنظيم التظاهرات إلى جانب تلقي الشيخ حكمت الهجري زعيم الطائفة الدرزية في السويداء اتصالات عديدة من مسؤولين غربيين أكدوا فيها على مطالب المتظاهرين المشروعة.
دمشق فشلت في المراهنة على الوقت وتجاهل المطالب
وكانت الحكومة السورية راهنت كثيراً على “عامل الوقت” و “تجاهل المطالب” لإفشال الحراك الشعبي السلمي في محافظة السويداء، إلا أن هذا الرهان سقط مع استمرار الحراك واتساع رقعته وازدياد الدعم الشعبي له، وهو ما أكدته أوساط سياسية محلية، بأن الحراك الشعبي في السويداء لاتزال تركز على قضيتين رئيسيتين وهما “إسقاط النظام و تطبيق 2254″، حيث قال الأمين العام لحزب اللواء السوري المعارض، مالك أبو الخير، أن المطلبين هما “مطالب الشعب السوري”، ولفت إلى أن القرار الأممي مطروح منذ سنوات ويصعب تحقيقه وبالتالي فإنهم بحاجة إلى النظر لأهداف ورؤية جديدة يمكن من خلالها إخراج جنوب سوريا كمرحلة أولى من واقع الاحتلالات المتعددة الموجودة فيه.
وفي الوقت الذي خرجت فيه الاحتجاجات الشعبية في السويداء من شكلها الفوضوي وتحولها لحراك شعبي سلمي منتظم ولديه أفكار وآراء موحدة، فإن الحراك في المحافظة أفرز مجموعة من الأفكار والرؤى السياسية وبعض التيارات، وفق ما أكده الأمين العام لحزب اللواء السوري، واعتبر أن ذلك “أمر صحي جداً حتى لو اختلفت هذه التيارات فذلك يعتبر خطوة أساسية لبناء عمل ديمقراطي سياسي قادم نستعيد من خلاله بناء رؤية سياسية ديمقراطية”، وأكد أنهم ينظرون للاحتجاجات على أنها “أنتجت حالة سياسية صحية جديدة تحتاج السويداء لها وهذا شيء إيجابي”.
هل تحقق المظاهرات أهدافها ؟.. “والإدارة الذاتية” هي الحل
وفي ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تطورات ساخنة منها الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وتصاعد العنف والعمليات العسكرية في الشمال السوري، يعتقد الكثيرون أن المظاهرات في السويداء قد لا تحقق أي نتائج مع غياب الضغط والتسليط الإعلامي والانشغال الدولي بما يحدث في المنطقة، ولا يدفع الحكومة السورية إلى تنفيذ هذه المطالب، وهو ما وافقه الأمين العام لحزب اللواء السوري، حيث قال “أن خروج المظاهرات لوحدها لا يحقق هذه المطالب”.
وأكد السياسي السوري المعارض أن “السويداء بحاجة للنظر من زاوية جديدة وحزب اللواء السوري يعمل في هذا الإطار وهو طرح مفهوم الإدارة الذاتية أو اللامركزية الإدارية والعمل على تقديم الخدمات بعيداً عن فساد الدولة لأن المظاهرات لن تحقق هذا الشيء”، وقال أن “المظاهرات لن تستطيع أن تغير منظومة الفساد الكبيرة الموجودة في كامل الأراضي السورية، بالعكس نحن اليوم نرى بأن “النظام” رغم المظاهرات يزيد فساده”.
السويداء على طريق “الإدارة الذاتية/اللامركزية”
وسبق أن عمل “حزب اللواء السوري” عبر بعض المجموعات لتقديم خدمات للمجتمع في السويداء وذلك كبديل لمؤسسات الدولة التي يقول أهالي المحافظة أن وجودها وعدم وجودها بات الشيء نفسه، وهنا يؤكد السياسي السوري مالك أبو الخير، أن بالنسبة لهم كحزب “اللواء السوري” رأوا “بأن الحل هو تطبيق الإدارة الذاتية ونحن ذهبنا بهذا الاتجاه من خلال إنتاج مؤسسات بديلة لمؤسسات الدولة وكانت أول مؤسسة هي مؤسسة المياه التابعة لحزب اللواء العاملة ضمن محافظة السويداء بالإضافة إلى مكتب العمل والبلديات”.
ويضيف الأمين العام “لحزب اللواء السوري” أن الحكومة ليس لديها شيء لتقديمه بالأساس للمتظاهرين، حيث أنها غير قادرة على محاربة الفساد والعصابات والمخدرات، وبالتالي لا تستطيع تطبيق أي طلب من مطالب المحتجين، كما أنها لا تستطيع استخدام العنف تجاه المتظاهرين في السويداء، وبالتالي فإن دمشق ليس أمامها سوى تجاهل هذه المطالب والحراك الشعبي، وهي تراهن على توقف المظاهرات أمام قدرة المحتجين على الاستمرار.
ومع قرب دخول الحراك الشعبي في السويداء، يتسائل الكثيرون حول مستقبل هذا الحراك، وهنا يجيب الأمين العام “لحزب اللواء السوري” مالك أبو الخير، أن “الحراك الشعبي قدم حالة مدنية وسلمية رائعة جداً وهذه رسالة مهمة حيث نأمل أن يبقى الحراك بإطاره السلمي المدني الحضاري كونه هو الوحيد القادر على تحقيق النتائج وإن كان على المدى الطويل وليس القصير.. نتمنى أن يبقى الحراك سلمياً مدنياً وأن يبقى يقدم هذه الصورة الرائعة الحضارية التي نفتخر بها”.
“تشكيل قوات أمنية في السويداء”
يشار إلى أن “الإدارة المجتمعية” في السويداء أعلنت عن تشكيل “قوى أمن داخلي” خلال بيان حصلت شبكة “أوغاريت بوست” الإخبارية على نسخة منه، وأشارت فيه إلى أن هذه القوى الأمنية مهمتها الحفاظ على أمن واستقرار المحافظة، و “سحب سطوة حزب البعث وإزالة آثاره وأفكاره ومحاسبة المتورطين بتقاريرهم الكيدية بأذى للأشخاص”.
واعتبر البيان أن المؤسسة الأمنية في المحافظة هي تابعة “لحزب البعث” ويتغلغل فيها الفساد و “أداة لممارسة السلطة الاستبدادية”، وشدد البيان على أن هذه المؤسسة أهملت الأوضاع الأمنية في المحافظة ودعمها “لعصابات القتل والنهب بواسطة الأفرع الأمنية”.
وقال البيان أن “قوى الأمن الداخلي في السويداء” حالة منظمة من عناصر متطوعين منضبطين يعلون قيم الإنسان ويكونوا عوناً للأهالي والمجتمع والمساهمة بالحفاظ على الأمن المحلي”.
إعداد: ربى نجار